يدفع وجود العجز والنقص في أعداد المعلمين بعض المدارس إلى تقليص الحصص الدراسية في الجداول الدراسية وإلغاء ساعات النشاط، ولم تعد "240" دقيقة من النشاط الحر للطلاب أسبوعيًّا التي عولت على نجاحها وزارة التعليم وما زالت، وكانت مقررة بمعدل 4 ساعة أسبوعيًّا من الأحد إلى الأربعاء لم تعد مثار جدل الْيَوْمَ بعد أن هدأ الضجيج حولها؛ حيث اضطرت مدارس لتقليصها ودمجها أو إلغائها أو عدم تطبيقها أصلًا؛ بحجة "العجز" في المعلمين وعدم توافر الإمكانات المادية والبيئات التعليمية المناسبة لممارسة تلك الأنشطة. ويتساءل كثيرون حول مدى نجاح الوزارة وفاعلية برامجها وخططها واستراتيجياتها الساعية لتطوير التعليم؛ ومنها "ساعة النشاط" في ظل "العجز" والنقص المتكرر في أعداد المعلمين والذي تعاني منه إدارات ومكاتب ومدارس التعليم سنويًّا. وطبقًا لمخاطبات بين مدير إحدى المدارس المتوسطة الرائدة بالرياض ومدير مكتب التعليم التابعة له؛ اقترح الأخير اللجوء إلى آلية سد العجز (إجراءات القائد) من خلال الاستفادة من طلاب التربية العملية بالجامعات في التدريس، وكذلك تجميع الطلاب في مادة العجز بقاعة كبري مهما كان عددهم، وذلك بحسب آلية التعامل مع العجز حسب آلية سد العجز. وهذا العجز الذي تعاني منه بعض المدارس في أعداد المعلمين يضع تصريح وزير التعليم الدكتور أحمد بن محمد العيسى السابق عن وجود الفائض في مأزق التناقضات والمفارقات. ونصًّا: قال الوزير العيسى خلال مداخلته المثيرة للجدل العام الماضي في ملتقى عمداء كليات التربية السابع "16 جمادى الأولى 1438": "إنكم تعرفون أن هناك أعداداً كبيرة تتخرج في كلية التربية، وهذه الأعداد تضيف عبئاً على وزارة التعليم؛ لإيجاد فرص وظيفية لهم، وكما تعرفون أن النظام التعليمي يوجد به فائض في المعلمين والمعلمات، ولا يوجد نقص حتى نضخّ هذه الأعداد المتزايدة من المعلمين والمعلمات، ومن برامج الدبلوم التربوي أو من برامج كليات التربية، وبالتالي نحتاج إلى ترشيد للأعداد المقبولة في كليات التربية، التي تخرج إلى سوق العمل؛ حتى نستطيع في السنوات القادمة أن نتعامل مع أعداد قليلة ومتمكنة وقادرة على أداء الواجب، هذا يتطلب ربما إعادة هيكلة شاملة لكليات التربية وقدرتها على تطوير الكفاءات البشرية". وللحد من تفاقم إشكاليات عجز المعلمين، كان وزير التعليم قد أصدر توجيهًا يطالب فيه الإدارات بمنع تكليف شاغلي الوظائف التعليمية بأي مهام إدارية أو مالية، والتقيُّد بالتشكيلات المدرسية والمقاعد المخصصة لها. وجاء في تعميم الوزير "17/5/1438هـ": أنه يجب الالتزام بقرار مجلس الخدمة المدنية الذي لا يجيز تكليف من يشغل وظيفة تعليمية بأحد المستويات الواردة في سلم الوظائف التعليمية بأعمال غير مشمولة باللائحة، سواء في وزارة التعليم أو في غيرها من الجهات الأخرى، ويجوز عند الضرورة تكليفهم بأعمال وظائف تعليمية شاغرة فعلًا أو حكمًا غير مشمولة باللائحة والمحددة مسمياتها ومراميها في دليل تصنيف الوظائف، وذلك وفق ضوابط تضعها وزارة الخدمة المدنية بالاتفاق مع وزارة الجهات التعليمية والتدريبية ذات العلاقة. من جهة أخرى يواجه الطلاب المعلمين "المتدربين" في مادة التربية العملية من الجامعات بسلاح المعرفة النظرية فقط صعوبات وتحديات، وهم يمارسون التدريس ويواجهون الطلاب والمواد الدراسية لأول مرة في جداول قد تصل إلى 12 حصة في الأسبوع. وقد يجد بعض الطلاب المتدربين "المطبقين" كما يحلو للطلاب تسميتهم؛ صعوبات مهنية ومعرفية ونفسية تتعلق بالانضباط وإدارة الصف وضبط الطلاب؛ نظرًا لقلة الخبرة والممارسة، وربما النضج الانفعالي والتحكم مع غياب الحوافز المادية والمعنوية لهم. وتتفاقم مشكلة عدم الانضباط مع علم الطالب أن "المعلم/ المتدرب" لا يملك أي صلاحيات في المادة التي يدرسها من قبيل الخصم من الدرجات والنجاح والرسوب، وحتى في وضع الاختبارات النهائية في بعض الأحيان. وفِي هذا الصدد دعا البروفيسور في التربية وأستاذ الدراسات العليا في أصول التربية والمقارنة بجامعة جدة "الدكتور صالح بن يحيى الدوسي الزهراني"، وزارة التعليم إلى محاكاة تجربة طبيب الامتياز وتطبيقها على طلاب كليات التربية للإسهام في جودة وكفاءة مخرجاتها من المعلمين والمعلمات. وقال في تصريح سابق لـ"سبق": "الموضوع حول فكرة معلم الامتياز كما يوجد طبيب امتياز، لم لا يوجد معلم امتياز، طبيب الامتياز يمارس المهنة لمدة عام كامل مكثف، ويضاف تفرغ كامل له، ويعد له أفضل المستشفيات وأفضل الأساتذة للمتابعة". وتساءل: "لم لا يكون هناك عام كامل لتدريب طلاب كليات التربية في مدارس مثل المستشفيات التعليمية مدارس تعليمية تتبع للجامعات فيها بنية تحتية مميزة، فيها الطرائق والوسائل، فيها أفضل الطاقات والقدرات، سواء من القيادات أو المعلمين المتعاونين؛ حتى تصبح تلك المدارس متميزة تلفت نظر الآباء ليلحقوا أبناءهم بها". وأضاف: "نريد أن تمتد فترة التدريب الميداني في التربية العملية إلى سنة وسنتين، أمَّا أن يأتي في شهرين آخر فصل ثم توزع الجداول بعد شهر وينتهي قبل شهر، فهذا لا يؤدي إلى تحقيق الثمرة المرجوة".
مشاركة :