جرعة تحتفي بالكتاب ومنابع المعرفة في شهر القراءة بالإمارات.. تطلّ على عناوين مازالت محمّلة برائحة المطابع.. تبرز إهداءات إلى البلد الطيّب أو لأعزاء محلّهم القلب، وتغريدات من عالم غير افتراضي، واقتباسات من ندى الماضي البعيد، وغيرها مما تيسّر.. علّها تكون إشارات إلى حدائق ذات بهجة: الكتب في شهرها. بحب المحيطين بها، وبالقبض على مسبحتها البيضاء، والرغبة في تحقيق مزيد من الأحلام والكتابات المؤجلة؛ واجهت ــ وما زالت تواجه، أنيسة عصام حسونة محنتها، والمرض «اللي ما يتسمّى»، الذي يخشى كثيرون النطق حتى باسمه، إذ داهمها «بدون سابق إنذار»، كما تروي الكاتبة والنائبة في مجلس الشعب المصري، أنيسة عصام حسونة، قصتها مع السرطان، في إصدار يحمل العنوان نفسه. وسط حياة حافلة بالمسؤوليات والصعود والظهور على الشاشات، فوجئت سيدة هذه الحكاية بالإصابة بالمرض، بعد تحليل في منتصف عام 2016، لتتباطأ يومياتها المتسارعة، وتأخذ منحى آخر، فبدلاً من الذهاب إلى جلسات مجلس النواب، تجد نفسها وسط جلسات العلاج الكيمائي بمصر، وبعد أسابيع تستفتي أحد الأطباء البريطانيين في لندن عن آمال الشفاء، وما تبقى من العمر، فتتلقى رداً صادماً، ثم تخضع لجراحة في ألمانيا، وتتابع المسيرة متمسكة بالأمل وعدم الاستسلام أو رفع الراية البيضاء أمام ذلك «الخبيث»، الذي قد يكمن في حيز خفي ما من الجسد، ثم يعود ليضرب من جديد بعد سنتين، أو ثمانٍ، أو حتى 10، كما قال أكثر الأطباء المتفائلين. المزيد من الذكرياتللإطلاع على الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط. بتفاصيلها الدقيقة، وأسماء الأحبة المحيطين، وتجربة تعتقد أنها كانت سبباً ما في إعلان المرض عن نفسه.. تروي المؤلفة قصتها مع المرض الخبيث، بعد فترة من التردد: «لعلها تنفع غيري، أو تخفف عنه أو تشجعه على الصبر والمقاومة، أو تخبر أحفادي بالمزيد عن جدتهم التي امتلأ قلبها بحبهم، وتترك لابنتيَّ المزيد من ذكرياتنا معاً، وكيف كنا مترابطين». من غير اللائق تلخيص يوميات مواجهة المرض، لاسيما حينما يكون بوزن ذلك الشرس الذي يدعى «كانسر»، كما يحاول البعض تخفيف وقعه باللجوء إلى الاسم الإنجليزي، وليس العربي، وتجربة أنيسة حسونة تبوح بالكثير من البداية، ورحلة المقاومة التي مازالت مستمرة، ولعل إنجاز الكتاب، فصلاً من فصول الدعم المعنوي للذات وللآخر.. كلمة تعلن بها المؤلفة لنفسها أنها ستكافح بكل ما تملك، وكذلك للآخر الذي سيجد تجربة مشابهة يشحذ بها عزيمته، ويسند بها ذاته كي لا يتسرب إليها اليأس، وحينها تكون النهاية. محطات لا تتدعي صاحبة هذه الرحلة مثالية ما، إذ لا تخلو اليوميات من محطات انتكاسات، ولا تنكر أنها تمنت أدوية «القتل الرحيم» في تداعيات ما بعد الجراحة بألمانيا، لكنها تجاوزت كل ذلك بدعم من حولها. تَعبر أنيسة الكثير من الحواجز، وتبوح بتجربتها، لتشجع أخريات، ولتدعم من يعانين في صمت، نساء يخطفهن ذلك المرض الخطر وهن يؤدين أعمالهن متفانيات في خدمة الأبناء والأزواج. كما تنصح رفيقاتها في الكفاح برفع رؤوسهن، وعدم الحياء من علامات المرض الخبيث، وما تتركه معارك الصراع معه، وممارسة الحياة والتمتع بها، والفضفضة حتى بالهموم والأحزان لو استدعى الأمر. وتكتب أنيسة حسونة، قبل الختام بقليل: «نصيحتي أن ترفعي رأسك بثقة وتحدٍّ يا زميلة الكفاح العزيزة في عالم السرطان، فلن يصيبك إلا ما هو مكتوب لك، وما دام الأمر كذلك فحاولي أن تستمتعي وتحتفلي بكل دقيقة متبقية لك في هذا العالم وسط أحبائك، ولتحددي أولوياتك وأمنياتك». وبشكل عملي تسوق قائمة أمنياتها، والأحلام التي ستعمل على تحقيقها، والأحبّة الذين ستقول لهم في كل لحظة عن مدى ما تحمله لهم من مودة ومشاعر في القلب، وكأنها ترى أن الحب هو وصفة العلاج الأولى.
مشاركة :