أبناء المهاجرين أفضل حالاً في التعليم من أقرانهم الكنديين

  • 3/19/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

على رغم تصنيفه في تقرير منطمة اليونيسكو لعام 2007 بـ «الأكثر تقدماً» في الشمال الأميركي، يبدو أن النظام التعليمي في كيبيك ما زال في كندا يعاني من ظاهرتي رسوب وتسرب مزمنتين متفشيتين في العديد من مدارسه الثانوية الرسمية. والواقع أن الرسوب والتسرب من المدرسة قبل حصول الطالب على الشهادة الثانوية، هما حالتان متلازمتان، والأولى علة لوجود الثانية. وتلافياً لانعكاساتهما السلبية على الطلاب وعائلاتهم والأمن الاجتماعي، وضعت الحكومات المتعاقبة في كيبيك، الكثير من الخطط والبرامج التعليمية ورصدت في سبيلها موازنات ضخمة، لكنها لم تفلح حتى اليوم ولم تزل بعيدة عن العام 2020 الذي حددته كسقف نهائي لهذه الظاهرة. هذا الفشل في اجتراح الحلول التربوية قد يتطور إلى قضية رأي عام ما دفع لجان الأهل ومختلف المعنيين في الشأن التعليمي إلى إرسال العديد من المذكرات إلى وزارة التربية في كيبيك لكشف الأسباب الكامنة خلف تنامي الرسوب المدرسي وتحديدها، وكان آخرها مذكرة جاء فيها: «هل العلة في النظام التربوي أم في البرامج التعليمية أم في الأساتذة أم في الطلاب؟». في هذا السياق، قدم زعيم «حزب التحالف من أجل كيبيك» مشروع قانون يقضي بإلزام أي طالب، يتراوح عمره بين16 و18 سنة، البقاء في مدرسته إلى حين نيله الشهادة الثانوية. أما رجل الأعمال الكندي ميتش غاربر، فاقترح على الحكومة تقديم مبلغ ألف دولار لكل تلميذ يحصل على الشهادة الثانوية في المدارس الرسمية، مشيراً إلى ما تخلفه هذه المبادرة من إيجابيات اجتماعية واقتصادية وتربوية.   مفهوم التسرب وفقاً لمعايير كيبيك يعني التسرب عدم حصول الطالب على أول شهادة (دبلوم الدراسة الثانوية DES) أو دبلوم الدراسة المهنية DEP) أو شهادة التأهيل المهني (وهي شهادة شبه متخصصة) أو شهادة تدريب وتحضير لسوق العمل. وترى وزارة التربية والتعليم أن الطالب المتسرب هو «الطالب الذي ترك المدرسة» في أي من السنوات الخمس في المرحلة الثانوية والذي كان مسجلاً في شبكة المدارس الكيبيكية العامة اعتباراً من 30 أيلول، على ألا يقل معدل التعليم الثانوي عن خمس سنوات.   غياب الحوافز «التسرب المدرسي مدمر، لكن من المهم أن نفهم كيف يتجذر». هذه خلاصة استطلاع لطلاب مدرسة Premières-Seigneuries من أجل الحصول على غياب الحافز الذي يدفع الطلاب إلى التخلي عن المدرسة. وشمل الاستطلاع 186 طالباً: 13 في المئة تركوا المدرسة في سن 16 سنة. تقول مديرة المدرسة أندريانا كوتيه: «لم نفاجأ بنتائج الاستطلاع الذي أشار إلى أن نسبة عدد الذكور الذين تركوا المدرسة 71 في المئة مقابل 33 في المئة للاناث، علماً أن التسجيل فيها إلزامي لمن بلغ 16 سنة». أما نتائج الاستطلاع فأكدت الأساب التالية: التغيب عن المدرسة، صعوبات أكاديمية مختلفة، تأثير الأصدقاء السلبي (تخويف– لامبالاة- عدم مشاركة بالنشاطات اللاصفية). ولفت الاستطلاع إلى أن 73 في المئة من أولياء الطلاب لم يهتموا بهم ولم يقدموا أي مساعدة أو مراقبة لدروسهم أو فروضهم. ولكن خلافاً للاعتقاد الشائع، أظهر الاستطلاع أن جاذبية سوق العمل لم تكن قوية بين الطلاب الذين تسربوا من المدرسة: 63 في المئة بعد التسرب لم يكن لديهم أي وظيفة، الأمر الذي كان دافعاً لتخصيص مجموعة من الحوافز أدت إلى عودة 84 في المئة إلى المدرسة والالتحاق ببرنامج التدريب المهني المتعدد الاختصاصات، كما تقول مديرة المدرسة برناديت كوتي.   كيبيكيون ومهاجرون في وثيقة نشرتها أخيرا جريدة «لو دوفوار» المونتريالية تحذر فيها من تسرب الطلاب الفرانكوفونيين (quebecois de Souche) في المدارس الثانوية العامة، وتصفه بأنه «مثير للقلق»، تشير إلى أن واحداً من اثنين من الذكور وواحدة من كل ثلاث فتيات لا يحملون شهادة بعد سبع سنوات من بدء الدراسة الثانوية. وتقارن وزارة التعليم العالي في كيبيك بين أبناء المهاجرين من الجيل الثاني وتصفهم بأنهم «أكثر ثباتاً في دراستهم من أقرانهم الكيبيكيين الذين يستمر التسرب في صفوفهم بشكل أكثر حدة». ويرى أستاذ كلية التربية في جامعة لافال إيجيد رواي، أن «الطلاب الفرانكوفون الذين ولدوا في كيبيك هم دون أقرانهم المهاجرين الذين لم يتحدثوا الفرنسية حين وصولهم إلى هنا». ويضيف أن 76 في المئة من الطلاب الكيبيكيين في الثانويات العامة حصلوا على دبلوم أو مؤهل بعد سبع سنوات من الدراسة، مقارنة مع 82 في المئة من طلاب الجيل الثاني من المهاجرين. ويصف هذا الفارق بأنه «أمر رائع». ويعلق جيرالد بوتن الأستاذ في كلية التربية في جامعة كيبيك في مونتريال (أوكام) على هذه المقارنات ويقول إن «هذه الأرقام تؤكد حقيقة محزنة». ويشير إلى أن «التعليم ببساطة ليس أولوية بالنسبة إلى بعض الأهل من الناطقين بالفرنسية». أما وزير التعليم سيباستيان برولكس، فيرى أن التعليم «قضية ثقافية»، مضيفاً أن كثيراً من الناس يعتقدون أن بإمكان المرء أن يتابع حياته من دون دبلوم مدرسي.   مونتريال حالة خاصة وتختلف مونتريال عن غيرها من مناطق كيبيك بالعديد من الخصائص التي تؤثر على متابعة الدراسة في المؤسسات التعليمية الرسمية، ومن أهمها تبعاً لمؤشرات العام 2017: ارتفاع معدل التسرب في مدارس مونتريال إلى حدود 18,1 في المئة، أي 2164 طالباً، في حين يبلغ معدل التسرب في كيبيك 16.2، أي 8767 طالباً وطالبة، وجود عدد كبير من العائلات الفقيرة أو المهمشة أو ذات الدخل المحدود، وكثافة سكانية، ووجود نسبة كبيرة من الطلاب المهاجرين في مدارس مونتريال وهي في ازدياد مستمر. فقد وصلت عام 2016 إلى 63.1 في المئة، وفي بعض الأحياء تصل نسبتهم إلى حوالى 74.6 في المئة بينهم أكثر من 5 في المئة من الطلاب العرب الوافدين بغالبيتهم من بلدان المغرب العربي ولبنان.

مشاركة :