العيسى: استفزاز العاطفة الدينية بخطاب «الدينفوبيا» في طليعة محفزات التطرف والإرهاب

  • 3/19/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

شدد الشيخ الدكتور محمد العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، على أن الطائفية المجردة والطائفية السياسية، واستفزاز العاطفة الدينية بخطاب «الدينفوبيا» وازدراء أتباع الأديان والمذاهب، وغياب العدالة والتهميش، وضعف الوعي الديني في طليعة المحفزات الأولية لمشهد التطرف والإرهاب، مبيناً أن تجريم الإساءة من أهم أدوات الاندماج الوطني. وأكد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، أن الإنسانية اليوم تقف أمام سياقات تاريخية معقدة تجاه الصراع الديني والفكري المفتعل، الذي يعد المحفز الأهم والأخطر لكثير من تداعيات التاريخ الإنساني، وما نتج منه من صور الكراهية والتطرف والإرهاب، محملاً في السياق نفسه «الإعلام المادي» مسؤولية الإسهام بشكل كبير في تأجيج ذلك الصراع. كما شدد الشيخ العيسى في مداخلته باللقاء المفتوح الذي عُقد مع أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين في اليابان، وفي الندوة الدولية التي نظمها معهد أبحاث الشرق الأوسط ومسؤولون في الحكومة اليابانية في مقر وزارة الخارجية اليابانية، بحضور وزير الخارجية الياباني تارو كونو، وعدد من السياسيين والمفكرين على ضرورة «التفريق بين بيئة التطرف وأسبابه في الداخل الفكري والخارج المثير والداعم، وأيضاً المسؤولية التقصيرية من قِبل منصات المواجهة العلمية والفكرية والاجتماعية المسؤولة، وكذلك محفزات التطرف». وكان وزير الخارجية الياباني استقبل قبل بداية الندوة الشيخ العيسى، وبحث معه عدداً من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك. وبيّن الشيخ العيسى في الندوة، أن قصور الوعي بسنة الحياة وقوانينها الكونية، وما يجب اتخاذه من تصرف حتى تجاه حالات الظلم والاضطهاد، كانت السبب الأهم في التطرف عموماً، سواءٌ أكان دينياً أم غير ديني، بعد التشبع بمحفزه الأول. ووصف الأمين العام للرابطة التطرف بكونه يمثل حالة من التشبع بصواب الرأي يصاحبها إقصاء وكراهية للآراء الأخرى، مشيراً إلى أن لعدم كفاءة بعض القيادات الدينية أو الفكرية أو السياسية، أو لأهوائها الطائفية أو المادية، وكذلك النفخ في فراغها تأثيراً مهماً في هذا الشأن بمَحَكّه الخطر. ولفت الأمين العام النظر إلى أن التطرف «كان ولا يزال مشكلة معقدة تظهر من حين لآخر، على اختلافٍ في مستوى نشاطها وضررها، وقد صاحبت الأديانَ والسياسات والأفكارَ عموماً، ولكل حالة منه، نهاية مأساوية سجلها التاريخ في صفحات العظات والعبر»، موضحاً «أن هناك أسباباً أخرى تبعث على التطرف، منها الإحساسُ بالإساءة أو التهميش وفقدان العدالة، ويكمن هذا السبب في التعامل الخاطئ مع الأقليات الدينية أو العرقية». وأضاف: «إذا كان لنا من استثناء لحالة من حالات التطرف يُمْكن لها أن تبقى أو تنتصر ـ مرحلياً ـ فهي هذه الحالة؛ لأن الباعث عليها لم يكن آيديولوجيا كارهة، وإنما المقاومة التي عادة ما يصاحبها ممارسات عنف»، مبيناً أن ردة الفعل هذه متى وظفت الدين سبباً يدعوها للتطرف العنيف؛ لمحاولة إعطائها الشرعية وتحفيز الآخرين، فعندئذ تحسب على التطرف في جميع الأحوال؛ لأنها ستكون حتماً مسيئة للدين بمحاولة خطف تعاليمه، وتحريف نصوصه، وإثارة عاطفة أتباعه بمثل أساليب الوعظ الديني المهيجة للمشاعر، والداعية بطريق مباشرة أو غير مباشرة للعنف أو الإرهاب. وأوضح الشيخ العيسى، أن التطرف تشكّل في العقود الأخيرة في مناطق الصراع السياسي، بعد أن تم تكييف ذلك الصراع بتأويلات دينية متشددة، موضحاً: «عموم التنظيمات الإرهابية المعاصرة نشأت على خلفية تلك الأحداث وتلك التأويلات، وكانت الشرارة الأولى لها الانشقاقَ عن المفاهيم الدينية الداعية للحوار والسلام والوئام، كمعانٍ إنسانية مهمة، اختصرها دين الإسلام في آية قرآنية، قال الله تعالى فيها عن نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)». وأشار الأمين العام للرابطة إلى أنه نشأ عن هذا الانشقاق إقامة جماعات دينية تحمل أسماء وشعارات جديدة، لكل منها أجندتها الخاصة، تتّحد فيما بينها على عدوها المشترك، وبعد الانتصار عليه ـ مرحلياً ـ تعود على نفسها لتتصارع وتتآكل داخلها، مضيفاً: «إن التاريخ الإنساني الطويل شاهد على هذا في جميع أشكال التطرف والعنف المحسوب على الأديان عموماً، وهذا التاريخ بفصوله المؤلمة مليء بالعظات والعبر». وشدد على وجوب منع أي خطب أو رسائل دينية أو سياسية أو فكرية من شأنها أن تعزل أي فئة عن التعايش مع رابطتها المجتمعية، أو تدعو إلى تجمع أو انضواء تحت شعار يعادي أو يحرض على الدولة الوطنية. وقال: «يجب أيضاً التفريق بين فلسفة بعض الدول في فصل الدين عن الدولة وبين احترام قناعة أتباع الأديان؛ إذ من شأن هذا أن يثير العواطف الدينية ويُقَسّم المجتمع، وقد يُوَلّد تطرفاً، ولا سيما لدى الشباب المراهق الذي يتلقى اليوم رسائل عالمه الافتراضي العَصِي عن المتابعة والتحكم إلا بالتحصين الوقائي والقناعة التامة»، داعياً إلى تعزيز مبادرات الوئام الديني بين كافة أطياف المجتمع». من جهة أخرى، وقّع الشيخ الدكتور محمد العيسى على اتفاقية مشروع هوية الأرض مع رئيسة مؤسسة مشروع هوية الأرض هيروكو كاواهارا، وهو مشروع رائد في العمل الثقافي الداعي للوئام والسلام وتعليم الأطفال قيمه الحضارية. كما التقى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس الوزراء الياباني السابق فوكودا، حيث جرى خلال اللقاء بحث عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.

مشاركة :