الشيخ المغامسي يقدم محاضرة بعنوان (الاعتدال في القرآن الكريم)

  • 3/19/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

قدم الشيخ صالح المغامسي الشكر الجزيل والثناء العاطر للأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة على إنشاء ودعم مركز الامير خالد الفيصل للاعتدال بجامعة الملك عبدالعزيز ، وقال الشيخ صالح المغامسي : “لقد أهدى الأمير ‫خالد الفيصل الأمة مركزاً يستقطب كل من يريد تأصيل ‫الاعتدال‬ في الدين والحياة، نشكره شكرًا جزيلا على إنشائه ودعمه لهذا المركز الرائع في رسالته وأهدافه ونسأل الله التوفيق والسداد للفضلاء القائمين عليه ” . جاء ذلك في محاضرة قدمها الشيخ صالح بعنوان (الاعتدال في القرآن الكريم) ، وقد كانت المحاضرة بدعوة وتنظيم من قبل مركز الامير خالد الفيصل للاعتدال بالتعاون مع وزارة الشؤون الاسلامية . وقد تطرق الشيخ المغامسي لمواضيع شتى تتعلق بجوانب عديدة في الدين والحياة موضحا منهج الاعتدال الذي ينبغي اتباعه بالنظر الى تلك القضايا بعد أن استفاض بأسلوبه اللغوي المؤثر وطرحه العلمي المؤصل حيال أهمية نشر ثقافة الاعتدال في الأمة . الوسطية والاعتدال أوضح الشيخ معنى هاتين المفردتين لغويا واصطلاحا موضحا أن الوسط والاعتدال في مفهوم الناس هو كل منتصف بين طرفين ، أما شرعا ليس بالضرورة ان يكون ذلك هو مراد الله مستشهدا بحال مشركي قريش كونهم وسطا بين المؤمنين بوحدانية الله جل وعلا وهم محمد وأصحابه وبين الملحدين الذين لا يؤمنون بوجود إله خالق ومدبر للكون مطلقا . الاعتدال في الاعتقاد أوضح الشيخ صالح أن الأمة تتجاذبها ثقافات متعددة مابين يهود ونصارى وملاحدة لكن ينبغي أن يعلم أنه محال عقلا ان لايكون لهذا الكون اله أوجده من العدم وقائم على تدبيره وتصريفه ، وهو القائل جل وعلا : (اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ وَكيلٌ﴾ [الزمر: ٦٢] ، ومحال أيضا ان يكون له شركاء والله عزوجل يقول : (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِن إِلهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعضُهُم عَلى بَعضٍ سُبحانَ اللَّهِ عَمّا يَصِفونَ﴾ [المؤمنون: ٩١] ثم تطرق الشيخ الى ضرورة الاعتدال في تنزيل الأنبياء في منزلتهم التي أنزلهم الله إياها .. مؤكدا أنه ليس للأنبياء من أمر الالوهية شيء .. فهم عباد لله أصطفاهم جل وعلا ليكونوا أنبياء ورسل الى أقوامهم .. لهم السمع والطاعة والانقياد والحب الذي هو فوق محبتنا لانفسنا ووالدينا وأولادنا . نعمة العقل استعرض الشيخ الآية القرآنية الكريمة : (وَلَقَد كَرَّمنا بَني آدَمَ وَحَمَلناهُم فِي البَرِّ وَالبَحرِ وَرَزَقناهُم مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلناهُم عَلى كَثيرٍ مِمَّن خَلَقنا تَفضيلًا﴾ [الإسراء: ٧٠] ، مذكرا بنعمة العقل وموضحا أنه ليس في دين الله ما يخالف العقل ، لكن يوجد في الدين ما لايدرك كنهه العقل .. لذلك وجب الإيمان والتسليم لأمر الله. فقه الاعتدال اتخذ الشيخ صالح المغامسي تفسير هذه الآية : (إِنَّ اللَّهَ يَأمُرُ بِالعَدلِ وَالإِحسانِ وَإيتاءِ ذِي القُربى وَيَنهى عَنِ الفَحشاءِ وَالمُنكَرِ وَالبَغيِ يَعِظُكُم لَعَلَّكُم تَذَكَّرونَ﴾ [النحل: ٩٠] طريقة لبيان فقه الاعتدال في التعامل موضحا أن العدل الذي أمر الله به في الآية يشمل ثلاثة جوانب : العدل مع الله والعدل مع النفس و العدل مع الناس ، مبينا أن العدل مع الله هو ان تقدم حق الله ع حق نفسك ، والعدل مع النفس ان لا توردها المهالك ، والعدل مع الناس أن تبذل لهم النصيحة وتجنبهم الخيانة وتصبر ع آذاهم . الجهاد والاعتدال يوجد أناس من أهل الاسلام تأخذهم العاطفة الدينية حينما يرون ما تمر به الأمة الاسلامية من قتل وتشريد وسفك للدماء ويريدون أن يقرروا الجهاد بأنفسهم ، وعلى النقيض تماما تجد من أهل الاسلام من يحاول لسبب او لآخر أن يلغي مكانة الجهاد في سبيل الله من الدين الاسلامي ، والعدل والانصاف في ذلك هو أن الجهاد في سبيل الله قائم إلى قيام الساعة لكنه بيد ولي الامر .. مرده شرعا لولي الامر ومن يستشيرهم من العلماء الناصحين والحكماء المخلصين من أهل المشورة والخبرة والرأي ، وَمِمَّا ينبغي أن يعلم ان الدين ليس ثقافة موت وقتل وإزهاق للأنفس وإنما هو دعوة بحكمة وتبصير للناس على هدى من الله . الاسلام دين عالمي أوضح الشيخ صالح ان مما لاشك فيه أن الناس عاشوا في بيئات مختلفة ولهم ظروف مختلفة وأنه لا يمكن جمع الناس على رأي واحد ولا يمكن حملهم على قول عالم واحد لاسيما في القضايا التي يسوغ فيها الاختلاف ، مستشهدا بموقف الامام مالك حينما استشاره أمير المؤمنين آنذاك أن يجمع الناس على كتابه الموطأ .. لكن الامام مالك رحمه الله لعلمه بالدِّين ولفقهه بأحوال الناس ولديانته لربه أولا بيّن أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم تفرقت في الأمصار ولا يمكن جمعها الا على كتاب الله وما صح من السنة عن نبي الله .. وستظل مسائل الاجتهاد ميدان واسع بين العلماء كل يسير فيه بحسب ما أتاه الله من علم وفهم وفقه . مبينا الشيخ المغامسي أن اجتماع العلماء حجة واختلافهم رحمة ، وأن المسلمين لا يمكن أن يحتويهم سلطان ولا جماعة ولا حزب وإنما يحتويهم الاسلام . وفِي ختام المحاضرة قدم مدير مركز الامير خالد الفيصل للاعتدال الدكتور الحسن ال مناخرة هدية تذكارية للشيخ صالح بن عوّاد المغامسي وهي عبارة عن قلادة الاعتدال والتي يقدمها المركز عادة كهدية رمزية لبعض الشخصيات المحلية والعالمية التي تبنت نهج الاعتدال فكرا ومنهجا وممارسة . وقد أشاد الدكتور ال مناخرة بالمضامين العلمية التي احتوتها المحاضرة وبالأسلوب العقلي المقنع الذي يتميز به الشيخ صالح ، معتبرا المغامسي من أبرز العلماء والدعاة الحريصين على تثقيف وتوعية المجتمع وقد آتاه الله حكمة وبلاغة في القول وأسلوبا متزنا في الطرح ، ومذكرا في الوقت ذاته بأهمية اتخاذ الاعتدال منهجا في كل جوانب الحياة وان الاعتدال من القيم والمبادئ التي حث عليها ديننا الاسلامي الحنيف ممثلا بأعظم مصدرين من مصادر التشريع وهما الكتاب والسنة.

مشاركة :