الجزائر: بوعلام غمراسة أبدى زعيم أكبر الأحزاب الإسلامية بالجزائر تخوفا من أن «يؤدي الصراع على السلطة إلى ضرب استقرار البلد». واعتبر التغيير العميق الذي أدخله الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على الحكومة أول من أمس «عاكسا لصراع بين مؤسسة الرئاسة والجيش»، بحجة أن بوتفليقة وضع في الحكومة الجديدة مقربين منه في وزارت حساسة كالدفاع والداخلية والعدل. وقال عبد الرزاق مقري، رئيس «حركة مجتمع السلم»، أمس في صفحته بـ«فيس بوك»، إن «كثيرا من المؤشرات تدل بأن بوتفليقة انتهج نهجا مرحليا أضعف فيه دائرة الاستعلام والأمن (جهاز المخابرات يتبع لوزارة الدفاع)، وتسارع هذا النهج على مقربة من الانتخابات الرئاسية (ربيع 2014). ومن المؤشرات الدالة على هذا التسارع ملامح الانفصال في القرار بشأن التحولات السياسية الجزائرية بين دائرة الاستعلام والأمن، من جهة، وقيادة الأركان»، في إشارة إلى تحويل صلاحيات من جهاز المخابرات لقيادة أركان الجيش، من طرف بوتفليقة الذي هو وزير الدفاع وقائد القوات المسلحة. وكتبت صحف عن هذا التحويل دون أن تعلن عنه أي جهة رسمية، واعتبر «فصلا من فصول الصراع» بين رئيس الجمهورية وقائد جهاز المخابرات العسكرية الفريق محمد مدين، المعروف حركيا باسم «توفيق»، والذي لا يظهر أبدا في العلن. ويرى مقري أن التعديل الحكومي الذي أجراه بوتفليقة أول من أمس، حلقة في هذا الصراع المفترض. وأضاف زعيم الحزب الإسلامي المعارض «كل هذه المؤشرات لا تدل على أن نهاية الصراع ستكون في صالح مجموعة الرئيس (سواء أراد أن يترشح أو يمدد عهدته أو يرشح من يخلفه في حالة تدهور أوضاعه الصحية)، فرد فعل المؤسسة الأمنية العسكرية يصعب حقيقة أن يكون انقلابا عسكريا، لأن هذا السلوك تجاوزه الزمن ولأن الأذرع العسكرية والأمنية في صالح رئيس الجمهورية. لكن الأدوات التي يملكها الأمن العسكري كثيرة، قد ترجح الكفة لصالحها منها ملفات الفساد والمعرفة الدقيقة بالملف الصحي لبوتفليقة، وغير ذلك من الأدوات التي لا يمكن تصورها». يشار إلى أن بوتفليقة أحدث تغييرا عميقا على الحكومة، بإبعاد خمسة وزراء من حزب الأغلبية، وإقالة وزراء الداخلية والعدل والخارجية، وتعيين قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح نائبا لوزير الدفاع. وذكر مقري أن «ما يهمني في هذا الصراع أن لا يؤدي إلى إضعاف المؤسسة العسكرية، ليس كقوة رسمية مسلحة تتدخل في صناعة التوازنات السياسية، ولكن كمؤسسة عسكرية وقوات مسلحة وطنية يجب أن تكون موحدة وقوية وعصرية، لها القدرة على حماية الحدود، ورد المؤامرات التي تحاك ضد الجزائر من جهات دولية كثيرة». وحول قصة الصراع المحتمل بين الرئيس وقائد المخابرات، كتبت أمس صحيفة «جريدتي» التي يملكها ويديرها ضابط المخابرات السابق هشام عبود، أن بوتفليقة قرّر فتح مواجهة جديدة مع الجنرال توفيق الرجل القوي في النظام، بعد أزيد من سنة من الحرب الباردة بينهما ومختلف أجنحة السلطة، خاصة بعدما فتحت مصالح المخابرات تحقيقات معمقة حول عدد من أفراد عائلة رئيس الجمهورية، وعلى رأسهم شقيقه الأصغر وكبير المستشارين في الرئاسة السعيد بوتفليقة، والذي أثبتت تحريات الضابطة (الشرطة) القضائية التابعة للمخابرات تورطه بصفة مباشرة في الكثير من قضايا الفساد المالي والإداري، وأهمها فضائح سوناطراك، حيث انتزع الرئيس بموجب صلاحياته الدستورية أهم مديريات المخابرات، والتي أصبحت تشكل خطرا على الرئيس ومحيطه من سيطرة الجنرال توفيق وجرى إلحاقها بالرجل الوفي اللواء قايد صالح. وفي موضوع التغييرات التي تعرفها هياكل الدولة، ذكر الحزب الإسلامي «حركة النهضة» أمس في بيان، أن التعديل الحكومي «كان إجراء فنيا بعيدا عن التغيير السياسي الذي ينشده الشعب الجزائري، خاصة أنه أبقى على وزراء ثبت فشلهم في تسيير قطاعاتهم». وجاء في البيان أن «التغيير الذي ننشده ينبغي أن يكون جذريا يمس طبيعة النظام، ويبدأ بتوفير أجواء وضمانات انتخابات رئاسية شفافة وذات مصداقية، تشرف عليها حكومة وفاق وطني، أو هيئة محايدة بعيدا عن هيمنة الإدارة وتحكمها في العملية الانتخابية والسياسية، وتفرز رئيسا شرعيا قادرا على تحقيق طموحات الشعب وتطلعاته».
مشاركة :