معرض «ماريونت».. هل نحن أحرار حقاً؟

  • 3/19/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

مهاب نصر| ليست مصادفة ان تكون الأنغام المصاحبة لـ«البرمو»، الذي أعده فنان الكاريكاتير يوسف بن سيف بمناسبة معرضه الأخير هي المقدمة الموسيقية الشهيرة لأغنية «لعبة الأيام» التي غنتها الراحلة وردة الجزائرية من ألحان رياض السنباطي. اللحن الذي يعبر عن حال من الترقب والحزن الشفيف. اللحن بدا كأنه معادل لطبيعة المعرض الذي تسوده ثيمة أساسية تلخصت في عنوانه «ماريونت». لوحات المعرض سادها لونان أساسيان هما الأحمر والأسود، وهما هنا ليسا في حالة تضاد، بقدر ما يعبر أحدهما عن ثورة، جرح، جريمة ما، واللون الأسود الذي يضفي طابعا قدريا على اللوحات. يتساءل يوسف بن سيف في لوحاته: من نحن؟ هل نحن هؤلاء الذين يقاومون أقدراهم، يحاولون انتزاع حريتهم من الوسط المحيط بهم، يبحثون بعناد عن فرادتهم ساعين إلى إطلاق طاقات أرواحهم؟ أم نحن رهائن قيود تكبلنا وتسخر منا حتى في اللحظة التي نتصور فيها أننا نتحرر أخيرا؟عن أي سلطة نتحدث؟ «الماريونت» هو الشخصية التي لا يمكن أن تحيل إلى نفسها وتقول: أنا. لأن ثمة من يحركها بالأساس، بل يحرك حتى اليد التي تشير، والتي تحاول قص الخيط الذي يربطها بليل غامض يحدق بها من كل اتجاه. اختيار لونين أساسيين فقط لم يبرز المفارقة فحسب، بل صنع ما يشبه التراجيديا في لوحات يوسف بن سيف. من اللوحات شديدة الدلالة تلك التي تبرز الماريونت والشخص الذي يحركها، لكن هذا الشخص نفسه مقيد بخيوط أخرى لا نرى إلى أين تنتهي. يتحدث مفكرو القرن الحالي عن شيء طارئ وجديد على السلطة، وهي أنها صارت بلا مركز، سلطة مفرقة في الفضاء مع اتساع رقعة السوق، وسيطرة الميديا وضعف الدولة القومية، وكذلك تراجع مراكز السلطة التقليدية الممثلة في العائلة وغيرها. ربما هذا ما يقدمه لنا يوسف بن سيف، فليس ثمة تمرد في مواجهة شيء محدد، سلطة متعينة، مركز للتحكم والسيطرة. مما يبدي محاولات الفكاك من أسر هذه السلطات وكأنه وهم مركّب. ربما تكون هذه السلطة في داخلنا أيضا وهو ما يجعل الفكاك منها أكثر عسرا وصعوبة.طريقان للتمرد تذكرنا لوحات «الماريونت» ببعض أعمال الفنان سامي محمد النحتية: ذلك الصراع الإنساني من أجل شق الجدار ونيل الحرية. ما يدعم هذه الصلة، مع اختلاف كل منهما في أداته وأيضا في فحوى التمرد الذي يقاربه، هو الطابع التجسيدي للوحات سيف بن يوسف، فقد نجح من خلال المفارقة اللونية وبإضافات بسيطة وذكية في إشعارنا وكأننا أمام مشهد «مجسّم» ثلاثي الأبعاد. رغم أن اليأس يمكن أن يكون الانطباع المتسرع الذي تعكسه لوحات يوسف بن سيف، إلا انها من جهة أخرى تنبهنا إلى السلطة الكامنة فينا، بل إلى إعادة النظر في مفاهيم كالهوية والحرية.. أية حرية نعني؟ وإلى أي مدى؟ المعرض الذي أقيم أمس الأول في مركز «ميوز لاونج» الثقافي، بمجمع سيمفوني، حضره عدد من المهتمين بالفن وجمهور المركز.

مشاركة :