«فقدان الأمل» شعور طبيعي يواجه مسافرين فقدوا نقوداً أو متعلقات ثمينة في مطارات، ولم يكتشفوا الأمر إلا بعد مغادرتها وعودتهم إلى بلدانهم، لكن على النقيض، فإن الإدارة العامة لأمن المطارات في دبي، لا تفقد الأمل في إعادة المعثورات إلى أصحابها أينما كانوا في أي بقعة من العالم. 50 ألف يورو، أعادتها شرطة دبي إلى امرأة أوروبية في موطنها. نظام ذكي قال مدير الإدارة العامة لأمن المطارات في دبي، العميد علي عتيق بن لاحج، إن الإدارة طوّرت نظاماً ذكياً، يُعرف باسم «PDA»، يفرز ويصنّف المعثورات في مطارات دبي، ما يسهم في تحديد مكانها خلال ثوانٍ، وإعادتها إلى أصحابها، أو تخزينها لحين اتخاذ إجراء مناسب بحقها، مؤكداً أن هذا النظام أسهم في ارتفاع نسبة إعادة المعثورات بنحو 100%، إذ تجاوزت 30%، بعد أن كانت 14%، قبل تطبيق النظام. وأوضح أن المعثورات التي سجلتها الإدارة خلال العام الماضي بلغت 169 ألفاً و462 معثوراً، أعيد منها 50 ألفاً و973 إلى أصحابها، فيما سلّم إلى النيابة العامة 5998 معثوراً ثميناً. «الضغوط النفسية التي تصاحب السفر تكون سبباً في ارتباك كثير من المسافرين، ما يجعلهم عرضة لنسيان أمور مهمة، تصل أحياناً إلى أطفالهم أو ذويهم، لذا تحرص الإدارة العامة لأمن المطارات على أن تكون قريبة منهم، للتخفيف عنهم، والتواصل معهم إذا غادروا الدولة، وهناك كثير من المواقف الإنسانية تحدث بشكل متكرر في المطارات»، وفق مدير الإدارة العامة لأمن المطارات، العميد علي عتيق بن لاحج، الذي أوضح لـ«الإمارات اليوم»، أن من بين الحالات التي سجلتها الإدارة، أخيراً، حالة لمسافر (من جنسية دولة آسيوية)، ظل يعمل في المملكة العربية السعودية سنوات طويلة، في مهنة بسيطة، يدخر منها قدر استطاعته، ثم قرر العودة نهائياً إلى بلاده، فجمع كل مدخراته، ومنها مكافأة نهاية الخدمة، وسافر من الرياض، وهبط «ترانزيت» لساعات قليلة في مطار دبي، ثم واصل رحلته إلى بلاده، لكن مفاجأة غير سارّة كانت في انتظار هذا المسافر حين وصل إلى بلاده، إذ اكتشف ضياع الحافظة التي تحوي كل نقوده، وحاول تحديد المكان الذي فقدها فيه دون جدوى، حتى انقطع به الأمل، وأيقن أنه لا مجال لاستعادتها مجدداً. في المقابل ــ والكلام مازال على لسان بن لاحج ــ كان فريق من الإدارة العامة لأمن المطارات يواجه مشكلة أخرى، وهي تحديد هوية الشخص صاحب هذه الحافظة التي تحوي ما يقارب الـ20 ألف درهم، ورغم عدم وجود أي قرائن تدل عليه، نظراً للعثور على الأموال في منطقة الترانزيت، إلا أن فريق العمل لم يفقد الأمل، وتتبع الكاميرات حتى وصل إلى صورته، ثم تم تتبع خط سيره عبر النظام، حتى توصل إلى معلومات حول وجهته، والدولة التي سافر منها، والوجهة التي سافر إليها، ثم بدأت رحلة أخرى في محاولة الوصول إلى طريقة للتواصل معها، وتكلّلت الجهود بالنجاح في التوصل إلى رقم هاتفه. المكالمة كانت مؤثرة، لأن المسافر رجل بسيط جداً، ويعيش في قرية ببلاده، لدرجة أنه يتحدث لهجة معينة، لا يجيدها كثيرون في بلاده، وحين سئل عما إذا كان فقد شيئاً منذ أشهر عدة، قال بيأس شديد «فقدت كل مدخراتي»، وكانت مفاجأة كبيرة، حين أبلغه الشرطي أن نقوده لدى الإدارة العامة لأمن المطارات في دبي، وستصل إليه كاملة، حينها كاد الرجل يبكي، مؤكداً أنه خطط لإقامة مشروع بسيط في قريته، لكنه عجز عن ذلك، وأبدى تقديره البالغ لشرطة دبي، التي أرسلت إليه النقود. قصة هذا المسافر ليست الوحيدة، في ظل أن 91 مليوناً و200 ألف و261 مسافراً، استخدموا مطارات دبي خلال العام الماضي. وحسب بن لاحج، فإن شاباً (من جنسية دولة عربية) حصل على قرض لإتمام زواجه، وأعدّ عدته، وحوّل مبلغ القرض إلى 5000 دولار، ثم انطلق إلى بلاده، وحين وصل، اكتشف ضياع النقود التي كان يفترض أن يتمم بها زواجه، فاضطر إلى إلغاء كل الترتيبات، ومرّ بحالة نفسية سيئة. ولم يتوقع هذا الشاب مكالمة وردت إليه من شرطي في الإدارة العامة لأمن المطارات، يخبره بالعثور على نقوده، حينها كانت سعادته غامرة، وأبلغ الشرطي أنه كان يجهز لزواجه منذ شهور طويلة، وحجز قاعة الزفاف، لكنه اضطر لإلغاء كل ذلك، بعد ضياع أمواله. وتظل من الحالات الإنسانية المؤثرة التي سجلتها الإدارة العامة لأمن المطارات، حالة شابة (من جنسية دولة أوروبية) عمرها 23 عاماً من أصحاب الهمم، تعاني إعاقة ذهنية، على الرغم من أنها تبدو طبيعية، وقد سافرت من بلادها إلى دولة أوروبية أخرى، ومنها إلى دبي، دون مرافق أو متابعة من ذويها. وحسبما ذكر بن لاحج، فإن سفارة بلادها، أبلغت مطارات دبي، باحتمالات أن تكون الفتاة ضائعة داخل المطار، ووصلت والدتها على أول رحلة إلى دبي، وأفادت بأن ابنتها تغيبت عن المنزل منذ نحو ثلاثة أيام، وفوجئت بأنها سافرت إلى مدينة ليفربول، ومنها إلى دبي، وبناء على ذلك تم التدقيق في النظام، وتبيّن أن الفتاة وصلت إلى المطار بتاريخ السابع من نوفمبر الماضي، وسجلت مغادرة في اليوم التالي، لكنها لم تستقلّ الطائرة، بناء على التدقيق مع شركة الطيران. رحلة بحث مطوّلة بدأت بعد ذلك في أرجاء مباني مطار دبي، استغرقت جهداً كبيراً، نظراً لوجود عشرات الآلاف من المسافرين من مختلف الدول، وتم التدقيق في العيادات الطبية، وتعميم صورها على جميع الموظفين، ومتابعة كاميرات الأمن، بالتعاون والتنسيق مع شركاء شرطة دبي داخل المطار، لجمع المعلومات، والبحث عنها، بما فيها «طيران الإمارات» ومطارات دبي، والطيران المدني، وفندق المطار، والسوق الحرة. وبعد ساعات من البحث، تم العثور عليها بالقرب من صالة خدمة «طيران الإمارات»، والتقتها والدتها، في مشهد مؤثر، عكس قيمة دبي، وحرص شرطتها على إسعاد المتعاملين، وحل جميع مشكلاتهم. ويؤكد بن لاحج، أن نسيان الأغراض الثمينة والتذكارية التي لا تقدر بثمن، من الحالات التي تتكرّر كثيراً في مطارات دبي، ومنها حالة لامرأة أوروبية نسيت حقيبة تحوي 50 ألف يورو، وعملات أخرى، ومصوغات ذهبية، ووثائق وهواتف وبطاقات بنكية، وفور العثور على الحقيبة تم تسليمها إلى قسم المعثورات، الذي استطاع الوصول إلى المسافرة في الدولة التي غادرت إليها. ومن اللافت أن كثيراً من المسافرين الذين يفقدون أغراضهم لا يدركون ذلك إلا بعد التواصل معهم، فقد تمت إعادة ساعة «روليكس» قيمتها 43 ألف درهم، إلى مسافر أوروبي نسيها عند أحد أجهزة التفتيش، ولم يكتشف ذلك إلا بعد إبلاغه بالعثور عليها، وشعر بسعادة بالغة، نظراً لقيمتها الشخصية لديه.
مشاركة :