أكد مصدر رفيع في جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) أن جهاز المخابرات الفرنسي يشارك بشكل نشط في التحقيقات الجارية حول قيام موظف في القنصلية الفرنسية بتهريب أسلحة فردية من قطاع غزة إلى الضفة الغربية. وقال مصدر سياسي في تل أبيب إن هذه القضية ورغم خطورتها البالغة، فإنها لن تمس بجوهر علاقات الصداقة بين فرنسا وإسرائيل، مع أن وزير الإسكان، يوآف غالانت، طالب بإغلاق القنصلية الفرنسية وطرد موظفيها، علماً بأن هذه القنصلية تخدم المناطق الفلسطينية.وأوردت وكالة الصحافة الفرنسية أن النيابة العامة الإسرائيلية قدّمت أمام محكمة بئر السبع المركزية، أمس الاثنين، مذكرة اتهام بحق الفرنسي رومان فرانك تضمنت اتهامه بتهريب أسلحة من قطاع غزة إلى الضفة الغربية، مشيرة إلى أن المحكمة مددت توقيفه حتى 28 من مارس (آذار). وذكرت الوكالة أن دبلوماسيين فرنسيين اثنين حضرا إلى المحكمة لمتابعة القضية.وكان «الشاباك» كشف النقاب، صباح أمس، عن خلية مكوّنة من فلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية والقدس قامت خلال الأشهر الأخيرة بتهريب كمية كبيرة من الأسلحة من القطاع إلى الضفة من خلال رومان فرانك (24 عاماً)، الذي قدم إلى إسرائيل قبل 14 شهراً وبدأ يعمل سائقاً في القنصلية الفرنسية في القدس. وأشار جهاز الأمن العام الإسرائيلي إلى أن تهريب الأسلحة كان تم عبر معبر «إيريز» (بيت حانون، شمال القطاع)، حيث قام فرانك مرات عدة على مدار الشهور الأخيرة بتهريب الأسلحة مستغلاً سيارة دبلوماسية تابعة للقنصلية الفرنسية كانت تتمتع بتسهيلات في الفحوص الأمنية التي يتم اتخاذها في المعبر، كما هي العادة فيما يخص سيارات من هذا القبيل.وتزعم الاتهامات أن فرانك هرّب 5 شحنات من الأسلحة عبر المعبر كانت تحتوي على نحو 70 مسدساً وبندقيتين آليتين. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي تلقى موظف القنصلية الفرنسية الأسلحة من تاجر فلسطيني يدعى محمد جمال الخالدي، ومن شاب يدعى زهير ويعمل في المركز الثقافي الفرنسي في القطاع.وأكد «الشاباك» أن تهريب الأسلحة لم يكن بالضرورة لغرض تنفيذ عمليات ضد إسرائيل أو غيرها، إذ قال إن الموظف الفرنسي نقل الأسلحة إلى تاجر سلاح فلسطيني في الضفة الغربية وهذا باعها بدوره لتجّار أسلحة صغار. وقد تقاضى مبالغ زهيدة، نسبياً، لقاء هذا التهريب، ففي الصفقة الأولى حصل على 700 دولار مقابل تهريب 6 مسدسات وفي المرة الثانية قبض بالعملة الإسرائيلية ما يعادل 1500 دولار مقابل تهريب 10 مسدسات، وفي المرة الثالثة قبض 3100 دولار مقابل تهريب 17 مسدساً وبندقية واحدة، وهكذا وصل مجموع ما تقاضاه نحو 10 آلاف دولار.ومن ضمن المعتقلين الذين كانوا متورطين في تهريب الأسلحة يوجد الشاب الفلسطيني محمد زكي سعيد، وهو من القدس الشرقية ويعمل حارساً في القنصلية الفرنسية، إضافة إلى فلسطينيين من قطاع غزة تواجدوا في الضفة بشكل غير قانوني. وتم حتى الآن اعتقال 9 من المشتبه بهم ووجّهت لهم لوائح اتهام أمام المحكمة المركزية في بئر السبع التي قررت تمديد اعتقالهم.وتبيّن بشكل واضح أثناء التحقيقات بأن موظف القنصلية الفرنسية عمل مقابل مكافأة مالية من تلقاء نفسه ومن دون معرفة المسؤولين عنه. كما اكتشف في التحقيقات أن بعض المشتبه بهم كانوا متورطين أيضاً في تهريب الأموال من قطاع غزة إلى الضفة الغربية. وقال مسؤول كبير في «الشاباك»: «هذا حادث خطير للغاية حيث تم فيه استغلال الحصانات والامتيازات التي تمنح لممثليات أجنبية في إسرائيل وذلك من أجل تهريب العشرات من قطع الأسلحة التي قد تستخدم لتنفيذ عمليات إرهابية ضد مواطنين إسرائيليين وأفراد الأجهزة الأمنية».وعلى خلفية اعتقال مشتبه بهم يعملون في القنصلية الفرنسية لغرض التحقيق معهم، تم إجراء التحقيقات بالتنسيق مع وزارة الخارجية الإسرائيلية حيث تم اطلاع السلطات الفرنسية بشكل مستمر على مجرياتها. وقال متحدث باسم السفارة الفرنسية في تل أبيب: «نحن نأخذ القضية على محمل الجد بشكل كبير، وعلى تواصل وثيق مع السلطات الإسرائيلية». وأضاف: «المشتبه به حظي ولا يزال بالحماية الدبلوماسية، الممنوحة للرعايا الفرنسيين».
مشاركة :