عضو "الأعلى للشئون الإسلامية": الأزهر والأوقاف حائط صد ضد التشدد والانحلال

  • 3/19/2018
  • 00:00
  • 34
  • 0
  • 0
news-picture

طالب الدكتور أحمد علي سليمان، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، المبدعين؛ فنانين وملحنين وشعراء، أن يقدموا غناء وموسيقى راقية ومنضبطة، تسهم في إثراء اللغة، وبناء شخصية الإنسان وتهذيبها، وتنمية الولاء، والحث على الإنتاج والإبداع "فأمتنا في حاجة إلى فنانين ذوي مقدرة لتحويل الفنون إلى عوامل للبناء لا للهدم". وأشاد "سليمان"فى تصريحات صحفية له بالدور العالمي الذي يقوم به الأزهر الشريف ومؤسساته المختلفة في نشر السلام العالمي، ودور وزارة الأوقاف المصرية بمنابرها الممتدة على التراب الوطني والتي صارت عصيَّة على المتشددين، ودور المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في تصحيح المفاهيم داخليًّا وخارجيًّا، ودار الإفتاء في تقديم الفتاوى النابهة التي تبرز عظمة الإسلام وصلاحيته لكل زمان ومكان وتقف بالمرصاد لتفنيد فتاوى التكفيريين، مشيرًا إلى الدور التاريخي لهذه المؤسسات العريقة في الوقوف في وجه التشدد والمتشددين، وأيضا الوقوف في وجه الإنحلال. وأكد أنه لولا هذه المؤسسات الراسخة لتغيرت الأمور، ولتمكن هؤلاء -لا قدَّر الله- من نشر التشدد والغلو في كل مكان، مضيفًا أن التعليم في الأزهر الشريف يقوم على منهجية علمية يستحيل معها الإنجرار إلى التشدد أو الغلو أو الانحلال، حيث يتعلم الطلاب في الأزهر (علوم الغايات، وعلوم الآلات، وعلوم المكملات) أي علوم المنقول وعلوم المعقول وعلوم الآلة، إضافة إلى العلوم العصرية الحديثة، ومن ثم ينشأ الطالب على حسن الفهم، وحسن القول، وسلامة التفكير والاستنباط، وحسن السلوك، فيضع الأمور في نصابها السليم وفق قواعد الشريعة، على عكس هؤلاء المتشددين أصحاب الجمود والتقليد والفكر الأحادي، الذي لا يقبل الآخر ولا يقبل إلا ما يمليه عليه مَن يقلده، ولهذا يعادون الفن والإبداع على إطلاقه. وفي رده على سؤال: "لماذا يكره المتشددون الموسيقى والغناء، وما أحكام الموسيقى والغناء في الإسلام"، قال: إن الإسلام لا يقف أبدا ضد الفن والإبداع، بل إن الله أعطانا كتابين: الأول: كتاب الله المسطور وهو القرآن الكريم، والثاني: كتاب الله المنظور وهو الكون الفسيح، الذي كان وما يزال وسيظل مصدرًا لتأكيد الإيمان بالله وقدرته ووحدانيته، ومصدرًا لإلهام البشر والمبدعين في كل مكان وزمان، حيث تعلمنا من كون الله الفنَّ، والنغم الطاهر، وتركيب الألوان، فألوان قوس قزح، وكذلك ألوان الأسماك، والطاووس، والرخام على سبيل المثال، تعد مصدرًا أصيلا لإلهام الفنانين والمبدعين، وكذلك نغم الكون الطاهر والمتمثل في أصوات الرياح وزخات المطر وخرير الماء وصوت مرور الهواء بين النباتات والأشجار وأصوات الطيور وغيرها، كانت مصدر إلهام للفنانين والملحنين والمطربين والمنشدين، نحو إنتاج الفن الراقي والموسيقى الراقية التي تهذب وجدان الإنسان ومن ثم سلوكه. وقال الدكتور أحمد علي سليمان إننا تعلمنا من ديننا أن "الأصل في الأشياء الإباحة" وأنه لا يجوز أن نُحرِّم شيئا إلا بنص صحيح صريح قاطع، مشيرًا إلى أنه ليست هناك مرجعية واقعية في الإسلام تُحرِّم الفن أو الموسيقى أو الغناء على إطلاقه، فالغناء كلامٌ: حسنه حسن، وقبيحه قبيح، وكذلك الموسيقى والفن والإبداع.. يقول العلامة الشيخ محمد الغزالي (رحمه الله): "لم يرد حديث صحيح في تحريم الغناء على الإطلاق" (مائة سؤال عن الإسلام ج 3 هدية مجلة الأزهر، ص 34)، ويقول الشيخ عبد الغني البابلي الحنفي: "على فرض صحة النصوص التي يستدل بها المتشددون في التحريم، فإنها مقيدة بذكر الخمور والقينات والفسوق والفجور ولا يكاد حديث يخلو من ذلك". ولفت "سليمان" إلى أننا لسنا أبدًا ولن نكون ضدّ الفن أو الغناء والموسيقى الهادفة ذات المعاني الشريفة العفيفة التي تنمي الجمال وتبنى القيم النبيلة في نفس الإنسان، وتزرع في قلبه الخير والإحسان، وتحركه إلى العمل والإنتاج والعطاء، ولطالما أسمهت الأغاني الهادفة في شحذ الهمم، وزيادة العمل والإنتاج في الحقول والمصانع، وإلهاب حماس الجنود في الحروب، مؤكدًا أن الإسلام لا يمنع الغناء والموسيقى، ولكن يضع لهما ضوابط، ومنها: أن تكون خالية من (الفحش والمجون والخلاعة والاختلاط الفاحش والفجور أو التمايع أو التخنيث، وألا تكون حفلاتها مصحوبة بالخمور والمحرمات، أو تثير الغرائز أو تحرك الساكن وتبعث الكامن ومن ثم تطلق العنان لسعار الشهوات فتدمر منظومة القيم في المجتمع، وأيضا ألا تعطل عن أداء الواجبات أو العبادات)؛ فالأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى؛ فمَن نوى استماع الغناء أو الموسيقى عونًا على معصية الله تعالى فذلك حرام، وكذلك كل شيء غير الغناء، ومَن نوى به ترويح نفسه ليقوى بذلك على طاعة الله، وينشط نفسه على البر فهو مطيع محسن، وفعله هذا من الحق، ومن لم ينوِ طاعةً ولا معصية فهو لغو معفو عنه. واستشهد بما جاء في تفسير الإمام القرطبي عن الإمام القشيري : [ضُرِبَ -أي بالدفوف وغيرها- بين يدي النبي (صلى الله عليه وسلم) يوم دخل المدينة، فَهَمَّ أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) بالزَّجر، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «دعهن يا أبا بكر حتى تعلم اليهود أن ديننا فسيح»]. وأوضح سليمان أن الرسول عليه الصلاة والسلام، كان يحب أن يستمع إلى الأصوات الحسنة الندية من الصحابة أمثال سيدنا عبدالله بن مسعود، وسيدنا أبي موسى الأشعري (رضي الله عنهما)، ولقد مدح الرسولُ صوتَ أبي موسى الأشعري وهو يتغنى بالقرآن وكان صوته حُلوا، فقال: (لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود) (رواه البخاري ومسلم)، فشبَّه النبيُّ صوتَه الجميل بالمزمار، ولو كان المزمار آلة رديئة ما قال له ذلك، فهو كغيرها من الأدوات الناقلة للصوت والملاهي كالراديو والتليفزيون ليست مسئولة عما يَصدر عنها، إنما المسئولية تقع على المؤلفين والمغنين والمخرجين والمنتجين، ففي استطاعتهم أن يقدموا النافع المفيد، ويحجبوا الضار.

مشاركة :