شهدت ولاية فلوريدا الأميركية تحول فكرة خيالية، لا يمكن توقع رؤيتها إلا في أفلام الرسوم المتحركة، إلى حقيقة على أرض الواقع، أو بتعبير أكثر دقة، في سماء الواقع. إذ اختُتمت بنجاح مؤخرا المراحل الأولى من برنامج FLA للتحليق الذاتي السريع خفيف الوزن للطائرات العامودية الرباعيةQuadcopter “كوادكوبتر”، الذي يقوم بتطويره وتنفيذه فريق من الباحثين بدعم من “DARPA” وكالة مشاريع الأبحاث المتطورة الدفاعية الأميركية. وذكر موقع “DARPA”، أنه تم بنجاح إجراء سلسلة من اختبارات الطيران لتخطي العقبات في وسط ولاية فلوريدا، للـ”كوادكوبتر”، المزودة بأجهزة استشعار، وتحلق بدون طيار. ويعمل برنامج FLA على تطوير التكنولوجيا تمكين الطائرات الصغيرة غير المأهولة “كوادكوبتر”، من التحليق ذاتيا بسرعات عالية، تصل إلى 20 مترا في الثانية، عبر تكتلات سكانية تزدحم بالمباني والمسارات، التي يكثر فيها العوائق، عن طريق استخدام كاميرات وأجهزة استشعار، كأنها “عيون”، بالإضافة إلى خوارزميات ذكية للتحليق الذاتي.تطبيقات بالغة الأهمية وتتضمن التطبيقات المحتملة لتلك التقنية عمليات مسح بأمان وسرعة، لاستكشاف التهديدات داخل المباني قبل أن تدلف إليه الفرق العسكرية، أو عمليات بحث عن طيار يكون قد هبط اضطراريا بمنطقة غابات كثيفة أو أدغال في أراضي العدو، وحيث لا يسمح مجال الرؤية بإجراء عمليات تصوير من ارتفاعات عالية، بسبب كثافة مظلة الأشجار. ومن المتوقع أيضا أن تستخدم الـ”كوادكوبتر” في تحديد أماكن الناجين عقب وقوع الزلازل أو غيرها من الكوارث، حيث تكون محاولات الدخول إلى المناطق المدمرة مغامرة غير مأمونة العواقب.تفاعل ذاتي تلقائي وفي هذا السياق، قال جى سى ليديه مدير برنامج FLA: “إن هدف البرنامج هو تطوير خوارزميات متقدمة للسماح للمركبات الجوية، أو البرية، غير المأهولة بالعمل دون توجيه من مشغلين من البشر عن بعد، أو باستخدام أجهزة تحديد مواقع GPS، أو أي وصلة من أو إلى المركبة.” وأضاف ليديه: “لا يدرك معظم الأشخاص كيف تعتمد الطائرات ذاتية القيادة الحالية على طيار بعيد أو نظام GPS أو كليهما. إن مركبات “كوادكوبتر”، الصغيرة والمنخفضة التكلفة بشكل كبير، تعتمد على مشغلين عن بعد ونظام GPS ليس فقط لمعرفة وضع المركبة بدقة، ولكن أيضا لتصحيح الأخطاء في الارتفاعات التقديرية، والسرعة المقدرة للمركبة الجوية، والتي بدونها لن تعرف المركبة، التي تخرج في رحلات طويلة المدى، إذا كانت تطير مستقيمة ومستوية أو في منعطف حاد.” وأوضح: “في برنامج FLA، يجب على الطائرة تحديد كل هذه المتطلبات تلقائيا بدقة كافية لتجنب العقبات وإتمام مهمتها “.مدخلات بشرية محدودة ويركز برنامج FLA على تطوير فئة جديدة من الخوارزميات التي تمكن الطائرات بدون طيار من العمل في البيئات التي لا يمكن فيها استخدام نظام GPS، مثل الأماكن المغطاة أو المواقع تحت الأرض أو مناطق التشويش المتعمد، والتي لا يمكن التعامل معها بدون مٌشغّل بشرى يتحكم في المركبة عن بعد. في إطار برنامج FLA، تكون المدخلات البشرية الوحيدة المطلوبة هي تحديد الهدف أو الغاية، التي يجب أن تبحث عنها الطائرة بدون طيار— والتي يمكن أن تكون مجرد صورة رقمية، تم تحميلها على الكمبيوتر الخاص بالـ”كوادكوبتر” قبل بداية التحليق— بالإضافة إلى الوجهة التقديرية والمسافة إلى الهدف. يمكن أيضا تحميل خريطة أساسية أو صورة ملتقطة عبر القمر الصناعي لمنطقة ما، إذا توافرت. بعد أن يعطي المُشغل أمر الإطلاق، يجب على المركبة أن تسلك طريقها نحو الهدف دون معرفة أخرى بالتضاريس أو البيئة، حيث تقوم بشكل مستقل بالمناورة حول العقبات غير المتوقعة في طريقها وإيجاد مسارات بديلة كلما اقتضت الحاجة.
مشاركة :