إن المملكة العربية السعودية كيانٌ واحد، خصّه الله بما لم يخص به سواه، فالسعوديون لا يُميّزون بين أجزائه، لأن كل شبر فيه يُعدُّ جزءًا غاليًا، وبهذا الفهم الذي يُجسّد المواطنة في أسمى معانيها، عشنا حالةً من القلق والألم خلال الأيام القليلة الماضية، حيث تابعنا بكل الحزن والأسى ما تعرّضت له محافظة الأحساء الغالية من أحداثٍ مؤسفة يندى لها الجبين، تُضاف إلى رصيد الإرهاب الموصوف بخيانة الأمانة والفكر الضال والسلوك المنحرف الذي لازم مسيرته الإجرامية، فتلوّثت الأيادي بدماء الأبرياء، علمًا بأن المقصود من تلك الأحداث غالبًا محاولة إثارة الفوضى في سائر أنحاء المملكة، فالإرهاب لم يعِ بعد أن عقيدتنا وأمتنا خطٌ أحمر، لا يُسمح بتجاوزه واختراقه، وإننا واثقون أن الوطن سيظل متماسكًا ولن يخترقه أحد، لهذا نقول: خاب فأل من أراد النيل من تماسكنا ووحدة صفنا، فكلنا له بالمرصاد، ولا أدل على ذلك من أحداث الغدر والخيانة الأليمة التي أكدت تلاحم رجال الأمن مع المواطنين الذين جنّدوا أنفسهم للدفاع جنبًا إلى جنب مع إخوتهم عن كل القيم والمكتسبات، وكانت النتيجة الباهرة أن عززت تلك الأحداث الثقة في رجال الأمن الأبطال، ووحّدت مشاعر أبناء الوطن الواحد وجسّدت لُحمته المتينة، وتكاتف أبناءه البررة ووقوفهم صفًا واحدًا في وجه كل معتدٍ ظالمٍ تحدّثه نفسه بالمساس باستقرارنا وأمننا، ولله درُ أولئك الرجال الذين ثبتت مقدرتهم وتبيّنت يقظتهم، فبعد الاعتداء الغاشم الذي نفّذه إرهابيون، وراح ضحيته سبعةُ شهداء وعشرةُ جرحى، بدأت الملاحقة الأمنية السريعة الموفقّة، التي نتج عنها إلقاء القبض على 33 عنصرًا من أعضاء الخلية الإرهابية المنفذة لهذا العمل الإجرامي، حيث قُتل ثلاثةٌ من أفرادها، بينما فقد الوطن شهيدين من رجال الأمن الأشاوس، مضيا وهما يذودان عن أرض الوطن، ويضربان بيدٍ من حديد على كل من أراد بالبلاد والعباد شرًا أو مكروهًا، نسألُ الله لهما الرحمة والمغفرة ولذويهما الصبر والسلوان. إنني أعجبُ لهذه الروح الغريبة التي يحاول الإرهابيون إدخالها لهذه البلاد الآمنة المتسامحة المطمئنة، بقصد زرع الفتنة الطائفية ونشر النعرات المذهبية بين أُناسٍ عاشوا حياتهم متحابين متسامحين، ومؤكدين أن اختلاف الرأي والمذهب لا يُفسد للوُد قضية، وتحضرني خاطرةٌ قديمة من أيام الدراسة، أن ثلاثةً من زملائي في المدرسة كانوا من طائفة الشيعة، لم يتدخل أحدنا في توجُّهات الآخرين، وما كان اختلاف المذاهب يُمثِّل جزءًا من اهتمامنا، بل كُنا نعيشُ زمالةً حقّة وأُخوّةً صادقة، حيث نعلم أننا كلنا مسلمون، وأننا سُعوديون لنا ذات الحقوق وعلينا نفس الواجبات، ولا فرق عندنا بين شيعيٍ أو سُني. إننا نقف إلى جانب من يرون ضرورة تكثيف الجهود التوعوية المتزامنة مع مكافحة الإرهاب، وإيقاف الخطاب التحريضي من قبل البعض في بعض وسائل الإعلام، ومضاعفة علمائنا الأفاضل ودعاتنا لأعمالهم الدعوية، والقيام بدورهم التوعوي والإرشادي من خلال الحوارات التي تحكمها وسطية التوجه، نبذًا للعنف والتطرف والفكر المنحرف الضال، عبر الوسائل الإعلامية المتاحة، دون تعدِّي جهة لمصادرة رأي الأُخرى، بقدر ما يُقصد من ورائها تحقيق وصيانة الشراكة الوطنية، تأصيلًا لمبدأ التكاتف والتلاحم الذي أشار إليه الحديث الشريف (المسلمُ للمسلمِ كالبنيانِ يشُدُ بعضه بعضًا)، فالتحية والتقدير لسائر الجهات الأمنية التي تعتبر أن مصلحة الوطن والمواطن فوق كل مصلحة. حفظ اللهُ مملكتنا من كُل شرٍ ومكروه، ورد كيد المتربصين بها إلى نحورهم. sbt@altayar.info للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (73) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :