اسطنبول/ الأناضول - قال المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين، طلعت فهمي، إن تنظيمه لن يكون شاهد زور" لحل الأزمة السياسية بمصر وسيستمر في عدم الاعتراف برأس النظام الحالي في ولايته الثانية، مؤكدا أن جماعته مستمرة في المراجعات ونبذ العنف متمسكة بشعارها "نحن دعاة لا قضاة". جاء ذلك في تصريحات خاصة أدلى بها للأناضول بالتزامن مع حلول اليوم الخميس، ذكرى مرور 90 عاما على تأسيس جماعة الإخوان في 22 مارس/آذار 1928 بمصر، وسط انحسار كبير حاليا للتنظيم بها وفق مراقبين إثر ضربات أمنية لقيادات وكوادرها، واتهامات تنفيها بارتكاب العنف. * لا اعتراف وردا على سؤال بشأن موقف الإخوان من فوز مؤكد للرئيس عبد الفتاح السيسي بولاية ثانية، يصر فهمي على عدم الاعتراف بشرعية السيسي منذ ما حدث في 3 يوليو/ تموز 2013، حيث تؤكد الجماعة أنه "انقلاب" أطاح بـ"محمد مرسي"، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا، مقابل آخرين يرونها "ثورة شعبية". وحول إمكانية تقديم الجماعة حلا مستقبليا مع النظام بشأن الأزمة السياسية، أم ستبقى متمسكة بشرعية "مرسي" فقط، يشدد فهمي على أن تنظيمه "لن يمنح الشرعية نهائيا" للسيسي، متهما الأخير بـ"استبعاد شرعية الشعب". ويضيف: "لن نكون شهود زور بغض النظر عن المظالم التي نعيش فيها أو هذا الاغتراب (..) هل مطلوب منا أن نقر الظالم على ظلمه؟". وفي حديث متلفز، أمس الأول الثلاثاء، قال السيسي إن الإخوان "هي من تصادمت مع نفسها بالإصرار على عدم الاستماع لغضب الشعب والقبول بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة"، قبل الإطاحة بـ"مرسي"، نافيا أن يكون ما حدث "مؤامرة"، مؤكدا أن الجماعة لم تكن لديها تقدير موقف جيد. ** لسنا بديلا أو قضاة وسط رؤية مراقبيين للجماعة بأنها لم تحقق أهداف حقيقية منذ نشأتها، وتنشغل بصراعات شبة دائمة، يحل حضور التنظيم في 52 دولة عربية وأوربية وآسيوية وإفريقية، وفي دول أمريكا الشمالية والجنوبية وأستراليا، عبر انتشار فكري وخيري، أو هياكل تنظيمية لمؤسسات أو أحزاب أو جماعات، وفق إحصاء للأناضول، استند في عام 2016 إلى مصادر تاريخية وتنظيمة. وردا حول سؤال بشأن وجود مدة محددة تسعى فيها جماعة الإخوان لتحقيق أهدافها، يقول فهمي: "نحن نتكلم عن هدف كبير وهو وحدة أكثر من مليار ونصف مليار مسلم في العالم، هل تتخيل أن جماعة أو تيارا مثل الإخوان أو غيرها هو الذي سيحقق هذا الهدف؟". ويجيب: "الإخوان جماعة لم تتأسس حتى تكون بديلا للأمة ومن يتصور البعض أن الجماعة مطالبة خلال تسعين عاما أو يزيد أن تقوم بنفسها باستعادة قوة ووحدة الأمة وحدها فهو واهم". ومنذ الإطاحة بمرسي، يسجل مؤيدون للنظام على قيادات وكوادر الإخوان ان بعضهم يهين الشعب المصري وينعت المصريين المؤيدين للسيسي ب"اللاوعي" وبانهم "عبيد للبيادة" (حذاء العسكريين)، وبتنصيب أنفسهم أوصياء عليهم في الوقت الذي يطلبون منه مساندتهم والثورة على النظام، وهي تهم ينفيها التنظيم ويقول عادة إنه يحترم الشعب ويقدره. وفي هذا الصدد، يوضح فهمي: "نحن لا نملك الحكم علي المجتمع فنحن دعاة لا قضاة (..) لا نقيم إيمان أحد (..) لكننا نطالع الواقع من زاوية الرغبة في وصول هذا المجتمع إلى الهدف الذي يحقق له الاستقلال الكامل من الاستعمار والاستبداد ثم الوحدة الإسلامية الجامعة ويحقق له التنمية الشاملة" ويتابع "صحيح أن شعوبنا لديها نفورا من الاستعمار ولكنها مازالت تحتاج إلى قوة نفسية تدفعها لرفض الاستبداد". ودعا قياديون بالإخوان المصريين عدو مرات لتغيير الأوضاع بالبلاد، ورحيل النظام غير أنها دعوات لم تلق تجاوبا شعبيا لاسيما منذ صيف 2013. **لا للحلّ ..نعم للمراجعات وبشأن التقييمات الحالية الداخلية، يضيف فهمي: "نحن نقيم وضعنا أولا بأول، بما يواكب مجريات الأحداث، إلا أن موقفنا الثابت هو إقامة نظام حكم ديمقراطي تعددي يسمح بتداول السلطة ويعمل على رعاية مصالح الشعب والأمة". ويستدرك المتحدث باسم الإخوان: "لكن هناك فرق كبيربين المرونة في مراجعة ومواجهة الواقع، وبين التراجع والانزلاق والانهزام الذي يؤدي إلى تجاوز الثوابت (..) نحن أصحاب دعوة". ومتطرقا إلى مراجعات الجماعة في التسعينيات، يستطرد "على صعيد القضايا العامة أجرت الجماعة العديد من المراجعات أثمرت عدة وثائق متعلقة بالمرأة والتعددية والمشاركة السياسية والعلاقة مع المسيحيين ، وكل هذه الوثائق مثلت تجديدا في رؤى وأفكار الإخوان". ويرفض فهمي طرح فكرة المراجعات على أساس حل الجماعة؛ "إشفاقا عليها من مزيد من الضربات الأمنية"، في إشارة لما تعتبره الجماعة توقيفات وأحكام شملت الآلاف من قياداتها وكواردها، وهو ما تعتبره السلطات المصرية تطبيقا لسيادة القانون والعدالة ضد وقائع مخالفة ومحل إدانة. وسياقات رفض فهمي تقوم على أن "الإخوان جماعة استشهد مؤسسها حسن البنا (أكتوبر/ تشرين أول 1906- فبراير/ شباط 1949) غيلة، وعلق قادتها على أعواد المشانق في عامي 1954 و1965 (إثر محاكمات شهيرة آنذاك)، ولقي الكثيرون من أبنائها ربهم شهداء، وهم ثابتون على الحق لا يترخصون لظالم ولا يتراجعون عما يرونه الحق قيد أنملة". ويستطرد "جماعة الإخوان ثابتة على مبادئها، ماضية في طريقها،(..) وليست في طريق النهاية بل تسير في طريقها الذي بدأته منذ تسعين عاماً وتواصل المسير في حين اندثر كثيرا من الكيانات والجماعات". وهذا الطرح سبق أن اختلف معه المحلل المصري في الشؤون الإسلامية أحمد بان، في تصريحات سابقة للأناضول، قائلا إن الإخوان استكملت أطوار حياتها وتمضي بالقصور الذاتي بعد أخطاء استراتيجية "بعد طرح نفسها ككيان شمولي يتحرك في كل المساحات، ويمارس كل الأدوار، وفي النهاية فشلت في أن تحدث أثرا أو اختراقا في هذه المساحات أو الأدوار". ويضرب مثلا على رؤيته بقوله: "تحدثت (الجماعة) عن تحرير الوطن من كل سلطان أجنبي، بينما وجودها مدد وجود السلطان الأجنبي، ومدت هي جذورا مع هذا الأجنبي، واحتفظت بعلاقات جيدة مع القوى الغربية أو الاستعمارية، كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، ولا تزال تخطب ودهما في إعادتها إلى المشهد السياسي". ويتابع: "مثلا تحدثت (الجماعة) عن تحقيق الدولة والمجتمع، لكنها خالفت قناعاتها ومقولاتها التأسيسية مرارا، سواء سياسيا أو اقتصاديا، في انحيازها إلى الرأسمالية والنيو ليبرالية، مع أن أفكار حسن البنا المؤسس كانت تجنح إلى توجه أقرب إلى الاشتراكية أو العدالة الاجتماعية أو وجود دور للدولة".ويشدد على أنه ما لم تخرج الجماعة من "حالة المظلومية، وتتهم نفسها، وتعيد تقييم هذه العقود، فأعتقد أنها تعيش مرحلة النهاية بالفعل"، معتبرا أنه "لا أفق لديها، وهي غير مؤهلة للعودة". ** الأفق وحول صحة مقولة أن "الجماعة بلا أفق"، تساءل فهمي: "هل ما سعينا إليه من جمع شمل القوى السياسية في مشروع وطني نعمل جميعا على تحقيقه لنهضة الأمة لم يكن اتساعا في الأفق؟ وهل تقديمنا لرموز سياسية تتقاطع مع فكرنا ومبادئنا على رأس قوائمنا الانتخابية في برلمان 2012 كان يناقض اتساع الأفق؟". ويضيف: "هل إنشاء حزب سياسي (عام 2011) مارس السياسة واستطاع الحصول على أغلبية نيابية (بعام 2012) ووصل لرئاسة الجمهورية في انتخابات حرة ونزيهة (2013) شهد لها العالم لم يكن نجاحا؟ وهل تعيين الرئيس (آنذاك) لمستشارين واختياره لحكومة معظم مكوناتها من خارج الجماعة لم يكن من المرونة واتساع الأفق؟". ويستطرد "على الصعيد السياسي وعلى سبيل المثال قررت الجماعة خوض الانتخابات التشريعية في فترات ثم راجعت موقفها وقررت مقاطعتها فترات أخرى، وقررت خوضها منفردة مرات ثم راجعت قرارها وخاضتها ضمن تحالفات في فترات أخرى، وهكذا تتخذ الجماعة مواقفها وفق قرارات مدروسة وفق معطيات الحالة السياسية".وفي الختام يؤكد المتحدث باسم الإخوان أنه "إذا كانت المراجعات واتساع الافق في نظر البعض تعني التسليم بالأمر الواقع والانهزام أمام الواقع فهذا ما لا نقبله". الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :