"هذا آخر مسمار يدقه أردوغان في نعش الديموقراطية في تركيا"، هذا ما يقوله الصحافي آدم ارسلان معلقا على ما وصف بصفقة القرن في تركيا، حيث ستباع مجموعة دوغان الإعلامية الضخمة إلى مجموعة ديميرورين القابضة المقربة من الرئيس رجب طيب ارودغان. وتبلغ قيمة الصفقة 890 مليون دولار. مجموعة دوغان التي توصف بأنها مستقلة، تملك وحدها نحو 40 في المئة من وسائل الإعلام التركية، بين صحف مثل حرييت وميلليت وفاناتيك وبوستا، ومحطات تلفزيونية أبرزها سي أن أن تورك ومحطة دي. ويقول أرسلان، هو تركي، لموقع "الحرة"، إن هذه "ليست صفقة طبيعية. إنها صفقة تمت تحت ضغوط سياسية كبيرة ظلت تتعرض لها الشركة منذ أمد طويل"، ويشير إلى أن قيمة المجموعة أكبر من ذلك بكثير، وما يحدث له علاقة فقط "بطموحات أردوغان الشخصية والسلطوية". ويضيف أن اتمام هذه الصفقة يعني أن الحكومة ستحكم سيطرتها على وسائل الإعلام التركية بنسبة 80 في المئة. ويذكر أرسلان أن استحواذ الرئيس على وسائل الإعلام يأتي في وقت حساس جدا، فبعد عام ستجري الانتخابات الرئاسية في تركيا. تعرضت دوغان القابضة التي تتولي أيضا مصالح في مجالات الطاقة والتجارة والتأمين لغرامة قياسية عام 2009 بلغت 2.5 مليار دولار بعد ادانتها بالتهرب من الضرائب، وقد اضطرت المجموعة بعدها إلى بيع صحيفتي ملييت وفاتان وقناة ستار تي لتعويض خسائرها المالية. "للأسف رضخت مجموعة دوغان للضغوط التي مورست عليها في خاتمة المطاف"، يقول الصحافي التركي أرسلان الذي يؤكد أن أردوغان لن يتوقف عند هذا الحد، بل سيواصل مساعيه للقضاء على ما تبقى من أصوات "حرة" في تركيا، فهو لا يقبل أي أصوات معارضة له. ويقول إن هناك "مشروع قرار مطروح الآن في البرلمان يسمح للحكومة بإحكام سيطرتها على الإنترنت". وتوقع أرسلان طرد كثير ممن يعلمون الآن في مجموعة دوغان من الخدمة لانهم لن يقبلوا بأن يكونوا "بوقا وصوتا ناطقا باسم أردوغان". "إن تركيا أصبحت سجنا كبيرا للصحافيين، لا يمكن أن يصدق أحد ما يجري في تركيا الآن. أصبحنا مثل كوريا الشمالية وإيران. هذا أمر محزن للديموقراطية التركية"، يقول أرسلان. واستغل أردوغان محاولة الانقلاب على نظامه منتصف 2016 في فرض حالة طوارئ يرى المجتمع الدولي أنها وسيلة لقمع الحريات وإسكات المعارضة والتنكيل بمن يعارض توجهاته السلطوية. فقد أصدر القضاء مئات من مذكرات الاعتقال بحق صحافيين على خلفية اتهامات تعتبرها منظمات حقوقية باطلة أو مخالفة للدستور التركي، عادة ما تتعلق بالانتماء إلى حركة فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب. وألقت السلطات التركية القبض على عشرات الآلاف منذ منتصف 2016، بينهم أكثر من 100 صحافي، وأغلقت أكثر من 150 وسيلة إعلامية. وحسب منظمة "بي 24" المحلية المعنية بحرية الصحافة، فإن هناك نحو 170 صحافيا تحتجزهم السلطات في تركيا. وتحتل تركيا المرتبة 155 في حرية الصحافة، حسب تصنيف منظمة مراسلون بلا حدود التي وصفت البلاد بأنها "أكبر سجن للصحافيين في العالم" في تقريرها لعام 2016.
مشاركة :