استعدادات مكثفة تجري على قدم وساق لاستضافة السباق الـ 14 لجائزة البحرين الكبرى لطيران الخليج 2018، الذي سينطلق في الفترة من 6 إلى 8 إبريل المقبل كأول سباق ليلي لهذا الموسم وثاني جولة من جولات بطولة العالم لسباقات السيارات الفورمولا ون هذا العام. وتعول البحرين على هذه الفعالية السنوية الكبرى كمقوم رئيسي من مقومات الترويج لها في المحافل المختلفة، وكمورد مهم من موارد الدخل والإنتاج الجديدة التي تسعى لاستثمارها، خاصة في ظل ما يتوفر بالمملكة من كوادر مؤهلة وكفؤة وما تتمتع به من أجواء آمنة وبيئة تنظيمية مستقرة.وبدت ملامح الاستعدادات لهذا الحدث منذ وقت مبكر وعلى أكثر من صعيد سواء من جانب الأجهزة الحكومية المعنية ومن إدارة الحلبة ذاتها، التي باتت تعتبر نفسها موطنا لرياضة المحركات في الشرق الأوسط، خاصة إذا ما نظرنا إلى حجم ما استقبلته البلاد من زوار وحضور في سباق العام الماضي، وبلغ 33 ألف شخص في اليوم الأول ونحو 93 ألف شخص خلال أيامه الثلاثة.وكان الاجتماع التنسيقي السنوي الذي ضم عددا من ممثلي الوزارات والهيئات الحكومية ومسؤولي الحلبة قد عقد مطلع هذا الشهر، وذلك لتأكيد تضافر جميع الجهود لضمان نجاح السباق، وبحث خطط الاستعداد المختلفة لإقامة فعالياته، واستقبال جمهور زواره المتوقع قدومه، وكيف يمكن الترحيب بهم وتذليل العقبات أمامهم، والوقوف على خدمتهم، وتسهيل فترة إقامتهم في المملكة.كما بدأت شؤون الجنسية والجوازات منذ أواخر فبراير الماضي تلقي طلبات الحصول على تأشيرة الدخول لحضور السباق، وسيستمر ذلك حتى الـ 8 من إبريل المقبل، وهي تأشيرة متعددة الدخول متاحة لأسبوعين للزوار من 115 جنسية ممن يمكن لهم التسجيل مباشرة عبر الموقع الالكتروني للهيئة بينما سيتاح لبقية الجنسيات الأخرى فرصة الحصول على تأشيرة عن طريق ضامن.من جهتها، قامت وزارة الصحة في نهاية فبراير الماضي باعتبارها مقرا إقليميا لتدريب الطواقم الطبية بعقد اجتماعها السنوي للجنة المعنية بالسباق، وذلك للوقوف على ومتابعة الاستعدادات الخاصة به، ومدى توفر وجاهزية المعدات والطواقم الطبية والتمريضية اللازمة، حيث بحثت دور ما يربو على 200 موظف من مختلف التخصصات الصحية لرصد ومعالجة أي حالات طارئة تستدعي التدخل الطبي، مثلما تفرض اشتراطات اللجنة الطبية للاتحاد الدولي للسيارات وقواعد العمل المتبعة فيه.ويتعاون الفريق المهني التابع لوزارة الصحة بشكل كامل مع الجهات المعنية كافة، وبخاصة مع مستشفيات القطاع الخاص إذا اقتضت الحالة خلال أيام السباق، وقد تلقى تدريبات كافية على أعلى مستوى منذ 4 أشهر على الأقل قبل انطلاق إشارة البدء، واجتاز أفراده ـ بخبراته الكبيرة والممتدة ـ العديد من الدورات المتخصصة التي تفرض حسن التعامل مع متطلبات ساحة رياضية كمضمار سباق سيارات، وكيفية استخراج المصابين منه لا قدر الله، وغير ذلك الكثير.ولم تتوقف الاستعدادات عند هذا الحد، إذ سعت هيئة البحرين للسياحة والمعارض من ناحيتها لوضع السباق ضمن خططها لتطوير القطاع السياحي بالمملكة، وذلك خلال مشاركتها في النسخة الـ 37 من معرض سوق السفر العالمي عام 2017 الذي أقيم في المملكة المتحدة في نوفمبر 2017 الماضي.وفي إطار الترويج لهذا الحدث الكبير الذي تستضيفه المملكة، وتتأهب له أجهزة الدولة كافة، وينتظره عشاق رياضة المحركات، خاصة أنه الثاني في تقويم الموسم الجديد للفورمولا ون عام 2018 والمكون من 21 سباقا، دشنت هيئة السياحة خلال المعرض المذكور مسابقة بعنوان «أسرع لفة ـ وهو مسار افتراضي لمحاكاة الفورمولا واحد بمنصة الهيئة»، واستهدفت من ورائه محبي العطلات والسياحة العائلية في شتى أنحاء العالم، حيث حصل الفائزون على تذكرتي سفر للبحرين وتذكرتين لحضور السباق وإقامة مجانية أيضا.وتزامنت هذه الاستعدادات المكثفة مع الترتيبات التي تجري داخل الحلبة ذاتها، وذلك لإخراج الفورمولا ون في أبهى صورة ممكنة، حيث يلاحظ اتخاذ العديد من الخطوات والإجراءات التي تضمن حسن تنظيم هذا الحدث، سيما أنه السباق الليلي الـ 5 الذي تحتضنه أسوار الحلبة، والـ 14 في مسيرتها التي تؤكد بها البحرين قدرة كوادرها الفتية على مواصلة مسيرة النجاح التي ابتدأتها من أكثر من عقد، وجعلتها تتبوأ مكانة كبرى في عالم استضافة الفعاليات الكبرى، وتنظيم حدث كبير لا يقل عدد مشاهديه ومتابعيه في العالم عن 425 مليون فرد حسب بعض التقارير.ولعل من بين أهم الخطوات، هو الترويج للحدث لجذب واستقطاب أكبر عدد ممكن من الزوار والمحبين له سواء في داخل المملكة أو في خارجها، ومن ذلك إعلان الشعار الرسمي لسباق هذ العام «سابق النجوم» (Race the Stars)، وكذلك طرح تذاكر السباق منذ أواخر ديسمبر 2017 الماضي ومنتصف فبراير الماضي ضمن حملة العروض المبكرة بتخفيضات تتراوح ما بين 15 إلى 20 %.وقد حظيت هذه العروض بإقبال جماهيري كبير، سيما أن أيام السباق ستشهد العديد من الحفلات الفنية والغنائية والترفيهية، التي تستهدف كل أفراد العائلات، وتتوافق مع ميولهم، وبخاصة من الشباب، حيث سيُخصص لهم «تجربة فرصة الطيران في الهواء»، ويستقطب لهم أحد مشاهير الغناء وهو الفنان العالمي «كارلوس سانتانا»، فيما سيخصص للأطفال خيمة مستقلة تضم بالإضافة لعروض السيرك المسرح والألعاب التفاعلية.كما انطلقت في الـ 10 من مارس الماضي فعاليات «تجارب القيادة المثيرة» و»الحلبة لك» للسيارات والدراجات النارية، التي تستهدف الحلبة من ورائها جلب المشجعين ومحبي رياضة المحركات النارية وعشاق السرعة إلى الحلبة وتجربة السباق عبر مضمارها وبسيارات ذات أداء عال وقوي لأول مرة، كقيادة سيارة رينو كليو كب، وسيارة راديكال اس ار1، وتجربة ركوب سيارة راديكال اس ار3.وبجانب ذلك، تستضيف الحلبة هذا العام 2018 سباقين مساندين، الأول: بطولة الفورمولا 2 التي تعد المغذي الأساسي للفورمولا ون، وبطولة كأس تحدي البورش جي تي 3 الشرق الأوسط (الجولة الـ 6 والختامية)، والتي تعتبر من أكثر البطولات نجاحا في المنطقة، لأنها تضم السائقين الأكثر موهبة في الشرق الأوسط. كما استضافت الحلبة في الفترة من 17 إلى 18 نوفمبر الماضي الجولة الـ 9 والختامية من بطولة العالم للتحمل عام 2017 المعروفة باسم بطولة الفورمولا V8، وذلك على هامش استضافتها لسباق بابكو للتحمل 6 ساعات الذي ضم كأس تحدي البورش جي تي 3 الشرق الأوسط، والبطولة الدولية MRF، إلى جانب انطلاق سلسلة الفورمولا V8، وذلك للمرة الأولى على مضمارها.وتبدو أهمية جملة هذه التحركات والمساعي الترويجية للسباق من اعتبارات عدة، أولها: محاولة تعظيم العائد من السباق والحلبة باعتبارها موردا اقتصاديا مهما يمكن أن يرفع من قيمة مساهمة النشاط الرياضي في الدخل الوطني، ما يدفع إلى مزيد من الاهتمام بهذا المرفق الحيوي وتزويده بما يلزم من احتياجات ومشاريع ليكون قادرا على ضخ مزيد من المردودات للدولة.ويبدو ذلك جليا خلال فترة السباق التي تشهد في العادة مزيدا من الحيوية والحراك، أو ما يعرف بالقيمة المضافة والعائد غير المباشر الذي تسهم به الحلبة في الاقتصاد كإنعاش المتاجر والمنشآت الفندقية والمرافق السياحية، فضلا عن قطاعات المواصلات والدعاية والإعلان والمطاعم ومجمعات التسوق وغيرها، والتي تقدر بحسب بعض التقارير بنحو 500 إلى 600 مليون دولار.الثاني: مواكبة التغيرات الكبيرة التي تشهدها رياضة المحركات، والتي يتعين على حلبة البحرين الدولية التوافق معها ومتطلباتها، فإضافة إلى التخلي عن الشعار القديم للسباق وتغيير شعار البطولة واستبداله بآخر، وتغيير إدارة الشركة المنظمة وملكيتها في نوفمبر 2017 الماضي، واستحواذ شركة (Liberty Media) بنسبة 100% عليها، وتعيين رجل الأعمال «تشيس كاري» رئيسا لها بدلا من «بيرني إكليستون» الذي أُجبر على التقاعد.في ضوء ذلك، فإن حلبة البحرين الدولية ستكون هي الأخرى على موعد مع العديد من التغيرات، والتي ستكون الأولى من نوعها في موسم هذا العام، وستسهم في زيادة وتيرة السباق واشتداد المنافسة، ومنها: الإعلان عن سيارات الشركات الكبرى لخوض غمار المراحل المختلفة لسباقات عام 2018، والتي بدا أنها قفزة نوعية في عالمي التصميم والمحركات سواء بسواء، وأعطت لمحة موجزة لما ستكون عليه المرحلة الثانية من سباق الفورمولا ون الذي ستستضيفه البحرين، إضافة إلى تقليل عدد المحركات من 4 الى 3، منع نظام التعليق الذي يغير دينامكية الهواء للسيارات وهي تتسابق، زيادة نوعية الإطارات وغير ذلك من الأمور الفنية التي ستلفت الأنظار لفعاليات جولة سباق البحرين الجائزة الكبرى 2018.
مشاركة :