بينما تواصلت الحرب الكلامية بين موسكو ولندن، على خلفية قضية تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته في بريطانيا، بدأت أدلة تشير إلى صلة بين موسكو وشركة كمبريدج أناليتيكا البريطانية، التي تقدم الاستشارات السياسية، وتواجه تدقيقا بسبب فضيحة سوء استخدام ملايين البيانات الشخصية بالمشاركة مع «فيسبوك». في خضم الأزمة بين لندن وموسكو، على خلفية محاولة اغتيال العميل الروسي المزدوج سيرغي سكريبال في مدينة سالزبري جنوب إنكلترا 4 الجاري، عبرت روسيا عن غضبها من تشبيه وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالزعيم الألماني النازي أدولف هتلر، ومقارنته بين استضافة روسيا لبطولة كأس العالم لكرة القدم هذا الصيف، واستضافة ألمانيا النازية دورة الألعاب الأولمبية عام 1936. وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: «هذا تصريح مثير للاشمئزاز، ولا يليق بوزير خارجية هذه الدولة أو أي دولة، وهذا بلا شك مهين وغير مقبول». وكان جونسون ذكر أمس الأول، تعليقا على نائب اعتبر أن بوتين سيستغل بطولة كأس العالم، «كما استخدم هتلر الألعاب الأولمبية في 1936»، «بصراحة، التفكير في بوتين وهو يمجد نفسه خلال هذا الحدث الرياضي يثير الاشمئزاز». من ناحية أخرى، اعرب بيسكوف عن الامل في عدم انسياق أوروبا وراء «رغبات بريطانية»، مضيفا: «اننا نراهن على حكمة أوروبا والمنطق السياسي السليم». وأشعل تسميم سكريبال في بريطانيا 4 مارس التوتر بين الشرق والغرب، وفاقم الخلاف بين موسكو ولندن بعد علاقات فاترة أصلا، وطردت لندن 23 دبلوماسيا روسيا، وأعلنت تجميد العلاقات الثنائية، وردت روسيا، التي تنفي مسؤوليتها عن تسميم العميل السابق، بطرد 23 دبلوماسيا بريطانيا، ووقف أنشطة المجلس الثقافي البريطاني. تحقيق جديد وفي تصعيد بريطاني جديد، فتحت محكمة في لندن أمس تحقيقا في مقتل نيكولاي غلوشكوف، أحد كبار مديري الأعمال في شركة «آيروفلوت» الروسية للطيران المدني (68 عاما)، المعروف بأنه كان عدوا للرئيس بوتين، والذي عثر على جثته في منزله قبل أيام. إنكار من ناحيته، أفاد السفير الروسي لدى بريطانيا ألكسندر ياكوفينكو بأن السلطات البريطانية تنتهك معاهدة فيينا، إذ إنها تمنعنا من الوصول إلى سيرغي سكريبال وابنته يوليا التي اصيبت معه في الهجوم. وفي مؤتمر صحافي عقده في لندن، قال ياكوفينكو، أمس، إن السفارة الروسية طلبت رسميا معلومات عن ملابسات عملية التسميم وسير التحقيقات، لكن لندن رفضت تقديم عينات من المادة المذكورة. وعما إذا كانت بلاده تتعامل مع الواقعة بتهكم، بعد أن كتبت السفارة الروسية على «تويتر» أنه من دون وجود دليل على ما حدث يتعين أن يتولى المحقق هركيول بوارو، بطل روايات أغاثا كريستي، حل اللغز، دافع السفير عن التغريدة قائلا: «ليس لدينا أي معلومات»، وأضاف: «التحقيقات سرية، لا نعرف دوافع الحكومة البريطانية، لذلك تقول التغريدة إن القضية معقدة جدا ونحتاج، دعنا نقول، لشخص في حنكة بوارو للتحقيق فيها». وعما إذا كانت روسيا ستضمن أمن المشجعين البريطانيين أثناء فعاليات كأس العالم لكرة القدم لعام 2018، أكد ياكوفينكو أن سلطات بلاده تتخذ حاليا كل الإجراءات المطلوبة لضمان أمنهم. الأدلة أو الاعتذار وفي واشنطن، استغربت السفارة الروسية، في بيان، «الأحكام غير المتكافئة التي أطلقتها الناطقة باسم البيت الأبيض هيدز نويرت، التي زعمت بأن روسيا مسؤولة عن تسميم سكريبال»، متابعة: «نود أن نذكر بأن أي نوع من العبارات القوية في الحوار مع روسيا يأتي بنتائج عكسية». ماي من ناحيتها، وجهت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، في قمة رؤساء الاتحاد الأوروبي أمس في بروكسل، دعوة إلى قادة الاتحاد ليكونوا «متحدين» بمواجهة «التحدي» الذي تمثله روسيا على النظام الدولي. وفي خطاب ألقته خلال عشاء عمل مع قادة الاتحاد الاوروبي، قالت ماي: «التحدي الذي تمثله روسيا هو تحد سيستمر سنوات، وسيكون ممكنا لنا هزيمته بوحدتنا، وبوصفنا ديمقراطية أوروبية، فإن بريطانيا ستقف بجانب الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي من اجل ان نواجه معا هذه التهديدات». وكانت ماي أعلنت لدى وصولها بروكسل أن «روسيا تشكل تهديدا للتكتل كله وليس بريطانيا فحسب»، وقالت للصحافيين: «نفذت روسيا هجوما وقحا ومتهورا ضد المملكة المتحدة... من الواضح أن التهديد الروسي لا يحترم الحدود، وأن ما حدث (في مدينة) سالزبري كان في إطار نمط من الاعتداء الروسي على أوروبا وجيرانها». كمبردج أناليتيكا على صعيد آخر، قال سفير روسيا لدى بريطانيا ألكسندر ياكوفينكو إن موسكو ليس لها أي صلة بمؤسسة كمبردج أناليتيكا. وبسؤاله لماذا التقطت له صورة منذ فترة بجانب ألكسندر نيكس الرئيس التنفيذي لـ»كمبردج أناليتيكا»، الذي جرى وقفه الآن عن العمل، قال ياكوفينكو إنه كان يسلم جوائز لعدة أشخاص بينهم نيكس في نادي وندسور للبولو. وتواجه «فيسبوك»، أكبر شبكة للتواصل الاجتماعي في العالم، تدقيقا حكوميا متزايدا في أوروبا والولايات المتحدة فيما يتعلق بمزاعم بأن شركة كمبردج أناليتيكا للاستشارات السياسية، التي يقع مقرها في لندن، استخدمت بشكل غير لائق معلومات تخص المستخدمين لتكوين لمحات عن الناخبين الأميركيين استخدمت فيما بعد بالمساعدة في فوز الرئيس دونالد ترامب في انتخابات 2016. وقرر مجلس إدارة «كمبردج أناليتيكا» الثلاثاء الماضي إيقاف نيكس عن العمل، بعدما ظهر في تسجيل سري وهو يتباهى بأن شركته لعبت دورا حاسما في فوز ترامب.
مشاركة :