في خطوة متأخرة، كرّم المجلس الأعلى للثقافة في مصر الناقد الدكتور صلاح فضل لمناسبة بلوغه الثمانين، في احتفالية شارك فيها نقاد ومثقفون استعرضوا مسيرة فضل ومشروعه النقدي، وطالبوا الدولة بتأمين نفقات علاجه في المستنشفى حيث يرقد منذ أكثر من عام، لمعاناته من السرطان، كذلك طالبوا المجلس الأعلى بتكريم الرموز الإبداعية في مصر والعالم العربي. وصف الدكتور مصطفى الفقي، مدير مكتبة الإسكندرية، صلاح فضل بأنه قيمة فكرية وأدبية وثقافية لا ينكرها أحد، نموذج حي للمثقف المتفاعل مع قضايا وطنه، وقال: «شاركته في إعداد وثيقة الأزهر وكتبها بنفسه، وهي نقطة مضيئة في تاريخ الأزهر الشريف، وتعد خير تجديد حقيقي في الخطاب الديني». أضاف أن فضل يتميز بتعددية في شخصيته، فقد درس في كليات ذات طابع ديني، ومع ذلك احتك بثقافات أخرى، وتكونت لديه سبيكة ثقافية تأخذ من الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية، فضلا عن دعوته للتحرر العقلي والخروج من الدائرة الضيقة للفهم المحدود. بدوره أكد د.جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، أن صلاح فضل على مستوى النقد، أحد أعمدة الحداثة، وقد برز ذلك منذ عام 1980 ، وقال: نحييه بمناسبة بلوغه الثمانين، هذه تحية له على هذه الرحلة، فعش طويلًا يا صديقي». مشروع نقدي اعتبر الناقد الأدبي الدكتور حسين حمودة أن المشروع الممتد والمتنوع للدكتور صلاح فضل يعود منذ كتابه المبكر «من الرومانث الإسباني» وصولا الى كتابه « سرديات القرن الجديد وشعر هذة الايام»، رحلة قطعها فضل ولم يتوقف ولم يشكُ. أضاف أن مشروعه النقدي يقوم على التقاء الأفكار والتلاقح الثقافي، والجمع بين نماذج شتى تنتمى الى مجالات عدة، تأسس في جوهره على إعادة نظرة متصلة في المفاهيم النقدية الحديثة، وتأمل حراك الروابط التي تصل بين الثقافات وبين التصورات النقدية والأعمال الإبداعية. تابع: «من ضمن عطائه كانت أدواره الثقافية واسهاماته في بلدان كثيرة منها المجلس العلمي في إسبانيا، والمعهد العالي بأكاديمية الفنون... وقدم إبداعات عربية إلى الوسط الأدبي والثقافي المصري وأول من عرّف نجيب محفوظ إلى ابداعات ابراهيم الكوني. وارسل الناقد والكاتب السورى نبيل سليمان كلمة قرأتها الشاعرة شيرين العدوى، تمنى فيها الشفاء لفضل واصفاً اياه بـ «فتى الحداثة وشيخها». شخصية متمردة وصف الناقد الدكنور أحمد درويش كتابات فضل بأن لها مذاقاً خاصاً وقال: «عرفت د. فضل منذ كان معيداً في الكلية، وكان شخصية متمردة لا ينتظر حظه بل يسعى إلى خلق مناخ ملائم له ليحقق نفسه، ونجح في ذلك وأبدع ونال ريادة صعبة، فتعددت إنجازاته بين تأليف وترجمة وتطبيق نقدي، وجمع محاسن هذا وذاك وصهر كل ذلك في بوتقة ذات مذاق خاص. واعتبر الناقد الدكتور محمد الخولي أن صلاح فضل فنان بامتياز، وقال: «تنطوي شخصية صلاح فضل على حب الكلمة، واستشراف النغمة، ودائماً يتحدث عن النغمة ويتكلم عن الموسيقى، وهو النموذج الحي الحقيقي للمثقف، الذى يربط الفكر والنغم بالوطنية. أما أحمد مجاهد، رئيس سابق للهيئة العامة للكتاب، فأشار إلى أن د.فضل جمع بين عقلية الناقد وروح المبدع. شارك في كتابة مسودة الدستور ووثيقة الازهر، وكان له رأيه الحاسم في أزمة رواية «وليمة لأعشاب البحر» وهو الذى كتب تقريراً عنها. تعليقاً على كلمات الحضور قال الدكتور صلاح فضل: «هذا التقدير يجعلني أستعيد من ذاكرتي بيتين من الشعر، قرأتهما في صباي للشاعر حافظ إبراهيم: «شكرت جميل صنعكم بدمعي، ودمع العين مقياس الشعور، لأول مرة قد ذاق جفني، على ما ذاقه دمع السرور». مؤلفات وجوائز صدر للدكتور صلاح فضل عشرات المؤلفات في النقد الأدبي وترجم خمسة كتب من المسرح الإسباني، فضلا عن بحوث ومقالات في النقد والأدب منشورة في مجلات وصحف أدبية. من إصداراته: «الرومانث الإسباني، منهج الواقعية في الإبداع الأدبي، النظرية البنائية في النقد الأدبي، علم الأسلوب، إنتاج الدلالة الأدبية، ملحمة المغازي الموريسكية، شفرات النص، أساليب السرد في الرواية العربية»... تولى مناصب عدة من بينها: رئيس اللجنة العلمية لموسوعة أعلام علماء وأدباء العرب والمسلمين في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، مقرر لجنة الدراسات العربية للمجلس الأعلى للثقافة، وعضو مجمع اللغة العربية بمصر، ترأس تحرير مجلة «فصول» ونال «جائزة البابطين للابداع» في نقد الشعر و«جائزة الدولة التقديرية» في الأدب.
مشاركة :