قالت الممثلة تقلا شمعون، إن الخصوصية في الدراما اللبنانية مفقودة، والأمر ينطبق أيضا اليوم على الأعمال السورية والمصرية التي كانت في الماضي متفوقة في هذا المجال. وأضافت خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «بعض المنتجين يأخذون موضوع الدراما المحلية على محمل الجدّ بحيث يبذلون جهدا لافتا لتقديمها على المستوى المطلوب، وفي المقابل هناك محاولات أخرى لا يجب أن تكون موجودة من أساسها». وأوضحت شمعون التي تعد واحدة من الممثلات اللبنانيات الرائدات على الساحتين اللبنانية والعربية: «تعد محطات التلفزة المسؤولة الأساسية عن هذا الضياع الذي يعاني منه المشاهد والذي تسبب بفقداننا للنوعية في هذه الأعمال. فبرأيي يجب عليها أن تضع معايير محددة يتم على أساسها اختيار العمل المناسب، فيولد نوعا من التحدي الصحيح والمطلوب بعيدا عن عملية الاستسهال في صناعة الدراما التي يشارك فيها مرات كثيرة المنتج والكاتب والمخرج»,ورأت تقلا شمعون بأننا نعاني من غياب لهويتنا اللبنانية ومن غربة مع واقع مجتمعنا بحيث معظم أعمالنا لا تمثلنا. وتوضح: «استرخاص العمل على أساس الفورمات الأجنبية، والذي يلهث خلفه كثيرون اليوم هو لا يشبهنا لا بعناصره ولا بواقعه المعاش. فالمجتمع اللبناني لا يرتكز على الفخامة والسيارات الفارهة والفتاة التي تقدم على الغلط قبل الزواج. فأنا من الرافضين لعملية التقليد السائدة اليوم وما أطالب به هو مسلسلات لبنانية بامتياز قلبا وقالبا، بحيث تحكي عن وجعنا وهواجسنا وبطولاتنا ونجاحاتنا وفشلنا، وإلا فهي لن تشبهنا لا من بعيد ولا من قريب».وتقلا شمعون التي أطلت مؤخرا في الفيلم السينمائي «مورين» الذي يعد أول عمل روائي تاريخي يحكي قصة لبنانية حقيقية، وهو من كتابة وإخراج زوجها طوني فرج الله تعلق: «صعوبات كثيرة واجهتنا في هذا التحدي السينمائي الأول من نوعه في لبنان إن من حيث إيجاد ممولين له وإن من ناحية اختيار مواقع التصوير وفي النهاية جاء على المستوى المطلوب وحققنا من خلاله حلما لطالما راودنا على الصعيد اللبناني، لا سيما وأنه حمل مشاركة أسماء لامعة من الممثلين الذين تحمسوا للقيام به على الرغم من كل الصعوبات التي واجهتنا». ويشارك في هذا الفيلم الذي يحكي قصة فتاة لبنانية تدعى «مورين» تحاول التخلي عن مغريات الدنيا واللجوء إلى حياة روحانية قريبة من رب العالمين كل من منير معاصري ومنير كسرواني وأويس مخللاتي إضافة إلى آخرين أمثال سمارة نهرا وكارمن بسيبس وتقلا شمعون اللاتي وقفن أمام الكاميرا السينمائية على طبيعتهن دون ماكياج تاركين لملامح وجوههن التعبير عن مشاعر ومواقف مطلوبة منهن في الفيلم. «هناك عملية تشويه كبيرة يعاني منها مفهوم الجمال في أعمالنا والمسؤول عنه مباشرة المخرج والكاتب والمنتج. فبعض الممثلات وبناء على رغبة هؤلاء تنجرّ وراء الخضوع إلى عمليات نفخ وتجميل كي يفرضن أنفسهن على الساحة، ودائما حسب نصيحة يسديها لهن المسؤولون عن العمل. وهذا أمر خاطئ جدا، فالمشاهد يميز بين الحقيقة والمبالغة في الأمر وهذه التجاعيد التي يمكن أن تلتف حول دائرة العين أو الشفاه هي عنصر جمالي بحد ذاته فلماذا نركض لإلغائها بعشوائية؟». وتتابع: «هؤلاء الممثلات هنّ ضحايا المنتج والمخرج الآتين من مفهوم تسويقي خاطئ لجذب وبطريقة سطحية عين المشاهد. فعلى القيمين على أي عمل سينمائي كان أو تلفزيوني أن يتعاملوا مع روح الممثل وليس مع شكله الخارجي». وعما إذا كانت المسلسلات التركية نجحت في هذا الإطار وتميزت عن غيرها من الأعمال الدرامية ترد: «مؤخرا نلاحظ أنهم وقعوا هم أيضا في الفخ نفسه إضافة إلى تقديمهم مواضيع لا تشبه مجتمعهم». وتختم هذا الموضوع: «يجب أن تكون الممثلة واعية على هذه النقطة فلا تشوه تعابير وجهها لأن ذلك ينعكس سلبا على الدور الذي تلعبه. فنحن نتوق إلى مشاهدة وجوه طبيعية وحقيقية وبأن يخضع أي ممثل إلى تجارب أداء تحدد إمكانية مشاركته في عمل ما أو العكس تبعا للشخصية التي يقدمها».وعن مشكلة انزواء ممثلين قديرين عن الساحة في ظل غياب طلبهم من قبل منتجين ومخرجين وكأنهم أصبحوا ينتمون إلى خانة «انتهاء صلاحيتهم» تعلق: «الأمر لا يتعلق فقط بالمخرج أو المنتج بل بالممثل نفسه الذي لا يتقبل تجاوزه منتصف العمر فينزوي تلقائيا، معتبرا بأنه ما عاد يصلح للظهور أمام الكاميرا. وفي ظل غياب الرعاية والحضانة لهؤلاء كي يعيشوا بكرامة، وتلكؤ المنتجين في طلبهم للمشاركة في عمل ما في المقابل فإنهم يستسلمون لواقع معين تنتهي معه مسيرتهم التمثيلية قبل أوانها».وحسب شمعون فإنه على الممثل أن يبقى مندفعا في عمله لا أن يتحول إلى موظف كسول يفتقد إلى روح الإبداع والخلق مما يساهم في انطفائه.وانتقدت تقلا شمعون الاستسهال المتبع في صناعة الدراما وتقول: «المناخ العام الذي يعيش فيه الممثل والكاتب والمخرج إذا لم يكن صحيا وسليما يفقد من نضوجه وينتج عنه أعمالا سطحية وولادية. فكل من موقعه يجب أن يتمتع بثقافة ودراسة معينة تضع هذه المهنة على أسس صلبة. اليوم أخاف على الدراما اللبنانية بسبب استسهال صناعتها والتي صارت بمتناول أي شخص يخطر على باله دخول هذا المجال». وعما إذا هناك من مواهب تمثيلية تلفتها ترد: «أرى ضياعا لافتا في هذا الصدد. فحتى مع وجود مواهب لافتة فإن مستقبلها يبقى مهددا إذا لم تخضع لتدريب حثيث وتتمتع بثقافة عالية وتصعد سلمّ النجاحات درجة درجة. فإن ينضج الطعام قبل أوانه سيكون غير شهي ولن يستمتع أحد بتناوله».وعن مشاريعها المستقبلية تقول: «سأطل في موسم رمضان المقبل في مسلسل (جوليا) والذي أؤدي فيه ولأول مرة دورا كوميديا إلى جانب ماغي بوغصن وقيس الشيخ نجيب. وأجسد فيه دور ديانا التي تعيش في حي شعبي وهي لا تزال تحافظ على شكلها الخارجي الجذاب. فتتعرض إلى مواقف طريفة جسدتها بطريقة عفوية على أمل أن يعجب دوري المشاهد». ومن المنتظر أن نشاهد تقلا شمعون أيضا في عمل ضخم يتوقع أن تعرضه شاشة (إل بي سي إي) خلال شهر رمضان بعنوان «ثورة الفلاحين» ويضم باقة من الممثلين اللبنانيين المعروفين وهو من إخراج فيليب أسمر. وكانت تقلا شمعون قد انتهت من تصوير مسلسل «كرما» المتوقع عرضه على شاشة «إم تي في» في الموسم المقبل ما بعد رمضان وتجسد فيه دور مهندسة زراعية ذات بنية وشخصية قويتين يصلح وصفها بـ«أخت الرجال» كما ذكرت لنا.
مشاركة :