هناك علاقة وثيقة بين السكري (II) وأمراض شرايين القلب، بحيث إن مرض السكري في الكبار مكافئ صحياً لوجود جلطة سابقة في القلب، فهما يكادان أن يكونا توءمان لا يفترقان، فأينما وجدت السكري فابحث عن أمراض القلب وأينما وجدت أمراض القلب فابحث عن السكري خصوصاً في المناطق التي يوجد فيها مرض السكري بأكثر من 10 % من مجموع السكان. وأمراض القلب هي المسبب الرئيس للوفيات في مرضى السكري، حيث إن مريضاً واحداً من كل خمسة مرضى مصابين بالسكري يصاب بالجلطة خلال عشر سنوات، حيث تزيد نسبة المخاطر للإصابة بالجلطات المستقبلية من 2-3 أضعاف مقارنة بالمرضى غير المصابين بالسكري وهم 4 أضعاف أكثر عرضة للإصابات المتكررة بالجلطات، ونسبة انتشاره لدينا في المجتمع تختلف حسب الفئة العمرية ولكنها حوالي 25 % أي شخص واحد من كل أربعة أشخاص فوق الثلاثين سنة يكون مصاباً بداء السكري سواء بعلمه أو من دون، حيث يعتبر السكري المسبب الأول لانتشار أمراض القلب في المملكة، أضف على ذلك أنه وجد في دراسة حديثة أن حوالي نصف مرضى متلازمة الشرايين الحادة (جلطات القلب) لدينا مصابون بمرض السكري، وهي نسبة عالية جداً مقارنة بالدول الغربية. وذكرت الجمعية الأميركية لأمراض السكر (26 مارس 2008) أن أي شخص في منطقة الخليج العربي احتمالية إصابته المستقبلية بالسكري خلال حياته هي 60 % وهي نسبة عالية، وحسب دراسة (Framingham) المشهورة ودراسة (MRFIT) فمرضى السكري أقصر عمراً من أقرانهم غير المصابين بالسكر بحوالي 8 سنوات، وحسب دراسة (DIAD) فإن 22 % من مرضى السكري لديهم نقص في تروية القلب حتى ولو لم يكن لديهم أي أعراض مرضية. والسكري يسبب الجلطة القلبية، الذبحة القلبية، الوفاة المفاجئة وجلطات الرأس، وانسداد الأوعية الدموية الطرفية، وتضيق وانسداد شرايين الرقبة الأمامية والخلفية، وضعف عضلة القلب سواء بانسداد في شرايين القلب أو من دون انسداد فيها، عدم انتظام نبضات القلب، وتضيق صمام الأورطي مع تقدم السن.. كما أن أخذ الدواء حسب توجيه الطبيب والالتزام التام بالحمية ومتابعة الطبيب بانتظام والتحكم بالسكر والضغط والكولسترول وعدم التدخين والمشي اليومي لمدة ثلاثين دقيقة على الأقل خمس مرات في الأسبوع يحدث فرقاً كبيراً في حماية القلب في هؤلاء المرضى. وننصح المرضى بعدم إهمال أي أعراض آلام في الصدر أو أعلى البطن وأخذها محمل الجد حتى يتم التأكد من ماهية مسبباتها. أو ضيق في التنفس أو خفقان في القلب أو إغماء مفاجئ أو انتفاخ جديد في الأرجل. وكذلك ننصحهم بالمحافظة على الوزن المثالي لطول المريض، والابتعاد عن المشروبات الكحولية نهائياً. الطريقة المثلى للاكتشاف المبكر لأمراض شرايين القلب وتتوازن فيها تكلفة الفحص مع النتائج الإيجابية في علاج مرضى السكري الذين ليس لديهم أعراض لأمراض القلب هي مسألة خلافية إلى حد ما في العام 2008 وهي تعتمد على مدى انتشار المرض في ذلك المجتمع وتكاليف الفحص ودقته في تشخيص المرض، وأخيراً تكلفة علاج هذا المرض ومضاعفاته إذا لم يكتشف مبكراً، ونحتاج إلى مزيد من الدراسات العلمية في هذا المجال لاستكشاف تفاصيل علمية أكثر، ولكن الذي نقترحه هو بعد أن يصل المريض للتحكم التام في مرض السكري (الضغط والكولسترول ودرجة تنظيم السكري) هو أن يجري أحد الفحوصات التالية: تصوير القلب النووي أو الجهد مع الأشعة الصوتية لاكتشاف وجود ومقدار نقص التروية للقلب، وهناك ضمان "warranty" لمدة سنتين على عدم حدوث الجلطة، ولأن الغيب لا يعلمه إلا الله فنحن نقصد بالضمان أنه إذا كان التصوير طبيعياً فنسب احتمالية الجلطة قليلة جداً خلال السنتين القادمة أي أقل من 1 %، حيث يبين لك التصوير النووي على سبيل المثال هل هناك نقص في تروية القلب؟ وهل هناك ضعف في العضلة ومكان ذلك الضعف وشدته؟ وهل يحتاج إلى قسطرة الشرايين أم لا؟ وما احتمالية إصابته بالجلطات خلال العشر سنوات القادمة؟ وما احتمالية السكتة القلبية "SCD" كذلك؟ وهل كان العلاج السابق فعالاً في تحسين التروية إلى عضلة القلب أم لا؟ وهل كانت القسطرة والدعامة فعالة في علاج نقص التروية أم لا؟ وهل هناك احتمال تضيق في الدعامة الموجودة؟.. ولتفادي الإصابة بجلطات القلب المستقبلية يجب أن يكون مستوى التحكم بالسكر خلال الثلاثة أشهر الماضية أقل من 7 % "HBA1c" كما يجب أن يكون معدل الضغط في مرضى السكري لتفادي الإصابة بجلطات القلب الانقباضي 120-125/ الانبساطي 70-75. ولذلك نحن ننصح مرضى السكري بالالتزام بالتوصيات العلمية أعلاه للمحافظة على صحة القلب. ترسب الدهون في الشرايين يزداد مع عدم التحكم بمرض السكري
مشاركة :