قال الكاتب والباحث البريطاني كريستين ألرتشسين، إن تعزيز القادة الجدد في السعودية قبضتهم على السلطة يحول المملكة إلى حليف للولايات المتحدة لا يمكن توقع تصرفاته بشكل أكبر من أي وقت مضى.أضاف ألرتشسين، في مقال بمجلة «فورين بوليسي» الأميركية، أن أول زيارة لمحمد بن سلمان للولايات المتحدة، كولي للعهد، تأتي في وقت تشهد فيه العلاقة السعودية الأميركية، طويلة الأمد، انعطافة خطيرة. فقد عزز الأمير الشاب سلطته منذ 2015 بدرجة غير مسبوقة في تاريخ السعودية المعاصر. لفت الكاتب إلى أنه فيما يزعم النظام السعودي أن جهوده تهدف إلى تحويل اقتصاد المملكة، فإن التغيرات التي يجريها على توازن القوى داخل المملكة يغير من طبيعة الدولة السعودية نفسها. واستطرد ألرتشسين، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، أن تعذر التنبؤ بتصرفات الرياض تتزامن مع وقت تشهد فيه السياسة الأميركية نفسها تقلبات سريعة تحت إدارة الرئيس دونالد ترمب، مشيراً إلى أن نتيجة ذلك حالة من الاضطراب المتزايد للشرق الأوسط بأكمله. الاضطراب الذي سيشهده الشرق الأوسط، يقول الكاتب: «يأتي نتيجة اصطباغ صناعة القرار في السعودية وأميركا بصبغة شخصية، وتحركها بعيداً عن المؤسسات التي كانت أساساً للعلاقة الاستراتيجية بين الطرفين منذ عقود». وسلط الكاتب، الضوء على تصريح «خطير» لولي العهد السعودي أثناء حوار له مع شبكة «سي بي اس» الأميركية، قال فيه إنه لن يتخلى عن العرش إلا بالموت، وقال إنه في ظل تصاعد التوترات مع إيران وتعذر إنهاء حربي اليمن وسوريا، فإن طموحات بن سلمان تأتي في وقت سريع التقلب بالنسبة للمصالح الأميركية في الشرق الأوسط. ولفت الكاتب إلى أن القادة السعوديين الجدد يحاولون تغيير نظام الحكم فيها، والذي نشأت صدفة بعد موت مؤسس الدولة الراحل الملك عبد العزيز عام 1953، وهو النظام الذي قام على أساس توزيع السلطة السياسية بين عدد من المراكز السياسية، مما ساهم في خلق نظام غير رسمي من الضوابط والموازين. وتابع الكاتب أنه فيما أعاق وجود عدة مراكز قوى في السلطة، عملية الحكم الفعال، وتسببت في تباطؤ صناعة القرار، إلا أن هذه المراكز عملت كمانع صد ضد تفرد أحدهم بالسلطة. ولفت الكاتب إلى أن الرموز الرئيسية في النظام السياسي السعودي ماتت خلال العقد الماضي، مما ترك محمد بن سلمان وحده ضمن مؤسسي حقبة ما بعد 1953. ولفت الكاتب إلى قمع الأمراء ورجال الأعمال في نوفمبر الماضي، والذي احتل صدارة الصحف العالمية، مشيراً إلى حملة وصفها بأنها لا تقل أهمية، وهي الحملة التي جرت في سبتمبر من نفس العام، وطالت نشطاء سياسيين وشيوخ وصحافيين، وبدأ معها ضيق مجال الحريات في السعودية المخنوق أصلاً. وأشار الكاتب إلى أن ترمب وبن سلمان ربما يعتبران شخصيتيهما ومصالحهما متشابهة، فخلال 14 شهراً كرئيس لأميركا، ازدرى ترمب بالمؤسسات، بدءاً من جهاز اف بي أي ووزارة الخارجية، حتى طريقته غير المتوقعة في التعامل مع السياسات الخارجية. وختم الكاتب بالقول إن انشغال البيت الأبيض بالتطورات المحلية الأميركية وصعوبة نجاح بن سلمان في سياسته الإقليمية، فإن زيارته الحالية لواشنطن تأتي في سياق توترات ربما تخيم على العلاقة الأميركية السعودية في المستقبل المنظور.;
مشاركة :