وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مذكرة رئاسية، تفرض رسوماً جمركية على واردات من الصين بقيمة 60 مليار دولار، على الرغم من أن هذا الإجراء يبتعد كثيراً عن تهديدات كان يمكن أن تشعل حرباً تجارية عالمية.وبمقتضى بنود المذكرة، لن يستهدف ترامب الواردات الصينية إلا بعد فترة تشاور، وهو إجراء سيعطي فرصة لنشطاء الصناعة والمشرعين لتخفيف قائمة استهداف مقترحة تشمل 1300 من المنتجات.وسيكون لدى الصين أيضاً مجال للرد على إجراءات ترامب، ما يقلل خطر انتقام حاد فوري من جانب بكين، واستخدم ترامب لهجة هادئة عندما بدأ حديثه بالقول إنه يعتبر الصين «صديقاً».وقال ترامب: «علينا أن نتحدث إلى الصين، ونحن في غمرة مفاوضات»، مضيفاً أن فقدان وظائف أمريكية في تجارة غير عادلة، كان أحد الأسباب الرئيسية لانتخابه في 2016.ويبلغ العجز التجاري للولايات المتحدة مع الصين 375 مليار دولار.وستلاحق واشنطن أيضاً انتهاكات مزعومة من جانب الصين لقانون الملكية الفكرية، من خلال منظمة التجارة العالمية، وهي منظمة استدرت مراراً غضب الإدارة الأمريكية لكنها قد تقدم حلاً يتفادى حرباً تجارياً.وقال مكتب الممثل التجاري الأمريكي إنه سيقدم قائمة بمنتجات قد يجري استهدافها، تركز بشكل رئيسي على قطاع التكنولوجيا المتطورة. وستكون هناك فترة تشاور مدتها 60 يوماً، قبل سريان أي إجراءات نهائية.وإضافة إلى ذلك قالت إيفريت إيزنستات، نائبة مدير المجلس الاقتصادي القومي، إن ترامب سيطلب أيضاً من وزارة الخزانة الأمريكية اقتراح إجراءات قد تقيد الاستثمارات الصينية في الولايات المتحدة.رد الصينفي المقابل ردت الصين على هذه القرار، متعهدة ب«القتال حتى النهاية» في حرب تجارية محتملة مع الولايات المتحدة.وقالت السفارة الصينية في واشنطن في بيان، في ساعة متأخرة، إن الصين «لا تخاف ولن تتراجع عن حرب تجارية».وأضاف البيان شديد اللهجة: «إذا بدأت الولايات المتحدة حرباً تجارية، فإن الصين ستقاتل حتى النهاية للدفاع عن مصالحها المشروعة بكافة الإجراءات الضرورية».وأضاف البيان أن القرار الأمريكي «سيهدد نظام التجارة الدولي والاستقرار الاقتصادي العالمي».من جهتها قالت السفارة الصينية في واشنطن، إن الصين تشعر بخيبة أمل كبيرة وتعارض بشدة الخطوة الأمريكية الحمائية أحادية الجانب، التي اتخذتها إدارة ترامب ضد واردات من الصين.وأكدت السفارة في بيان أن «الصين لا تريد حرباً تجارية مع أحد، ولكنها لا تخشى ذلك، ولن تنكص عن حرب تجارية».وأضافت: «إذا بدأت حرب تجارية من قبل الولايات المتحدة، فالصين مستعدة للقتال حتى النهاية من أجل الدفاع عن مصالحها المشروعة، وبكافة الوسائل الضرورية».وجاء في بيان السفارة الصينية أيضاً أن «الخطوات التي تتخذها الولايات المتحدة تلحق الأذى بها ذاتياً»، محذرة من أن هذه الخطوات سيكون لها أثر سلبي مباشر على مصالح المستهلكين والشركات والأسواق المالية في الولايات المتحدة.ومضى البيان يقول: «إنها تعرض نظام التجارة والاستقرار الاقتصادي العالميين للخطر أيضاً».ووفقاً لتقديرات من مؤسسة تكنولوجيا المعلومات والابتكار (ITIF)، وهي مؤسسة بحوث للسياسات التكنولوجية بالولايات المتحدة، فإن 25% من الرسوم على واردات تكنولوجيا معلومات واتصالات من الصين، ستكلف الاقتصاد الأمريكي خسائر تقدر ب332 مليار دولار أمريكي خلال العقد المقبل.وأوضح بيان السفارة الصينية لدى واشنطن: «لقد أظهرت الصين إخلاصاً واضحاً في طرح مقترحات معقولة للولايات المتحدة، وقد بذلت جهوداً جبارة لمعالجة الخلل الحالي بالميزان التجاري بين الصين والولايات المتحدة».وأضاف البيان: «نحث الولايات المتحدة على التوقف عن مثل هذه الخطوة، وتوخي الحذر في قراراتها، وتفادي وضع العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة في خطر، بهدف إلحاق الأذى بالآخرين، ولكن الأذى سيلحق بها في نهاية المطاف».وقال تسوي تيان كاي، سفير الصين لدى الولايات المتحدة، إن اتهام الصين بانتهاك حقوق الملكية الفكرية «لا أساس له من الصحة»، وهو «نوع من التمييز المتعصب».وأضاف السفير: «أن الناس في الصين وفي البلدان النامية الأخرى، مؤهلون تماماً لأن يبدعوا بأنفسهم». وأكد أن الصين تشجع الابتكار، ولديها قوانين لحماية حقوق الملكية الفكرية لكل من الشركات الصينية والأجنبية.وأوضح: «سنبذل أقصى جهودنا لضمان حماية حقوق الملكية الفكرية، سواء أ كانت لشركات صينية أو أمريكية».ونشرت الصين قائمة برسوم محتملة قد تفرضها على واردات أمريكية تبلغ قيمتها ثلاثة مليارات دولار، وتتنوع من لحم الخنزير إلى الفاكهة والنبيذ إلى سلع أخرى، وذلك كرد على العقوبات الأمريكية التجارية الجديدة.ووجهت الصين تحذيراً إلى الولايات المتحدة من أنها «لا تخشى أبداً من حرب تجارية». وقالت وزارة التجارة الصينية إن «الصين لا تريد خوض حرب تجارية، لكنها أيضاً لا تخشى من حرب تجارية».وحذرت وزارة التجارة الصينية في بيان من أن مجموعة أولى من الرسوم قد تفرض على بعص الواردات، في حال فشلت الولايات المتحدة في التوصل إلى اتفاق عبر المفاوضات.وتابعت وزارة التجارة الصينية أن بكين «تدعو الولايات المتحدة إلى الرد في أقرب وقت ممكن على مخاوف الصين»، بهدف «تجنب الإضرار بالتعاون برمته» بين البلدين.كما أبدت بكين استعدادها لإطلاق آلية لدى منظمة التجارة العالمية ضد الإجراءات الأمريكية.أستراليا: لا فائز في الحرب التجاريةقال رئيس الوزراء الأسترالي مالكولم ترنبول يوم الجمعة (23 مارس/آذار)، إنه «لا يوجد فائز في حرب تجارية»، بعد تحرك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لفرض تعريفات جمركية تصل إلى 60 مليار دولار على سلع صينية.ويعتزم ترامب فرض التعريفات على ما تقول إدارته إنه تعدٍ على الملكية الفكرية الأمريكية.وتنص مذكرة رئاسية وقعها ترامب أمس الخميس (22 مارس/آذار)، على أنه توجد فترة للاستشارات مدتها 30 يوماً، تبدأ بمجرد نشر قائمة للسلع الصينية.وتحرك ترامب هذا أثار مخاوف من اندلاع حرب تجارية مع انخفاض الأسهم الأسترالية لأدنى مستوى لها في أكثر من خمسة أسابيع أمس الجمعة. وعبر ترنبول عن أمله في أن تتمكن الدولتان (الصين والولايات المتحدة) من «التفاوض بشأن تسوية مرضية».