القاهرة - يتوجه المصريون إلى صناديق الاقتراع من الاثنين إلى الأربعاء للإدلاء بأصواتهم في انتخابات رئاسية محسومة سلفا للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يتوقع أن يعاد انتخابه لولاية ثانية مدتها أربع سنوات. ودعي إلى الاقتراع قرابة 60 مليون ناخب من إجمالي 100 مليون مصري هم عدد سكان البلد العربي الأكبر ديموغرافيا. ويتعين على الناخبين الاختيار ما بين السيسي ومنافسه رئيس حزب الغد موسى مصطفى موسى وهو سياسي غير معروف لدى الجمهور الواسع. وقرر موسى، الذي كان من أشد مؤيدي الرئيس المصري، الترشح في اللحظة الأخيرة لكي يجنبه أن يكون المرشح الوحيد في الانتخابات. ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة مصطفى كامل السيد إن "موسى مصطفى موسى لديه فرص ضعيفة للفوز بعدد كبير من الأصوات". وفي مقابلة تلفزيونية تم بثها الأسبوع الماضي أكد السيسي أن غياب مرشحين أقوياء ليست مسؤوليته. وقال "الممارسة الديمقراطية .. انتم تتحدثون معي في أمر لا ذنب لي فيه بالمرة". وتابع "أنا كنت أتمنى أن يكون موجودا معنا (منافس) واحد أو اثنين أو ثلاثة أو عشرة من أفاضل الناس وانتم (المصريون) تختارون كما تشاؤون". وعزا السيسي سبب عدم وجود مرشحين متعددين هو "أننا (البلد) لسنا جاهزون" بعد. نسبة المشاركة في العام 2014، كان السيسي يواجه حمدين صباحي وهو وجه يساري معروف. وفاز السيسي آنذاك بنسبة 96،9". وفي هذا السياق، ربما تكون نسبة المشاركة هي المؤشر الوحيد الهام في اقتراع 2018. في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، بلغت نسبة المشاركة بعد يومين من الاقتراع 37 بالمئة وقررت السلطات حينها تمديد التصويت لمدة يوم لترتفع نسبة المشاركة إلى 47.5 بالمئة. ويعتقد مصطفى كامل السيد انه من غير المرجح أن تصل نسبة المشاركة إلى 37 بالمئة خلال الأيام الثلاثة للاقتراع. ويقول "النتيجة معروفة سلفا وهذا لا يشجع المصريين على الذهاب إلى مكاتب الاقتراع. كما انه لم تكن هناك حملة انتخابية، فلم ير الناخبون المرشحين يعرضون أفكارهم أو برامجهم". وفي ما بدا انه شكل من أشكال الحملة الانتخابية، ضاعف الرئيس السيسي ظهوره في مناسبات معظمها افتتاح لمشروعات نفذت أو سيبدأ تنفيذها. وفيما تغرق المدن وخصوصا القاهرة بلافتات تحمل صور الرئيس المصري، يندر أن ترى صور لموسى مصطفى موسى. ومعظم هذه اللافتات تم تمويلها من تجار أو رجال أعمال يؤيدون السيسي وهم يضعون اسم الشركة أو المحل التجاري على هذه اللافتات الدعائية. وفي العام 2014، كان السيسي يحظى بشعبية واسعة بين المصريين الذين كانوا يرون فيه "المنقذ" القادر على إعادة الاستقرار إلى البلاد بعد فوضى سادت عقب ثورة العام 2011 التي أسقطت حسني مبارك. غير أن الأزمة الاقتصادية والعودة إلى نظام مشابه، إن لم يكن أكثر سلطوية من نظام مبارك الذي حكم مصر بلا منازع على مدى 30 عاما، تسببا في تآكل بعض هذه الشعبية. ووعد السيسي منذ بداية ولايته الأولى بإعادة الاستقرار إلى البلاد ليس على الصعيد السياسي فقط وإنما كذلك على الصعيد الاقتصادي. وفي العام 2016 أطلق السيسي برنامجا طموحا للإصلاح الاقتصادي من اجل الحصول على قرض قيمته 12 مليار دولار على مدى 3 سنوات من صندوق النقد الدولي. ومن بين الإصلاحات التي أجريت، تحرير سعر صرف الجنيه المصري ما أدى إلى ارتفاعات كبيرة في الأسعار أثرت بشدة على البيوت المصرية. لا احتجاج غير أن ارتفاع الأسعار لم يؤد إلى احتجاجات في البلاد لان السيسي، وهو خامس رئيس مصري يأتي من الجيش منذ إسقاط الملكية في العام 1952، يحكم بيد من حديد بعد أن عزل الرئيس الإسلامي محمد مرسي في العام 2013 اثر تظاهرات حاشدة طالبت برحيله. وتعرضت المعارضة الإسلامية إلى حملة قمع دامية. كما امتد القمع ليشمل الليبراليين واليساريين. وتفيد "منظمة مراسلون بلا حدود" أن 30 صحافيا محبوسون في مصر في الوقت الراهن. كما تم حجب قرابة 500 موقع على شبكة الانترنت.
مشاركة :