حسم مانشستر سيتي للقب مبكراً لا يعني السخرية من قوة الدوري الإنجليزي

  • 3/25/2018
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

يغرد مانشستر سيتي منفرداً في صدارة الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم بفارق كبير عن أقرب منافسيه، وحتى لو فشل جوسيب غوارديولا ولاعبوه في حسم اللقب بصورة رسمية أمام مانشستر يونايتد في السابع من أبريل (نيسان) المقبل، فيمكنه بالتأكيد تحقيق ذلك أمام توتنهام هوتسبير في الأسبوع التالي. وحتى لو فشل مانشستر سيتي في ذلك خلال المباراتين، فيمكنه حسم اللقب عندما يستضيف سوانزي سيتي على ملعبه في المباراة التالية. والأكثر من ذلك أنه يمكن لمانشستر سيتي أن يخسر جميع المباريات المتبقية من الموسم ويفوز أيضاً بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز في حال تعثر الفرق التي تليه في مراكز المقدمة! ونتيجة لحسم مانشستر سيتي للقب الدوري الإنجليزي الممتاز بسهولة وبفارق كبير عن أقرب منافسيه خلال الموسم الحالي، فقد خرج البعض ليسخر من قوة الدوري الإنجليزي الممتاز، ويقول إن المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا قد كشف قوة المسابقة وحسم الأمور مبكراً، تماماً كما كان يفعل في الدوري الإسباني مع برشلونة والدوري الألماني مع بايرن ميونيخ. قد يحمل هذا الكلام جزءاً من الحقيقة، وربما لم يكن الجمهور المتابع للدوري الإنجليزي الممتاز يقدر جيداً قيمة غوارديولا. ويرى آخرون أن الدوري الإنجليزي الممتاز لم يحسم بهذه السهولة منذ موسم 2013 / 2014، عندما حسم مانشستر سيتي أيضاً اللقب لكن بعد صراع شرس مع ليفربول، بقيادة بريندان رودجرز. ومنذ ذلك الحين، حصل على اللقب تشيلسي بقيادة جوزيه مورينيو، وليستر سيتي بقيادة كلاوديو رانييري، وتشيلسي بقيادة أنطونيو كونتي. وبالتالي، يجب أن نعترف بأن الدوري الإنجليزي الممتاز بقوته وشراسته يختلف كثيراً عن الدوري الإسباني الذي تنحصر فيه المنافسة دائماً بين برشلونة وريال مدريد، أو الدوري الألماني الذي يسحق فيه بايرن موينخ جميع المنافسين ويفوز باللقب في نهاية المطاف. ومن الممكن أن يواصل مانشستر سيتي أداءه القوي ويفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز خلال الموسم المقبل أيضاً، لكن قد يفعل ذلك لأسباب مختلفة. صحيح أن مانشستر سيتي يمتلك موارد مالية هائلة، لكن آخر تقرير صادر عن شركة «ديلويت»، فيما يتعلق بالأمور المالية في عالم كرة القدم، يشير إلى أن مانشستر سيتي ليس النادي الإنجليزي صاحب أعلى الإيرادات المالية، إذ يأتي مانشستر يونايتد في الصدارة متفوقاً على مانشستر سيتي بفارق 28 في المائة، كما أن هناك 3 أندية أخرى في الدوري الإنجليزي الممتاز من بين أفضل 10 أندية في العالم من حيث تحقيق أعلى الإيرادات، و10 أندية بالدوري الإنجليزي الممتاز بين أعلى 20 نادياً في العالم (من بينهم ناديين يمكن أن يهبطا إلى دوري الدرجة الأولى بنهاية الموسم الحالي، وهما وستهام يونايتد وساوثهامبتون). وفي المقابل، يتفوق بايرن ميونيخ بنسبة 77 في المائة على النادي التالي له في الدوري الألماني الممتاز، وهو بروسيا دورتموند. وفي إسبانيا، يأتي برشلونة في مرتبة أقل قليلاً من ريال مدريد من حيث الإيرادات، لكنه يبقى أعلى بنسبة 138 في المائة من الفريق الثالث في الدوري الإسباني الممتاز، وهو أتليتكو مدريد. وبالتالي، فإن هذه الفوارق المالية الضخمة في إسبانيا وألمانيا تجعل تفوق الأندية لا يقتصر على مجرد وجود مدير فني جيد أو مجموعة جيدة من اللاعبين في فترة معينة، ولكن هذا التفوق المالي يجعل تلك الفرق هي الأقوى دائماً، ومن الصعب الدخول في منافسة معها. وإذا نظرنا إلى الأمور من هذا المنطلق، فإن الدوري الإنجليزي الممتاز سيكون بالتأكيد هو الأكثر منافسة، لكن يجب أن نشير إلى أن هذا ليس هو المقياس الوحيد للمنافسة. وقد فاز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز 4 فرق مختلفة في آخر 5 سنوات، وهو الأمر الذي لم يحدث في الدوريات الأربعة الكبرى الأخرى في أوروبا. ففي ألمانيا وإيطاليا، فاز بلقب الدوري خلال هذه السنوات الخمس نادٍ واحد فقط، هو بايرن ميونيخ في ألمانيا ويوفنتوس في إيطاليا. ولو تتبعنا مثل هذه المنافسة على مدى السنوات العشر الماضية، فستظهر صورة أكثر تعقيداً بعض الشيء، لأننا سنكتشف أن 4 فرق فقط هي التي فازت بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز خلال السنوات العشر الماضية، في حين أن الدوري الفرنسي الممتاز، الذي فاز به فريقان فقط في السنوات الخمس الماضية، قد فاز به 7 فرق في السنوات العشر الأخيرة. وستكون الصورة واضحة تماماً في فرنسا، التي كانت بطولة الدوري بها تشهد منافسة قوية بين عدد كبير من الأندية، قبل أن تتحول هذه المنافسة لصالح نادٍ واحد فقط تلقى استثمارات غير مسبوقة، وهو باريس سان جيرمان. لكن عندما ننظر إلى الأسفل قليلاً في جدول ترتيب الدوري، فسوف نرى صورة مختلفة تماماً. فخلال السنوات الخمس الماضية، شهدت كل بطولة دوري من الدوريات الخمسة الكبرى في أوروبا 7 أو 8 أندية مختلفة تنهي المسابقة ضمن المراكز الأربعة الأولى. وإذا عدنا إلى الوراء 5 سنوات أخرى، فسيتغير سياق المنافسة قليلاً. فخلال السنوات العشر الماضية، ظل هناك 7 أندية مختلفة تنهي المسابقة ضمن المراكز الأربعة الأولى في الدوري الإنجليزي الممتاز، في حين وصل هذا العدد إلى 9 في إسبانيا، و10 في إيطاليا، و13 في ألمانيا. وفاز بايرن ميونيخ بـ7 ألقاب من آخر 10 بطولات للدوري الألماني الممتاز، لكن الجانب الآخر لوجود نادٍ واحد يهيمن على البطولة يتمثل في أن عدداً من الأندية الجيدة، وليس الممتازة، تتأهل إلى دوري أبطال أوروبا (لكن امتلاكهم للموارد التي تمكنهم من تحقيق نتائج جيدة في دوري الأبطال هو مسألة أخرى). ويمكن للدوري الإنجليزي الممتاز أن يفتخر بأنه يمتلك عدداً من الأندية التي يمكنها الفوز باللقب، لكن يجب التأكيد هنا على أن هذا العدد محدود أيضاً، ويتمثل فيما نطلق عليه اليوم اسم «الستة الكبار»، أو ما كنا نطلق عليه خلال العقد الماضي «الأربعة الكبار». ويعني هذا أنه لكي يفوز ناد صغير بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز، فإنه يتعين عليه أن يقدم أداءً استثنائياً من جهة، وأن يهبط مستوى نحو 6 فرق من الفرق الكبرى في الوقت نفسه. ويمكن أن يحدث هذا، كما رأينا في حالة ليستر سيتي في الموسم قبل الماضي، لكن لكي يحصل فريق متوسط على لقب الدوري الألماني الممتاز، على سبيل المثال، فإنه سيكون بحاجة فقط إلى هبوط مستوى نادي واحد فقط، وهو بايرن ميونيخ. وقد يفضل البعض شكل المنافسة في الدوري الإنجليزي الممتاز، في حين يفضل آخرون ما يحدث في ألمانيا، بناء على وضع كل فريق، فقد يفضل مشجعو ناد متوسط تأهل فريقهم لدوري أبطال أوروبا، أو أن يعيشوا تجربة شبيهة لما حدث مع ليستر سيتي، في حين يفضل المتابع المحايد أن يرى منافسة شرسة على لقب الدوري. وفي هذه الحالة أو تلك، يبدو أن هناك حالة من عدم الرضا في ما يتعلق بتوزيع الموارد المالية على الأندية. صحيح أن عائدات البث التلفزيوني في إنجلترا توزع بطريقة أكثر عدلاً، لكن لا تزال هناك فجوة كبيرة بين أندية القمة وباقي الأندية.

مشاركة :