وفقًا لهيئة الأمم المُتّحدة تُعدّ الصناعات التحويليّة عمليّاتِ تحويلٍ ميكانيكيّة لمواد غير عضويّة أو عضويّة؛ بهدف الوصول إلى موادّ جديدة عن طريق استخدام وسائل يدويّة أو آليّة، سواء طُبِّقت في المنازل أو المصانع؛ لذلك من الممكن القول إنّ الصناعات التحويليّة بشكل عام قد حرصت على الاستجابة لكافة حاجات الإنسان التي تشهد تزايُدًا مع مرور الوقت؛ وذلك بتوفير السلع الاستهلاكية، أو الثانويّة التي تُستخدَم كمواد أوليّة في الصناعة التحويليّة. تُقسم الصناعات التحويليّة إلى عديد من القطاعات التي يعمل كلّ منها في مجال معيّن، ومن الأمثلة على أهم أنواع الصناعات التحويليّة: الصِّناعة الغذائيّة، وصناعة المنسوجات، والملابس، والورق، والخشب، والموادّ النفطيّة، والموادّ الكيميائيّة، والصِّناعة البلاستيكيّة، والمعدنيّة، وصناعة الإلكترونيّات، مثل: أجهزة الحاسوب، والآلات، وصناعة الأجهزة الكهربائيّة. ومن أبرز الصناعات في البحرين، صناعة الألمنيوم، صناعة الحديد، صناعة البتروكيماويات والبلاستيك والزجاج، والصناعات الغذائية والدوائية، إصلاح وبناء السفن، وكريات الحديد إلى جانب العديد من الصناعات المختلفة. جهود الوزارة الوكيل المساعد لتنمية الصناعة بوزارة الصناعة والتجارة والسياحة، عبدالكريم أحمد الراشد، تحدث لـ(أخبار الخليج)، مؤكدًا أن مملكة البحرين تسعى دائمًا إلى تنمية الصناعات التحويلية والحد من التحديات التي تواجهها لتعزيز تنافسيتها وزيادة مساهمتها في دفع عجلة الاقتصاد الوطني، فعملت على تسهيل الإجراءات الرسمية، وتطوير المناطق الصناعية، وتنمية الصناعات الصغيرة والمتوسطة، والترويج للإنتاج المحلي لدمجه بالاقتصاد العالمي. ويضيف الراشد، «لقد بلغت القيمة المضافة للصناعات التحويلية 570.09 ملـيـون دينار بحريني في الربع الثالث لعام 2017 وذلك بالأسعار الجارية، فيما بلغت القيمة نفسها بالأسعار الثابتة 450.93 ملـيـون دينار بحريني. وشهدت القيمة المضافة للصناعات التحويلية نموا بمقدار 3.46% بالأسعار الجارية و3.17% بالأسعار الثابتة مقارنة بالربع الثالث من عام 2016 (بحسب بيانات هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية)». وكشف الراشد عن حصة الصناعات التحويلية في الناتج المحلي في الربع الثالث من عام 2017، حيث أكد أنها بلغت ما نسبته 17.22% بالأسعار الجارية، فيما بلغت النسبة في الفترة ذاتها 14.33% بالأسعار الثابتة في الاقتصاد البحريني (بحسب بيانات هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية). أما فيما يخص التحديات، فقد اشار الوكيل المساعد لتنمية الصناعة إلى إن الإجراءات الجمركية المختلفة والضرائب المفروضة على المنتجات والتي تختلف من دولة إلى أخرى بحسب القوانين واللوائح الفنية الخاضعة لها تلك الدول تعتبر تحديا مهمًّا تجاه التوسع في الأسواق العالمية مما يحد من مجمل صادرات الصناعات المحلية. (ألبا) المنظومة الصناعية المتناغمة يعتبر قطاع صناعة الألمنيوم من القطاعات المهمة والاستراتيجية التي يرتكز عليها الاقتصاد الوطني في مملكة البحرين، حيث تساعد هذه الصناعة في تنويع مصادر الدخل وتوفير فرص عمل للمواطنين، ويؤكد ذلك الرئيس التنفيذي لشركة ألمنيوم البحرين (ألبا) تيم موراي، حيث إن الشركة تدعم بشكل كامل أي مبادرة يقودها مجلس التنمية الاقتصادية وذلك لتعزيز المناخ الاقتصادي للبحرين. ويضيف موراي لـ(أخبار الخليج): في 2017، باعت ألبا ما يقارب 42% من منتجاتها التحويلية في البحرين، وأسهمت بـ12% من إجمالي الناتج المحلي البحريني. كاشفًا عن تضاعف الإنتاج على مدى السنوات الماضية حتى تجاوز حجم مبيعات الشركة وإنتاجها من 475.253 طنا متريا إلى 540.247 طنا متريا في الربع الثالث من عام 2017، الأمر الذي يجعل مصنع ألمنيوم البحرين من أكبر المصاهر الموجودة في العالم. وأشار موراي، إلى أن البحرين التي لديها العديد من الريادات من بين دول مجلس التعاون الخليجي، هي أول من اكتشف النفط في المنطقة، وهي أول دولة تقوم بعملية صهر الألمنيوم. ويذكر أن الخط السادس في سبيله لبدء الانتاج في بداية 2019 وستحتاج ألبا إلى ستة أشهر بعد ذلك لزيادة الانتاج إلى الطاقة القصوى، ليجعلها أكبر مجمع لصهر الالمنيوم في العالم حيث سترتفع طاقة الانتاج بواقع 540 ألف طن متري ليصل الاجمالي إلى 1.5 مليون طن سنويا. وتيرة التطوير معدومة يقول في هذا الصدد، الرئيس التنفيذي ومؤسس (إنستالكس الخليج)، باسم الساعي، إن «صناعات الألمنيوم تعتبر واحدة من أهم الصناعات في المملكة، ولكن يبدو أنه في العشرين سنة الأخيرة، أن التوجه لزيادة انتاج الالمنيوم بدأ يقل تدريجيا، ويجب أن نبدأ مرة أخرى، هناك منتجات يمكن أن تصبح قيمة مضاعفة، ولكن للأسف في آخر 20 سنة، أصبحت وتيرة تطوير الصناعات التحويلية شبه معدومة في البحرين». وأردف الساعي لـ(أخبار الخليج) أن «هناك دائمًا، فرصا موجودة نظرًا إلى البنية التحتية والطاقات البشرية التي تتمتع بها البحرين، ولكن نحتاج إلى خلق ظروف مكملة، ولفت الساعي إلى نقطة مهمة جدًا، وهي عدم وجود تخصص في الجامعات لعلوم المعادن مثلاً، رغم وجود مصانع المعادن والحديد والألمنيوم في البحرين». وأضاف، «لو تقوم ألبا مثلاً بالتعاون مع جامعة البحرين لفتح تخصص علوم المعادن، فإن ذلك سيعود بالنفع لمملكة البحرين بالدرجة الأولى، ويثري فرص العمل، ويزيد فرص الاستثمار في هذا المجال، لأنها ستكون قاعدة متينة مهتمة بهذا القطاع». العديد من الصناعات التحويلية في البحرين يمكن تطويرها وبناء المزيد منها، يقول الساعي معاتبًا وزارة الصناعة والتجارة، حيث يؤكد أن في الماضي كانت الوزارة تلعب دورًا رئيسيًا في إنشاء هذه الشركات والمصانع، ولكن اليوم الوضع تغير. ويضيف، نحتاج إلى خلق فرص بناء على الصناعات الاساسية في البحرين، ولكن للأسف هذه الرؤية غير موجودة. ونوه الساعي، اليوم أحد أكثر الصناعات الواعدة هي (الكاربون فايبر) أو (ألياف الكاربون)، حيث تستخدم في العديد من المنتجات، وأيضًا كأحد أرقى البدائل للألمنيوم، بل وتستخدم في صناعة بعض أنواع الطائرات. ويعد حجم الطلب في السوق من المُتطلّبات الأُخرى لنموّ الصناعات التحويليّة؛ حيث يُعدّ الوسيلة المُستخدمة في قياس حجم كميّة صناعة تحويليّة معيّنة، كما يُساهم في تحديد حجم السوق الذي ستوجد فيه هذه الصِّناعة، ويُساعد ذلك على معرفة كميّة العرض من مُنتجات الصِّناعة التحويليّة؛ مما يسهم في تحديد حجم العناصر الإنتاجيّة التي تُساعد على تنفيذ هذه الصِّناعة، ولكن الصناعة في البحرين بحاجة إلى نظرة جديدة وجرأة في اتخاذ بعض القرارات. 5 مشاريع سترى النور وعلى صعيد متصل، قال المدير التنفيذي لشركة كايان القابضة، أكرم حمد ربايه، إن «المصانع التحويلية هي بمثابة العمود الفقري للاقتصاد، ومن دون المصانع تكون البلاد شبه ميتة. وأضاف ربايه، علاوة على ذلك، توفر هذه المصانع مئات الوظائف للمواطنين». وعن التحديات التي تواجه الصناعات التحويلية في البحرين، أكد ربايه، أنه يوجد «شح الأراضي الصناعية، وعدم دعم تصدير المنتجات لدول الخليج على الأقل، فسوق البحرين صغير، لذا اعتمادها الأساسي على التصدير، لم لا يتم دعم المنتجات التي تصدر بإلغاء الضرائب مثلاً»؟! وكشف ربايه، المدير التنفيذي في كايان القابضة، وشركة جازان للغاز، عن أن هناك 5 مشاريع جديدة سترى النور في البحرين والسعودية في الصناعات التحويلية، وباستثمار يبلغ 200 مليون دولار، مضيفًا أن المصنع الذي تم افتتاحه مؤخرًا «مولير الشرق الأوسط» سيتم توسيعه وتطويره لمضاعفة الانتاج الذي سيصل إلى 24 ألف طن سنويًا. وختم ربايه، يعد رأس المال من المُتطلبات الضرورية في نموّ الصناعات التحويليّة؛ حُيث يُساهم في تأسيس القاعدة الرئيسيّة لبناء أيّ نوع صناعة تحويليّة، كما يُساعد على تطوير وزيادة حجم الصناعات التحويليّة الموجودة في السابق، لذا يجب ادخارها جيدًا في هذا القطاع. ضرورة تعاون الجهات وفي سياق متصل، أشار المستشار الصناعي، منهل القيسي، إلى التطور التكنولوجي الذي حصل في قطاع الصناعات بشكل عام، مؤكدا أنه تحول نوعي وخاصة في دول الخليج، فأصبحت العديد من الشركات العالمية تنظر لدول الخليج والبحرين خاصة على أنها أرض صناعية خصبة. وأضاف القيسي، «يجب على البحرين أن تستغل هذه الفرصة وتجذب المزيد من المصانع التحويلية العالمية، وخاصة الأمريكية منها وذلك بالرجوع إلى اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين. ولفت القيسي، إلى أنه لا يوجد هناك تحديات تواجه الصناعات التحويلية في البحرين، فالمشاريع أغلبها تسير وفق مخطط زمني معين وتكتمل بأقل من المتوقع، حيث حقق مصنع (مولير الشرق الأوسط) رقمًا قياسيًا في افتتاحه». وأكد القيسي على ضرورة تعاون الجهات المختصة في إنهاء المشاريع الصناعية، وتعاون الوزارات لتسهيل إجراءات دخول المصانع التحويلية في البحرين بالتعاون مع القطاع الخاص، كاشفًا عن أن هناك عدة مشاريع من هذا المستوى سترى النور في البحرين، ولكن يجب النظر إلى الطلب أولاً وما تحتاجه المنطقة من منتجات حتى يعود بالنفع على المستهلك من هبوط في الأسعار وتصدير المنتجات. زيادة التنافسية محليا وإقليميا وفي تقرير نشر مؤخرًا، أشارت البيانات الخاصة بالقطاع الاقتصادي إلى أن الصناعات التحويلية لها دور كبير في تطور الاقتصاد في الدول كافة، فضلا عن أنها أضحت من أهم الاستراتيجيات المهمة التي تتخذها الدول لتحقيق نمو في قطاعاتها الاقتصادية بشكل مستدام في ظل الأسعار السائدة غير المستقرة والفرص الاستثمارية المتباينة، حيث إن للصناعات التحويلية أدوارا إيجابية في زيادة الناتج المحلي الإجمالي، رغم إيقاعها المتسارع الذي أصبح يشكل تحديًا كبيرًا لقطاعات الأعمال في العالم. وتواجه القطاعات الاقتصادية الرئيسية في غالبية الدول الكثير من التحديات والضغوط في الأسواق العالمية حاليًا، بسبب زيادة التنافسية على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي، حيث أصبحت الدول تتجه نحو تنويع الخطط الاقتصادية بعد تراجع عائدات النفط وتأثر موازنات الدول بذلك. وتتركز الاستثمارات الحكومية في الوقت الحالي على مشاركة القطاع الخاص في الأعمال الاستثمارية لتنويع وتحسين الكفاءة الإنتاجية لقطاعاتها الاقتصادية التي مازالت دون التوقعات المطلوبة حتى اللحظة، حيث تشير المؤشرات السوقية إلى أن هذه الاستثمارات تحمل نتائج متعددة، منها زيادة المنافسة وتحسن الأسعار وجودة الإنتاج، فضلاً عن توسع دائرة التحديات وارتفاع نسبة الاستحواذ من قبل الشركات الكبيرة على الحصص السوقية للشركات الصغيرة، ورفع نسبة الطلب المحلي والخارجي. وأوضح التقرير، أن قطاع الصناعات التحويلية يلعب دورًا مهمًّا في تراجع وزيادة الناتج المحلي الإجمالي لدول المنطقة رغم خطط التحفيز التي انتهجتها واتبعتها الحكومات مؤخرًا، حيث تشير البيانات المتداولة إلى أن الصناعة التحويلية في سلطنة عُمان أسهمت بشكل كبير في رفع مستويات الناتج المحلي الإجمالي لها في عام 2014، ووصلت إلى ما يقارب 2.9 مليار ريال، وتراجعت إلى 2.6 مليار ريال في نهاية عام 2015، وانخفضت بنسبة 21% خلال الربع الأول من العام الحالي مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. في المقابل سجل قطاع الصناعات التحويلية مؤشرات نمو إيجابية خلال العام الماضي في إمارة أبوظبي ووصلت إلى 11%، وأسهمت في رفع الناتج المحلي الإجمالي للأسعار الثابتة بنسبة وصلت إلى 6%، وذلك بسبب إعادتها لرسم خريطة الناتج المحلي من خلال القطاع الصناعي لتحقيق النمو المستدام، والتي تستهدف من خلاله رفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي بنسبة 20% بحلول عام 2021. وأوضح التقرير أن قطاع الصناعات التحويلية يستمد قوته ونجاحه من خلال فرض المزيد من الفرص الاستثمارية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة في دول المنطقة وتنميتها بشكل مستمر، لتنويع الإنتاج ودعمه. ولفت إلى أن الاستثمارات الأجنبية في قطاع الصناعات التحويلية مازالت متواصلة وتفرز المزيد من الفرص الاستثمارية المحلية والخارجية الجيدة، مشددا على أهمية زيادة معدلات النمو الذي يؤثر بشكل إيجابي على تطور قطاع الصناعات التحويلية، إضافة إلى ضرورة مشاركة القطاع الخاص في الاستثمار في الصناعة التحويلة بشكل حقيقي. في وقت يعتبر فيه قطاع الصناعات التحويلية في مملكة البحرين آخذا بالنمو وأن ثقافة التصدير وتنويع مصادر الدخل ميزة مؤكدة للمؤسسات في سوقنا المحلية كما تؤكد على ذلك وزارة الصناعة والتجارة والسياحة، فهل ستستطيع مواصلة تعزيز وبناء وتطوير البنية التحتية للصادرات في مجال التصنيع وتثقيف المصنعين في مجال التصدير، وصقل وتنمية مهارات المحترفين في التصدير، وغيرها من النواحي ذات العلاقة؟
مشاركة :