وجوه إماراتية شابة، ستثري عمل طواقم الإسعاف الوطني في المناطق الشمالية، بتخريج 16 فتاة وشاباً في يونيو المقبل من دبلوم الإسعاف الوطني من جامعة الشارقة، ليلتحقوا مباشرة بالعمل الميداني، ويكونوا بذلك أول المواطنين المنضمين لهذا العمل، في خطوة تستهدف توطين مهنة المسعفين، لأن تصل إلى 100 % خلال السنوات المقبلة. «البيان» حاورت عدداً من الطلبة الخريجين في الدفعة الأولى، للتعرف إلى طموحاتهم بعد التخرج، وسبب اختيارهم لهذه المهنة. محمد حبش أجريت له 80 عملية جراحية على مدى العشرين عاماً الماضية عانى، فيها الكثير من الصعوبات النفسية والجسدية، إثر تعرضه لحادث حريق، كاد أن يقضي على حياته، تلك الأحداث، على ما فيها من سلبيات، إلا أنها كانت سبباً مهماً لتصميم محمد على أن يلتحق بكوادر الإسعاف بالدولة، ليكون واحداً من القلائل من أبناء الوطن، الذين يخوضون هذا المجال، لإدراكه بأهمية ودور المسعفين، عقب وقوع الحوادث، وكيف يمكن لمسعف مؤهل وذي خبرة، أن ينقذ روحاً ويخفف من آلام مصاب. محمد (29) يقترب من تحقيق حلمه، إذ إنه على أعتاب التخرج من دبلوم الإسعاف الوطني، الذي ينفذ بالتعاون مع جامعة الشارقة، هذه النخبة، تعقد الكثير من الآمال والطموحات عليهم. كما أن محمد، الوحيد من بين عشرات الشباب المواطنين، الذي أصر على مواصلة الدراسة في الإسعاف، إذ إنه سيحمل شهادة الدبلوم في الإسعاف مع 15 فتاة إماراتية، ضمن الدفعة الأولى. وأكد أن التجربة التي مر بها في صغره، ساهمت بشكل كبير في تشكيل شخصيته وقناعاته في الحياة، ولم تثنه عن تحقيق حلمه، بأن تتبدل الأدوار، ليكون هو المسعف والمنقذ للآخرين، بعد أن كان هو المصاب، وقال: «شجعت شقيقتي على الالتحاق بالدبلوم، فأصبحنا زملاء دراسة، وسنكون زملاء عمل في المستقبل القريب، أشد من أزرها وتشد من أزري، وأنا أعتبر أن كل زميلاتي في الدفعة، هن شقيقاتي أيضاً، وأول درس تعلمناه، هو أن نساعد بعضنا البعض قبل أن نساعد الآخرين، وأن نكون يداً واحدة في مواجهة ظروف العمل الميداني، التي سنواجهها في المستقبل. تحقيق حلم أما مزون محمد حسن، التي أنهت منذ فترة، الخدمة الوطنية، لتلتحق بعدها بدبلوم الإسعاف الوطني، فأكدت أنها تقترب من تحقيق حلمها الذي كانت تتمناه، وهو أن تكون من فريق طب الطوارئ، وتقول: «تذكرت يوم تلقيت خبر إطلاق مبادرة الإسعاف الوطني، أن أمي هي أول من أخبرني عن البرنامج، لأنها كانت تعلم بطموحي، وعند بدء البرنامج، بدأت أشعر بالمسؤولية من ناحية أن أرواح الناس سوف تكون بين أيدينا، وهذا الشي شجعني أكثر بأن أجتهد وأثابر في دراستي، وأن أثبت لنفسي وللجميع، أن لا شيء يمكنه الوقوف أمام حلم أو طموح». وتضيف: «لقد طور لدينا دبلوم الإسعاف الوطني، مهارة التواصل بالمصطلحات الطبية، وكيفية استخدام التقنيات الحديثة، وبمساعدة مدربينا من كادر الإسعاف الوطني، زادت ثقتنا بمهاراتنا، بالتحاور وتجاوز المصاعب، لأنهم قاموا بتدريبنا على أكمل وجه، وبشكل مكثف، لزيادة ثقتنا بكل خطوة، وزاد عندي مستوى القدرة على العمل لساعات طويلة، وتحت كل الضغوط، خاصة أنني كنت قد أتممت الخدمة الوطنية». وعن تجربة مزون في أول عمل ميداني بالإسعاف الوطني، تقول إنه في أول تجربة عمل ميداني في بطولة أبوظبي الدولية للترايثلون، كان الوضع شبه مربك، ولكن بعد تعاملي مع أول مصاب، زادت ثقتي بنفسي، حيث أسعدني رؤية وجه المصاب بعد إعطائه الرعاية الطبية له، خصوصاً بعد قدومه وهو يتألم». وتتابع: «لن أنسى نظرات أحد المصابين، عندما قدمت له المساعدة الطبية، حيث كانت نظراته مليئة بالفخر والاعتزاز، كوني مسعفة إماراتية، وهذا ما جعلني أفتخر أكثر بمهنتي، ولأن هناك فئة من شبابنا المواطنين، يشعر بالتردد والتخوف من الالتحاق بالمهنة، أقول لهم، وهنا أردد كلمات المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، عندما قال: «ما أريد من هذا الشعب إلا أن يزيد من حمد وشكر الله عز وجل، ويزيد من محبة الوطن، ويزيد من العمل لما يسعى فيه من خير له وللدولة ولأهله»، لذلك أتوجه بالنصح لكل شاب وشابة بالانضمام للبرنامج، ولن أقول إنه من الصعب اجتيازه، ولكن لا يوجد شيء سهل في المجال الطبي». من التايكواندو إلى الإسعاف أما مروة العمودي، فلها قصة مشوقة، إذ إنها تعتبر لاعبة تايكواندو، ومثلت الدولة منذ 10 سنوات في بطولات محلية ودولية عدة، فقررت أن تخوض تجربة جديدة مليئة بالحماس لإنقاذ الأرواح، من خلال التحاقها بدبلوم الإسعاف الوطني. وتروي حكايتها، قائلة: «إن أول تحدٍ واجهني في البداية، كان تخوف وتردد أهلي من أن أصبح مسعفة، إذ إنهم لم يعتقدوا أنه بإمكاني أن أمارس هذه المهنة، ولكن رغبتي في خدمة الوطن وإنقاذ حياة الناس والإيمان بأن لدي القدرة على تجاوز أي تحدٍ يقف أمام هذا الطموح، كان الدافع الأهم لي لمتابعة المسيرة، لذا، قدمت على البرنامج بنفسي، وفاجأت أهلي عند قبولي في البرنامج، وعندما رأت والدتي الإصرار والحماس والقوة التي أمتلكها، ما كان بوسعها إلا أن تقدم لي الدعم والتشجيع على إكمال الطريق». وتضيف: «عند انتقالنا من المرحلة الأولى، وبدأنا بمرحلة التطبيق العملي، بالأخص بعد مشاركتي إلى جانب المسعفين في الإسعاف الوطني بتغطية بطولة أبوظبي للترايثلون، ازدادت ثقتي بنفسي، وإيماني بأني قادرة على الالتحاق بهذه المهنة، وأتطلع قدماً لأول استجابة بلاغ وقيادة سيارة الإسعاف». خوض الصعاب أما مهرة محمد اللوغاني، التي كانت تطمح بأن تصبح طبيبة بارعة، فوجدت أولى خطواتها في الالتحاق بدبلوم الإسعاف الوطني، وتركت خوفها جانباً، لتثبت شجاعة ابنة الإمارات في خوض الصعاب، والالتحاق بمهنة تحتاج إلى قوة وتحمل وإيثار. وتقول مهرة: «واجهت في البداية انتقاداً ممن حولي، وكان جل سؤالهم، كيف يمكن لفتاة أن تقود سيارة إسعاف وتسرع لإنقاذ الأرواح في الطرقات وغيرها؟، لكن هذا لم يثن من عزيمتي، وعزمت على مواصلة ما بدأته، لأنني أرى أن حياة الإنسان لا تقدر بثمن، لذلك سوف أجتهد لأنقذ حياة كل من يحتاج لخدمات الإسعاف». وتضيف: «في بداية التحاقي بدبلوم الإسعاف الوطني، واجهت بعض الصعوبات في الدراسة، ولكن بطموحي، اجتهدت وثابرت، حتى وجدت نفسي عاشقة لهذا المجال، الذي يحمل كل التشويق، وبدأت أتعمق به بشغف الإبداع، ومن خلال هذا الجد والاجتهاد، أثبت دوري في أول فعالية أقيمت في أبوظبي، بتقديم الرعاية الطبية للمصابين، وكان من بينهم شاب من الكويت، تفاجأ بأنني مسعفة إماراتية، وتمنى أن تتيح لهم الفرصة للعمل في هذا المجال في الكويت». «عام زايد».. تحفيز الشباب للانضمام إلى الإسعاف وجّه أحمد صالح الهاجري نائب المدير التنفيذي للإسعاف الوطني، رسالة لشباب الإمارات وأهاليهم، لتشجيع أبنائهم على التقدم بالتسجيل، وأوضح أن الاستمرار بمسيرة هذه المبادرة والارتقاء بها، واتخاذ القرار باستقطاب أعداد أكبر من الطلبة، كان نتيجة العديد من العوامل، على رأسها «عام زايد»، وقيمه التي تربينا عليها في البذل والعطاء، والاهتمام الكبير بالإنسان، لأجل خدمة الوطن، ولذلك نسعى إلى غرس قيم حب مساعدة الناس والمحافظة على حياة الإنسان في نفوس شباب الإمارات، وحثهم على تقديم المساعدة لكل من يحتاجها. وعبّر الهاجري عن فخره وسعادته لما أبداه الطلبة من التزام وإصرار لتحقيق النجاح والتميز، لافتاً إلى اقتراب موعد تخرجهم في يونيو، وانضمامهم لطواقم الإسعاف الوطني، ليكونوا مورداً قيماً لهذا القطاع الحيوي. ونوه الهاجري بالاهتمام والمتابعة والدعم الذي تلقاه الإسعاف الوطني من القيادة الرشيدة، إلى جانب دعم كل من وزارة الداخلية وزارة الصحة والوقاية للبرنامج من خلال اعتماده، وأشاد بالتعاون والالتزام الكبيرين لجامعة الشارقة، في توفير البيئية التدريسية المناسبة، وكافة السبل لإنجاح البرنامج، وتحقيق أفضل النتائج، ناهيك عن الأداء المتميز للدفعة الأولى، والنتائج الأولية الإيجابية لعمليات التقييم الدورية. إعداد وتأهيل وكان الإسعاف الوطني، أعلن أخيراً، بالشراكة مع جامعة الشارقة، عن الدورة السنوية الثانية من برنامج إعداد وتأهيل المسعفين الإماراتيين، وأعلن البدء باستقبال طلبات التقديم للبرنامج المعتمد من وزارة الصحة بالدولة، حتى السادس من مايو القادم، وذلك بعد نجاح الدورة الأولى، التي ستختتم في يونيو، بمشاركة 15 طالباً وطالبة، فور استكمالهم المرحلة الأخيرة، القائمة على التدريب العملي ومناوبات العمل الميداني. ويهدف البرنامج لإعداد كوادر إسعافيه إماراتية، من خلال إكسابهم المعرفة، وتمكينهم من مهارات العمل الإسعافي، بما يشمل الجانبين العلمي والعملي، لتجهيزهم لمزاولة المهنة ميدانياً، بعد استكمالهم البرنامج بنجاح. وتنطلق الدورة الجديدة في سبتمبر القادم، وتستمر لمدة عام أكاديمي كامل في كلية الطب- مركز التدريب الإكلينيكي والجراحي بجامعة الشارقة، ويحصل الطلبة الملتحقون بالبرنامج، على دبلوم فني طوارئ إسعاف EMT-I، وفرصة العمل مباشرة مع الإسعاف الوطني بعد التخرج. وأكد نائب المدير التنفيذي للإسعاف الوطني، خلال المؤتمر الصحافي، الذي عقده أول من أمس في أبوظبي، أن إطلاق الدورة الجديدة، أتى في أعقاب النجاح الذي حققته الدورة الافتتاحية من البرنامج، وفي إطار رؤية الإسعاف الوطني لتقديم برنامج متكامل ومستدام، لإعداد كفاءات إماراتية مؤهلة، تعزز منظومة الخدمات الإسعافية في الدولة، وبالتماشي مع توجيهات قيادتنا الرشيدة، بتوفير كافة المقومات والبرامج، لتمكين وإعداد شباب الوطن، للعمل ضمن المجالات الحيوية والاستراتيجية بالدولة. وأعرب الهاجري عن تطلعه لتخرج جميع طلبة البرنامج الحاليين في يونيو القادم، وأن يكونوا نماذج يحتذى بها للدفعة الجديدة في خدمة مجتمعهم ووطنهم، من خلال الإسهام في تلبية احتياجات القطاع الإسعافي بالدولة. شروط ويعتمد قبول الطلبة للمشاركة في البرنامج، على استيفاء عدد من الشروط، تشمل أن يكون المتقدم من مواطني دولة الإمارات، مع حصوله على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها كحد أدنى، وأن يكون عمره ما بين 18 و35 عاماً، مع شرط تقديمه لشهادة حسن سيرة وسلوك، وتقديم الطلبة الذكور لشهادة إنهاء الخدمة الوطنية، وضرورة اجتياز كافة المتقدمين للمقابلة الشخصية، إلى جانب حيازة رخصة قيادة إماراتية سارية المفعول، والإلمام بأساسيات التخاطب باللغة الإنجليزية. من جانبه، قال الدكتور قتيبة حميد نائب مدير جامعة الشارقة لشؤون الكليات الطبية والعلوم الصحية، عميد كلية الطب «أثبتت هذه المبادرة حتى هذه المرحلة، نجاحاً نوعياً على المستويات كافة، نظراً لأنها تلبي حاجة أساسية، تتمثل بإعداد مسعفين إماراتيين، وتزويدهم بكل ما يحتاجونه من معارف وخبرات، لممارسة العمل الميداني وخدمة مجتمعهم».
مشاركة :