أيها الشاب الطيب، دعني أخبرك شيئا تعلمه سلفا، وربما ملت أذنك سماعه مرارا وتكرارا.. الجملة المأثورة التي تقول تقليد المناصب لا يسلم على طبق من ذهب، فأنت تحتاج صبر الأرض وأزمة تلو الأزمة إلى أن تترك أثرها على أقدامك فتستحقها. ولكن جزءا من النص مفقود هنا، والأبلغ أن يتم إكماله لتتضح الصورة بأبعادها. فالجزء المفقود هنا يقول «إذا أردت أن تقدم على وظيفة ما في قطاع، ما عليك إلا أن تكون مستعدا للتعامل مع الأسلوب التعجيزي. الأسلوب الذي يحتم عليك أن تكون ذا خبرة، وإن كنت حديث التخرج. بالعامية «جاهز مجهز» مستعد تماما لاستلام زمام الأمور ومباشرة العمل. طرأت علي مقابلة شخصية أجريتها في وقت سابق في إحدى شركات التسويق التابعة لأحد المؤثرين في العالم الرقمي. أجريت لقائي مع الرئيس التنفيذي، كان مسترسلا في موضوع دعم الشباب الطموح وإتاحة الفرص لهم وعبارات مثالية يرددها كرئيس تنفيذي ولا يؤمن بها شخصيا.. عبارات يطلق عليها (كلام مأخوذ خيره). فمن خلال تلك المحادثة قال لي بكل صراحة «نحن نريد شخصا جاهزا، فلا وقت لدينا لتدريبه أو إعطائه فترة تجريبية لأكثر من شهر». فترة تجربة لمدة شهر.. قانون جديد في القطاع الخاص لم يسبق لي أن سمعت به من قبل. ويتبع ذلك أساليب تعجيزية أخرى اعتدنا ممارستها في مجال العمل في الشركات الأهلية، كأن يلهم صاحب العمل الموظف الجديد فترة تجريبية بأسلوب تعجيزي يترك الموظف على عماه بدون مراقبة أو متابعة لعمله وبدون توجيهات بالمهام التي يتوجب عليه ممارستها بحكم أنها ستكون مسؤوليته في حال تم قبوله. وتقييم الأداء لديهم يكون في نهاية فترة التجربة على شكل سؤال واحد ينم عن سوء إدارة «ماذا عملت في هذه الفترة للشركة»!. ولذلك أقول، ينبغي الاهتمام بفترة التجربة للموظف الجديد عن طريق عدة أمور تمكنه من مباشرة عمل وظيفته في الجهة التي يعين بها. كوضع برنامج مرحلي يستطيع من خلاله التعرف على طبيعة العمل، وفق آلية تنص على متابعته من مرحلة لأخرى لمعرفة مدى تجاوبه واستيعابه، وتقيده بالحضور والانصراف. وبعد كل مرحلة يقوم المشرف على الموضوع بإعداد تقرير مفصل ليكون الشخص الخاضع للتجربة على دراية تامة بمستوى أدائه، فإذا كان ضعيفاً يحاول تحسين وضعه في المرحلة اللاحقة ويكثف جهده على النقاط المطلوب تطويرها، فإن تحسن فهذا هو المطلوب وإلا فإن ذلك يعني عدم صلاحيته، وبالتالي يكون سبب استبعاده من الوظيفة منطقيا لكلا الطرفين. لا يزال الوضع الراهن يجزم على أمرين، قلة الوظائف الشاغرة وتزايد عدد طالبي التوظيف وغالبيتهم من ذوي المؤهلات. المؤشر الذي يضع المسؤولين من مديرين ورؤساء أقسام ونحوهم خلف إصبع الاتهام. فينبغي عليهم توخي المسؤولية حيال ذلك، وإدراك أهمية فترة التجربة للموظف المعين حديثا، سواء في القطاع العام أو الخاص. ففي الوقت الحالي، هذا الأمر لم يعد خيارا بقدر ما هو حاجة ماسة إلى تطوير نظام التعيين، وتقصي فرص العمل، ومتابعة مسار التوظيف بمصداقية ونزاهة.
مشاركة :