قبل نحو 3 أعوام من الآن وتحديدا في يوم 25 مارس 2015، استيقظ اليمنيون للمرة الأولى من سباتهم على أزيز الطائرات العربية، ودوي الانفجارات التي هزت أرجاء العاصمة صنعاء وباقي المدن اليمنية، إيذانا بتدشين التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن وبدء عملية “عاصفة الحزم”، في مواجهة ميليشيات الحوثي بعد انقلابها على الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي ومؤسسات الدولة اليمنية. حرب أطلقتها الدول العربية في اللحظات االأخيرة بعد نفاذ كافة الخيارات الأخرى، لدرء الانقلاب الحوثي في اليمن ومنع تمدده في البلاد وصولا لمدينة عدن التي لجأ إليها الرئيس هادي في أقصى جنوبي البلاد، بعد اضطراره للخروج من صنعاء. وبعد أشهر من القتال المتواصل في كافة أرجاء ومدن اليمن نجحت القوات الموالية للحكومة الشرعية وبدعم التحالف االعربي في استعادة زمام المبادرة عبر طرد الميليشيات من أغلب مناطق ومحافظات اليمن ولا سيما المحافظات الجنوبية، واستعادة الشرعية في مدينة عدن التي باتت عاصمة مؤقتة للبلاد، بالإضافة إلى وصول قوات الشرعية لمشارف مناطق طوق صنعاء على مرمى حجر من بوابة العاصمة الشرقية. كل هذه التطورات وسيطرة الشرعية على نحو 85% من مساحة اليمن، طرحت الخيار السياسي على الطاولة بعدما أدى الخيار العسكري أهدافه بتقويض الانقلاب ومنع سيطرة إيران عبر ميليشياتها على اليمن ومضيقها البحري الاستراتيجي. الحل السياسي الذي بات يلوح في الأفق كثيرا خلال الأيام الماضية أكد عليه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في لقاءه مع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير الدفاع، حيث اتفقا في بيان بعد اللقاء الذي جاء على هامش زيارة ولي العهد لأميركا، على ضرورة إيجاد “حل سياسي” للأزمة اليمنية. بدورها، أكدت رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن انتونيا كالفو بيورتا تأييد الاتحاد الأوروبي للتسوية السياسية التفاوضية للأزمة في اليمن.” . وأضافت في تصريحات سابقة :” لا يزال اليمنيون يعانون من الحرب الجارية”، كما أكدت رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي استمرار الاتحاد بزخم متجدد في دعم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي راسخ. وأوضحت أن أي اتفاق سياسي يرمي إلى وقف الحرب والأزمة الإنسانية الراهنة في اليمن يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الشعب اليمني وتطلعاته من أجل تعزيز السلام وإعادة بناء المجتمعات وتعزيز التعافي بعد النزاع”. تغيير الدماء سيناريوهات حل الأزمة اليمنية سياسيا، تزامنت مع تعيين مبعوث دولي جديد لليمن مع تحركات دولية تتزعمها بريطانيا لتقديم مبادرة جديدة لحل الأزمة اليمنية. وجاءت جولة وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون قبل أسابيع إلى المنطقة، والتي شملت سلطنة عمان والسعودية واليمن، واستقبال سلطان عمان، قابوس بن سعيد سلطان له، لتكشف عن خطة بريطانية لدفع الخيار التفاوضي في الأزمة اليمنية، مستفيدة من تعيين دبلوماسي بريطاني مبعوثا دوليا إلى اليمن. ونوهت مصادر غربية في العاصمة البريطانية إلى أن اختيار الدبلوماسي البريطاني مارتن غريفثت لخلافة الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد كمبعوث للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن حمل دلالات عدة حيث عكس رغبة لدى المجتمع الدولي باتّباع سبل جديدة لإيجاد مخرج للأزمة اليمنية التي جعلت أرواح عشرات الآلاف من المواطنين مهدّدة بسبب الجوع والمرض في ظل انسداد لكلّ المخارج السياسية وجمود نسبي على صعيد الوضع العسكري. وأوضحت المصادر أن الدبلوماسي البريطاني الذي عمل طويلا في مجال حل النزاعات الدولية، يحذر في لقاءاته مع المعنيين بالأزمة اليمنية من عزل أي من الأطراف اليمنية وضرورة إيجاد حل للأزمة اليمنية. من جهته، قال ياسين سعيد نعمان سفير اليمن في المملكة المتحدة، إن التحركات البريطانية تأتي امتدادا “لمشاورات عديدة تجريها وزارة الخارجية البريطانية منذ فترة مع أطراف وشخصيات وذوي اهتمام ومجموعات متعددة، تتعلق كلها بأهمية العودة إلى طاولة المفاوضات”. وأضاف أن “بريطانيا هي المسؤولة عن الملف اليمني في مجلس الأمن، وقد واجهت ضغوطا كثيرة بخصوص تقديم مشروع قرار لتعديل القرار 2216 ولكن موقفها الثابت من حل القضية اليمنية بالاستناد إلى المرجعيات الثلاث ومن ضمنها هذا القرار، جعلها تتخطى هذه الضغوط وتواصل البحث في كيفية مواجهة التعنت الحوثي المدعوم من إيران برفض كل جهود السلام بِمَا في ذلك رفض التعامل مع المبعوث الأممي ولد الشيخ” وأوضح أن بريطانيا تسعى لتسويق مبادرة جديدة للحل في اليمن بالتنسيق مع عواصم المنطقة. وأكد السفير اليمني أن “تولي وزير الخارجية البريطانية بنفسه ملف المشاورات حول اليمن في هذه الجولة المكوكية ربما يفسر ما يقال بأن هناك شيئا جديدا قد يطرح على صعيد البحث مع الدول التي يزورها في المنطقة وخاصة دول التحالف”. كما احتضنت السفارة البريطانية في باريس، في وقت سابق من العام الجاري، اجتماعا للجنة الرباعية الخاصة باليمن بمشاركة الولايات المتحدة والسعودية والإمارات، وهو الاجتماع الذي تطرق وفقا للحساب الرسمي لوزارة الخارجية البريطانية “للخطوات المقبلة للعملية السياسية في البلاد”. وتصب المساعي البريطانية وفقا للمصادر في اتجاه توفير الضمانات الدولية وخلق حالة من الثقة بين الحكومة الشرعية والحوثيين، تؤسس لبناء قاعدة صلبة لأي مشاورات قادمة. سيناريوهات وحول إمكانية تقديم بريطانيا لحل ناجز للأزمة اليمنية قال نعمان “أعتقد أنه لا توجد طبخة جاهزة بمقدار ما يمكن أن تكون هناك أفكار عامة للنقاش والبلورة، وفي كل الأحوال فإن تحريك القضية على هذا النحو مفيد ويضعها في الواجهة” وقال متابعون للشأن اليمني إن الاختراق البريطاني للأزمة اليمنية يراهن على تفاعل المملكة ومن وراءها الدول المساهمة في التحالف العربي، وهو ما بحث عنه جونسون خلال زيارته إلى الرياض مع كبار المسؤولين السعوديين. واعتبر المتابعون أن السعودية ستحرص على دعم المبادرة البريطانية بالرغم من قناعتها بضرورة ممارسة ضغوط جدية على الحوثيين بدل الإيحاء بالتساهل معهم وإعطائهم مسوغا جديدا لربح الوقت، وهو ما يعني تكرار أسباب فشل ولد الشيخ. وأشارت المصادر إلى أن مسقط يمكن أن تلعب دورا مهما في دفع الحوثيين إلى التعاطي الإيجابي مع المبادرات الدولية المختلفة. واعتبر الصحافي اليمني عصام السفياني بروز الدور العماني مجددا في الملف اليمني بأنه امتداد لتحركات عمانية سابقة لافتا إلى أن التحركات العمانية-البريطانية في الوقت الحالي تستهدف إنضاج موقف واضح من قبل الحوثيين، ليتم تسويقه ضمن جهود بريطانية لتحقيق تسوية سياسية في اليمن تعتقد أطراف عديدة أنه قد يكتب لها النجاح. وفي الانفوجرافيك التالي نرصد أبرز محطات الأزمة اليمنية: -سبتمبر 2014: ميليشيات الحوثي تسيطر على العاصمة اليمنية صنعاء. -يناير 2015: الحوثيون يقتحمون القصر الرئاسي ويجبرون الرئيس هادي على الاستقالة. -فبراير 2015: الرئيس هادي يصل مدينة عدن ويتراجع عن الاستقالة. -ماريس 2015: إعلان التحالف العربي لدعم شرعية هادي بعد استنجاده بالسعودية. -أبريل 2015: التحالف العربي يعلن عملية إعادة الأمل في اليمن. – يوليو 2015: تحرير مدينة عدن من الحوثيين وإعلانها عاصمة مؤقتة للبلاد. -ديسمبر 2017: اندلاع أزمة بين طرفي الانقلاب الحوثي وصالح تنتهي بمقتل علي عبدالله صالح.
مشاركة :