بسنا دكاترة..!

  • 3/26/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

هذه الأيام نغمض عيوننا ونفتحها، لنرى أن صاحبنا أو أحد معارفنا فلاناً، سبق كتابة اسمه بحرف «الدال» – أي أصبح دكتوراً – فنستغرب لأنه لم يغادر الكويت لفترة تكفي للبحث وكتابة رسالة الدكتوراه! فتهز رأسك وتسكت «لان هذي الكويت صل على النبي».. وتم اكتشاف عدة جامعات «مكتبية»، أي أن الجامعة عبارة عن مكتب فقط، تمنح الطالب بعد دفع المقسوم الماجستير أو الدكتوراه، وهو لم يخط خطوة تجاه ذلك البلد العربي أو الأوروبي أو الشرق أقصوي (من بلدان الشرق الأقصى).. ووصل الخبر إلى إحدى هيئات حكومة فسادنا الرشيدة، فأحالته لاحدى اللجان كالعادة حتى يدفن فيها! أتذكر عند دراستي للماجستير في القانون المقارن في جامعة برونيل بالمملكة المتحدة، وبعد نجاحي في الاختبارات الكتابية في 4 مواد.. طلبوا مني اختيار موضوع لرسالة الماجستير، فاخترت موضوعاً في «قوانين التجارة البحرية»، وأشرف على رسالتي دكتور إنكليزي شاب.. أتذكر بعد انتهاء دراستي وحصولي على الماجستير وإنهاء الرسالة، الأمر الذي استغرق مني عامين بالتمام والكمال في حضور المحاضرات والامتحانات وإعداد البحث في المكتبات الجامعية، وكان ذلك في منتصف سبعينات القرن الماضي، أن قال لي الدكتور الإنكليزي الشاب: «لماذا لا تبقى في إنكلترا سنة واحدة للحصول على لقب الدكتوراه؟ قلت له لا أحتاج إلى اللقب»، ثم رجعت إلى الكويت وعملت في شركة بترولية، ثم بمكتب محاماة المرحوم محمد مساعد الصالح، الذي تعلمت منه ما يوازي 5 رسائل دكتوراه… *** عقدة الدكتور أو الظهور كمثقف، مع الأسف، اجتاحت نفوس الكثيرين في الكويت، ممن يحتاج إلى اللقب ومن لا يحتاج له للأسف.. وهي عقد إنسانية موجودة في كل بلد، كتب عنها الزميل خالد القشطيني بجريدة الشرق الأوسط أخيراً مقالاً بعنوان «رائد الفكاهة الصحافية» عن كاتب عراقي فكاهي يدعى نوري ثابت، أو كما عرّف نفسه في دنيا السخرية والفكاهة بلقب «حبز بوز»… حبز بوز رحمه الله عانى من الفقر والحاجة، ولكنه عاش عزيز النفس، وقع في غرام سيدة تعاني من مرض السل، فتزوجها، ليموت بنفس المرض بعد موتها… حبز بوز سخر في مقالة شهيرة له من الادعاء بالثقافة واستعمال هذه الصفة، التي أصبحت تعرف في زمانه بعراق الأربعينات والخمسينات «بالمثقفين». قال: «كيف نستطيع تمييزهم، ونعرف بأن هذا الرجل مثقف؟.. واحد من المثقفين اقترح لمنع الالتباس أن تصدر الدولة طوابع خاصة تلصق على جبين المثقف! على أن تقوم مديرية المطبوعات في وزارة الداخلية بوضع ختمها الرسمي عليه مع التاريخ، وتوقيع المدير، وعندئذ نستطيع أن نرى الطابع على جبين الرجل، فنعرف أن هذا الرحل الذي أمامنا مثقف».. انتهى. وأنا اقترح أن تقوم وزارة التعليم العالي بإصدار مثل ذلك الطابع، ليلصق على جبين عاشقي لقب الدكتور، مع أنهم قد حصلوا على شهادة الثانوية بشق الأنفس، وذلك لإشباع غرورهم وزهوهم على الآخرين بالفاضي وليس بالمليان؟!! لأننا شبعنا دكاترة ونصيح بأعلى صوت بسنا دكاترة.. بسنا دكاترة! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. علي أحمد البغلي Ali-albaghli@hotmail.com

مشاركة :