«منذ صغري وأنا أفكر في كيفية إنقاذ من يموتون بنوبه قلبية مفاجئة، ويرحلون عنا رغماً عنهم ومن دون استئذان، تاركين فراغاً في حياتنا»، بهذه الكلمات يشرح الطالب في الصف العاشر أوس العمري ما دفعه إلى اختراع جهازه الذي يشارك فيه بالمسابقات المحلية والدولية، ويستطيع أن يستشعر النوبة القلبية ويقدم إسعافاً لمن أصيب بها. ويقول العمري (16 عاماً) الذي يدرس في إحدى مدارس عمان التابعة للقطاع الخاص، إنه كان يستغرب وقوف الطب عاجزاً عن التعامل مع مثل هذا العارض المفاجئ والقاتل دون أن يقدم شيئاً، خاصة وأنه يحصد أرواح الكثيرين سنوياً من محيط معارف عائلته. ويقول إنه حصل على الجائزة رقم 19 من 350 مشروعاً قدمت لمسابقات «إنتل» العالمية المتخصصة بالعلوم والتكنولوجيا، والتي أقيمت في عمان برعاية وزارة التربية ومؤسسة شومان لفرز المشاريع المتأهلة عن الأردن ، للمشاركة في مسابقة «إنتل» في الولايات المتحدة والقاهرة. ويضيف أنه سيشارك في مسابقة القاهرة في شهر تشرين أول (أكتوبر) المقبل وفقاً للترتيب الذي حصل عليه في عمان. والجهاز في فكرته الأولى المقدمة للمسابقة، موجود بحجم كبير نسبياً، بحسب ما هو متاح من القطع التقنية المتوفرة لأغراض التجارب الطلابية، لكن في حالة تصنيعه يمكن أن يتم اختزال حجمه ليصبح بحجم جهاز صغير جداً كجهاز الضغط الإلكتروني أو جهاز فحص السكر. تتلخص فكرة الجهاز، وفق العمري، بأنه مكون من مجموعة حساسات إلكترونية تراقب نبض القلب وضغط الدم، ومن خلالها يمكن برمجة الجهاز بمستوى أعلى، تحدد إن كان المريض مرشحاً طبياً في شكل أكبر لتعرضه لنوبات قلبية، سواء وراثياً أو بالسيرة المرضية أو السمنة أو التقدم بالعمر، أو أي مريض يعتقد أطباؤه أنه مرشح أكثر من غيره للإصابة بالنوبات. ويؤكد الفتى أن الجهاز مؤهل إذا استطاع قراءة أعراض الجلطة الأولية أن يقوم بالإجراءات الإسعافية الطارئة، في شكل آلي دون أي تدخل بشري. والجهاز مزود أيضاً بحامل محاليل وريدية، يوضع بها ما يقرره الأطباء من مواد إسعافية، يقوم الجهاز بإعطائها للمريض مباشرة. واللافت أكثر أنه مزود بإضافات تقنية قادرة على طلب أرقام الهواتف الضرورية والمبرمجة مسبقاً كالدفاع المدني أو الطبيب أو الأهل. ويقول العمري إنه عرض الجهاز على عدد من أطباء القلب والقسطرة العلاجية، والذين أكدوا أن الفكرة كمشروع ذات قيمة عالية، وممكن في المستقبل أن يضاف لها مزيد من التطبيقات الإسعافية المتبعة، في مثل هذه الظروف المرضية. ويوضح بأنه قام بتجهيز الجهاز بالكامل كمشروع تقني، على أن تظل المواد الإسعافية المرتبطة به وفق ما يقرره الأطباء، فالجهاز ليس مبرمجاً لمادة إسعافية دوائية محددة مثلاً، وإنما جهاز عام يمكن أن يتم وضع أي حقن أو محاليل في الطرف المغذي للجهاز لتكون جاهزة للاستخدام حال استشعار النوبة. وفي حالة إعادة التصنيع ممكن أن يزود بأكثر من حاضنة علاج، إذا كان يصعب خلط العلاجات مع بعضها، فيما الحاضنة الرئيسية من المحلول الوريدي مثبتة و موصولة بالإبر الوريدية. ويؤكد العمري الذي يحلم أن يصبح مهندساً، أن الجهاز يمكن تطويره مستقبلاً في حال قيام أي جهة بتبني المشروع، وتمويل العمل على تطويره، ليصبح جهازاً سهل الاستعمال من قبل المرضى أنفسهم دون تدخل من قبل الطبيب. وحـــول تمويل القطع التي يشتريها العمري لتصنيع جهازه، قال إن والده يقوم بذلك، وبمساعدته في تمويل حضور دورات متقدمة بما يسمى «ميكاترونكس»، مشيراً إلى أنه تمكن فنـــياً من تصنيع جهازه بنفسه ودون مساعــــده من أحد، فيما لا يخفي أنه كان يستشـــير أطباء في طبيعة المواد الطبية التي يجب أن تستخدم في الجهاز. ويقول إنه سيتم تسجيله كبراءة اختراع، خاصة، بعدما أبدت العديد من الجهات سواء داخل أو خارج الأردن استعدادها للتعاون من أجل تطوير الفكرة. وبحسب الدكتور مأمون العمري أستاذ القسطرة العلاجية، وهو عم الطالب أوس، وأستاذ مشارك بكلية الطب بجامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية مستشفى الملك المؤسس التابع لذات الجامعة، فإن فكرة المشروع الذي أطلع عليه، غير مسبوقة ومؤهلة أن تكون نواة جهاز طبي متقدم، في حال إعادة إنتاجها وتصنيعها في شكل مناسب وسهل الاستخدام.
مشاركة :