عمرو عادل يكتب:‎ أسرار أعظم أفلام العالم «العراب»

  • 3/27/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

إذا سألتك سؤالا : ما هى نظرتك لشخصية رجل العصابات ؟ .. بكل تأكيد ستكون اجابتك انه رجل قاسى الملامح وفظ اللسان ويرتكب الجرائم بلا رحمة او شفقة .. نعم .. اجابتك منطقية لأنها هى الصورة المعتادة التى قدمتها لنا السينما لهذه الشخصية.. لكن ماذا لو تم تقديمها بصورة مغايرة ومختلفة؟ .هذا ما يقدمه لنا المخرج فرانسيس فورد كوبولا فى رائعته السينمائية "العراب" والذى انتج فى العام 1972 والمقتبسة عن رواية بنفس الاسم للكاتب ماريو بوزو و الذى يحكى عن عالم المافيا و الجريمة المنظمة داخل الولايات المتحدة وقصة ادارة فيتو كريليون لامبراطوريته الاجرامية و تسليمها الى الابناء وصراعاتهم مع العصابات الاخرى.يبدأ الفيلم بحفل زفاف ابنة دون فيتو ومن هذا الحفل تستطيع ان تتعرف عن شخصيته ومدى نفوذه .. فهو الشخص المساعد للاخرين عن طريق تقديم خدمات لهم اما اجرامية عن طريق رجاله او سياسية بمعارفه وننتقل بعدها لمتابعة انشطته فى مجال القمار وتبدأ الاحداث بطلب تتقدم به احدى العصابات بتطوير انشطته الى الاتجار بالمخدرات و لكنه يرفض مما يضطرهم لتدبير مؤامرة لاغتياله وازاحته من رأس العصابة ليحل محله احد من ابنائه للتفاهم معه و تحدث العديد من الاحداث الاجرامية و الدرامية و التى تنتهى بصعود ابنه الاصغر على رأس العصابة او العائلة كما يطلقون عليها. يقدم لك هذا الفيلم العديد من المتناقضات والتى تجبرك على التفكير فيها فتجد شخصية فيتو كريليون " مارلون براندو " رجل العصابات والذى يأمر رجاله بتنفيذ الاعمال الاجرامية المختلفة هو نفس الشخص المخلص لعائلته والمحب لأولاده .. ويجعلك تتساءل كيف لرجل يقوم باعطاء اوامره لقتل الناس يكون هو نفس الشخص الذى يساعدهم .. قد تصاب بالحيرة اثناء متابعتك لهذه الشخصية .. هل تتعاطف معها ام تنفر منها .. الا انه مع توالى الاحداث ستجد ان القدر يهديك بالاجابة فربما له بعض الومضات الايجابية فى شخصيته الا ان هذا لا يعفيه من جرائمه وعقوبته والتى تجسدت فى احداث مأساوية انتهت باغتيال ابنه الاكبر.ينقلنا الفيلم الى نقطة اخرى .. هل من الممكن ان تواجه حدثا ما بحياتك و يكون نقطة مفصلية لتغيير شخصيتك من نقيض الى نقيض؟ .. يجاوب علينا العمل عن هذا التساؤل فى شخصية ابن زعيم العصابات مايكل كريليون " أل باتشينو " الجندى المقاتل وأحد ابطال الحرب العالمية الثانية والحاصل على وسام الشجاعة و الذى كان غير مهتم بأنشطة عائلته الاجراميه بل كان يتحاشاها ويبتعد عنها ولمجرد تعرض والده لحادثة اغتيال بدء فى الاندماج فى اعمال العائلة الاجرامية حتى وصل به الامر الى تزعمها وإدارة أنشطتها .. من الممكن تفسير هذه النقطة من زاوية علمية ممثلة فى علم الكيمياء .. فبعض العناصر قد تكون خاملة وغير فعاله و بمجرد وضع مادة تسمى عامل حفاز او كاتليست تصبح هذه العناصر نشيطة وهذا ما حدث بالفعل مع هذه الشخصيه مجرد حادث تعرض له والده اصبح مصدرا لتحول شخصيته من خاملة الى نشيطة اجرامية. تحفة سينمائية متكاملة.. هذا باختصار هو فيلم العراب .. لنتحدث عن الممثلين سنجد مارلون براندو وأل باتشينو وروبرت دوفال وتاليا شير وغيرهم .. اسماء بحجم جوائز الاوسكار فوزا وترشيحا فبعض من المشاهد التى تجمعهم فى العمل قد تعطيك شعورا انه ليس مجرد تأدية ادوار ولكنها مباراة تمثيلية و تنافسية بينهم على ايهم الافضل فى تنفيذ المشهد .. اما اذا انتقلنا الى السيناريو فلا أستطيع اخفاء اعجابى لصياغته , فبعض من الجمل الحواريه قد اعتبرها فى منزلة الاقوال المأثورة .. فمن ينسى المقوله الشهيرة " سأعطيك عرضا لا تستطيع ان ترفضه " وهو بمعنى اما الموافقه او الموت و التى صنفت كواحدة من اعظم 100 مقولة حوارية فى تاريخ السينما .. وننتقل الى الموسيقى التصويرية الهادئة و الدافئة بلمسات نينو روتا و كارمن كوبولا و التى تثير الدهشة بتوافقها مع كل المشاهد سواء رومانسية او حتى اجرامية.فيلم العراب أعتبره استثنائيا.. فليس من السهل على المشاهد متابعة فيلم لثلاث ساعات متواصلة من دون ان يشعر بالملل و لكن مع هذا العمل و شغفك بمتابعة الاحداث قد لا تشعر بأن للوقت قيمة .. و نتيجة نجاح هذا العمل تم صدور جزء ثان و ثالث لاستكمال باقى الروايه و سنتحدث عنهما فى مقالات مقبلة ان كان للعمر بقية.ما لا تعرفه عن العراب :- لا يظهر مشهد فى الفيلم وفيه ثمرة البرتقال الا وتحدث بعده جريمة قتل او وفاة لأحد ابطال العمل . - مارلون براندو لم يستطع تذكر حواره اثناء تصوير المشاهد و تم حل هذه المشكلة بلافتات موضوعة امامه ومكتوب عليها السيناريو الذى يقوله اثناء تنفيذ المشهد .- تم تصوير الفيلم فى 77 يوما.- اعتبر المخرج العالمى ستانلى كوبريك فيلم العراب كواحد من افضل فرق العمل و من افضل الافلام على الاطلاق .- فارق الاعمار الحقيقى بين مارلون براندو " الوالد فيتو كريليون " وأبنائه " ال باتشينو وروبرت دوفال وجيمس كان وجون كازال " يتراوح بين ستة الى ستة عشر عاما.- نال الفيلم  اعجاب رجال العصابات الحقيقيين فى الولايات المتحدة فقد قال سلفاتور جرافانى احد زعماء العصابات ان هذا الفيلم ربما قد يكون خياليا الا انه كان مذهلا .. حتى وصل الامر الى ان رجال العصابات تأثروا به فى حياتهم الاجراميه .- تم ادراج الفيلم فى سجلات الافلام الوطنيه فى مكتبة الكونجرس فى العام 1990 .حصاد العراب :حصل الفيلم على ثلاث جوائز اوسكار وثمانية ترشيحات مع 24 جائزة مختلفه ومصنف فى المرتبة الثانيه فى قائمة اعظم 250 فيلما فى التاريخ .. مع ارباح 135 مليون دولار داخل الولايات المتحدة و 245 مليون دولار حول العالم .

مشاركة :