عمان- لم تسلم أم كامل من نعت الألسن لها بـ”أم المنغولي”، إلا أنها أصرّت على رعاية ابنها البالغ من العمر 9 أعوام الذي يبدو نتيجة بطء نمو جسمه وكأنه في الرابعة من عمره، فضلا عن تقسيمات وجهه الملائكية وعينيه اللتين تشعّان بالطيبة والنقاء، لم تسلم من وجع يلازمه ويبكي نفسه بين حينة وأخرى لعل البكاء يرحم ضعفه وقلة حيلته. تتوق نفسه للحديث ومشاركة غيره آلامه، لكن عجز لسانه عن النطق بكلمات تسعف ما بداخله، وتقوم أمه في سبيل الحصول على طعامه مهروسا، بوضعه بجهاز (الخلاط) كونه لا يستطيع المضغ. تدور به في أروقة المستشفيات والمراكز الطبية، لكنها لم تتمكّن من تأمين علاجه، وتبيّن أن حالة ابنها هي حالة البعض أيضا ممن تعرفهم، مطالبة بتغيير النظرة لابنها ومساواته بغيره من الأطفال. وبمناسبة اليوم العالمي لمتلازمة داون بيّن أخصائيون لوكالة الإنباء الأردنية “بترا”، أهمية دمج الأشخاص ذوي متلازمة داون وتصحيح المفاهيم الخاطئة والصورة المغلوطة عنهم في المجتمع. ويهدف هذا اليوم تحت عنوان “كيف أساهم في مجتمعي” إلى تسليط الضوء على إسهامات وأعمال المصابين في مختلف المجالات والحقول المختلفة السياسية والفنية والثقافية والرياضية والترفيهية سواء بالمدرسة أو الحياة العامة في المجتمع. لا بد من تعزيز المناهج الدراسية بمعلومات عن هذه الفئة ليتم تقبّلهم بالصورة اللازمة، وتغير الصورة المغلوطة عنهم بالتعاون مع الجهات المختلفة ولا يعرف سبب هذه الظاهرة لغاية الآن بحسب الجمعية العامة للأمم المتحدة فهي حالة جينية ناجمة عن زيادة إضافية في مادة الكروموسوم الصبغي 21 الذي يؤدي إلى الإعاقة الذهنية. ويقدّر عدد المصابين بمتلازمة داون وفقا للجمعية بين 1 في 1000 إلى 1 في 1100 من الولادات الحية في جميع أنحاء العالم. ويولد كل عام ما يقرب من ثلاثة إلى خمسة ملايين طفل ممن يعانون من هذا الاضطراب الجيني. وترى رئيسة جمعية الياسمين لأطفال متلازمة داون في الأردن عواطف أبوالرب أن إدماج طفل الداون مع الإعاقات الأخرى يعتبر خطأ فادحا، باعتباره مقلّدا للحركات، فيعود بذلك نتيجة سلبية عليه. وشدّدت على ضرورة دمج المصاب مع أقرانه من الأطفال حتى يقوم بتقليدهم بالكتابة والتواصل الاجتماعي، بل قد يتفوّق عليهم ببعض النشاطات لما يعرف عن الداون من حب الظهور والتميز. ولتحقيق هذه الغاية تُبيّن أبوالرب حرص الجمعية على إدماج المصابين بمتلازمة داون مع أقرانهم من خلال نشاطات وفقرات تثقيفية وتعليمية وترفيهية، حتى يتم التفاعل بينهم والدمج على أسس صحية. بمناسبة اليوم العالمي لمتلازمة داون بيّن أخصائيون لو أهمية دمج الأشخاص ذوي متلازمة داون وتصحيح المفاهيم الخاطئة والصورة المغلوطة عنهم في المجتمع وأوضحت أن الجمعية تعمل على هدفين أحدهما مباشر بتأهيل طفل متلازمة داون بالتدخل المبكّر من الميلاد. وإخضاع الأم لدورة تدريبية على برنامج التعلم المبكّر (بورتيج) والذي يقدّم مجانا للأمهات حيث يتحمّل تكاليف عقد الدورة صندوق الجمعية. وأشارت إلى أنّ الهدف الأخر هو غير مباشر، بتوعية المجتمع بأهمية دمج الأشخاص ذوي متلازمة داون وتصحيح المفاهيم الخاطئة والتي درجت في المجتمع، عن طريق إقامة الندوات وورش العمل التي تشمل فعاليات مختلفة من محاضرات طبية وعلمية وإرشادية تربوية سلوكية ونفسية. ويرى أستاذ التربية الخاصة في جامعة جدارا الدكتور نعيم العتوم أنه من الضروري توعية المجتمع بالمصابين بمتلازمة داون وإدماجهم فيه، وإلحاق والديهم بدورات تدريبية لتهيئتهم بكيفية التعامل معهم وتقديم الرعاية المثالية لهم والدعم والتوجيه الطبي ونظم الدعم القائمة في المجتمع، لتمكينهم ولتحقيق ذاتهم. وبيّن أن المصابين به يعانون إما إعاقة ذهنية بسيطة، وهي قابلة للتعلم، وإما الإعاقة المتوسطة وهي قابلة للتدريب. وأوضح أنه لا بد من تعزيز المناهج الدراسية بمعلومات عن هذه الفئة ليتم تقبّلهم بالصورة اللازمة، وتغير الصورة المغلوطة عنهم بالتعاون مع الجهات المختلفة. وأشار إلى أهمية توفير الرعاية الصحية وإجراء الفحوصات الطبية لمراقبة نموهم العقلي والبدني، وتوفير الدخل في الوقت المناسب من تعليم خاص أو علاج طبيعي. يشار إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت في عام 2011 يوم 21 مارس يوما عالميا لمتلازمة داون، للتوعية بها من خلال جميع الدول الأعضاء ومؤسسات منظومة الأمم المتحدة المعنية. وأكدت منظمة الأمم المتحدة أنه يمكن للمصابين بمتلازمة داون تحقيق نوعية حياة مُثلى من خلال الرعاية الأبوية والدعم والتوجيه الطبّي ونظم الدعم القائمة في المجتمع، مثل توفير المدارس الخاصة، وتساعد جميع هذه الترتيبات على إشراك المصابين بمتلازمة داون في المجتمع لتمكينهم ولتحقيق ذاتهم.
مشاركة :