استبق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قمة جمعته مع زعماء الاتحاد الأوروبي في بلغاريا مساء أمس، بتأكيده أن انضماماً «كاملاً» لبلاده إلى التكتل يبقى «هدفاً استراتيجياً»، فيما نشرت صحيفة تركية موالية للحكومة صورة للمستشارة الألمانية أنغيلا مركل بشاربَي الزعيم النازي أدولف هتلر. وأشار أردوغان، قبل توجهه إلى فارنا، إلى أن بلاده ستطلب «إزالة كل العراقيل أمام عضويتها الكاملة، وتؤكد التزامها عملية الانضمام إلى الاتحاد». وخيّمت على القمة أجواء توتر مع تركيا، على خلفية أكثر من ملف شائك، أبرزها انتقاد التكتل لما يعتبره تنامي نزعة ديكتاتورية لدى أردوغان، وتدخله في الحرب السورية، والهجوم التركي على المقاتلين الأكراد في سورية. لكن بلغاريا، الدولة المضيفة للقمة، اعتبرت الاجتماع فرصة نادرة للحوار مع دولة لا تزال مرشحة لنيل عضوية الاتحاد، فيما اعتبر رئيس الوزراء البلغاري بويكو بوريسوف أن «اجتماع فارنا قد يكون آخر فرص الحفاظ على الحوار» بين الاتحاد وتركيا. وأبدى رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر «مشاعر مختلطة حيال القمة، بسبب تعدد الاختلافات في الآراء بين الاتحاد وتركيا». وكان قال بعد قمة لقادة دول الاتحاد في بروكسيل، نوقش خلالها الملف التركي، أن «النقاش سيكون صريحاً ومفتوحاً (مع أردوغان)، لن نخفي فيه خلافاتنا، لكننا سنسعى إلى تحسين تعاوننا». وأشاد قادة في الاتحاد بمكانة تركيا في الحلف الأطلسي، في الجناح الجنوبي من أوروبا، وبدورها في كبح تدفق مئات الآلاف من المهاجرين من الشرق الأوسط وأفريقيا إلى القارة. وقال عمر جليك، وزير شؤون الاتحاد، إن أنقرة تعتبر القمة «فرصة مهمة لدفع العلاقات إلى الأمام»، متوقعاً من الاتحاد «نهجاً إيجابياً وبنّاءً». لكن قادة في الاتحاد دانوا «تصرفات غير قانونية» لأنقرة، في أزمة مواقع الغاز شرق البحر المتوسط، مع اليونان وقبرص، العضوَين في الاتحاد. وتوقّع ديبلوماسيون أن يمنح التكتل الأوروبي تركيا دفعة ثانية قيمتها 3 بلايين يورو، لمساعدتها في استضافة لاجئين سوريين، بموجب اتفاق أبرم في آذار (مارس) 2016. لكنهم أشاروا إلى أن دعوة أردوغان إلى فارنا سيكون ثمنها مزيداً من انتقادات عنيفة من قادة التكتل الذين يعتبرون أن تركيا تتراجع في ما يتعلّق بالديموقراطية وحقوق الإنسان، منذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها في تموز (يوليو) 2016، واعتقال السلطات 50 ألف فرد وتوقيفها عن العمل 150 ألفاً آخرين، بينهم مدرّسون وقضاة ومحامون وإعلاميون وعسكريون. في المقابل، تطالب أنقرة بتحقيق تقدّم في توثيق تعاونها مع الاتحاد الجمركي، ورفع قيود عن تأشيرات دخول الأتراك إلى دول الاتحاد الأوروبي. ولفتت أستاذة العلوم السياسية خبيرة الشؤون التركية جنى جبور إلى أن ذلك «أولوية بالنسبة إلى تركيا»، واستدركت: «سنكون واهمين إذا اعتقدنا بأن الاتحاد سيقدّم تنازلات في هذه المسألة». وواكبت صحيفة «يني أكيت» التركية المحافظة والموالية للحكومة، قمة فارنا بصورة مركبة على صفحتها الأولى، تُظهر مركل بشاربَي أدولف هتلر، وترتدي زياً نازياً، وعنونت مقالها «هذه العقلية تقلقنا»، معتبرة أن المستشارة الألمانية «لا تفوّت فرصة للإدلاء بتصريحات مناهضة لتركيا». ودانت الصحيفة دعوة نُسبت إلى مركل، لإطلاق جنديَين يونانيَين اعتُقلا بعد دخولهما الأراضي التركية، في قضية فاقمت التوتر في العلاقات بين أنقرة والاتحاد. كما اتهمت ألمانيا بـ «استضافة إرهابيين كثيرين»، في إشارة إلى «حزب العمال الكردستاني» وأنصار الداعية المعارض فتح الله غولن، الذي تتهمه أنقرة بتدبير المحاولة الانقلابية، وأعضاء في حزب يساري متطرف. وانتقدت «عقلية تُترجَم بدعم الإرهاب وصمت حيال هجمات على مساجد»، إذ تعرّضت نحو 30 مؤسسة دينية تابعة للجالية التركية لتخريب في ألمانيا.
مشاركة :