أثارت خطبة الجمعة الموحدة والموزعة من جانب وزارة الأوقاف على مساجد الكويت الأسبوع الماضي ردود فعل مستغربة من ربط الانحلال بمطالب حرية المرأة وعدم ارتدائها الحجاب، بل إن الخطبة تضمنت ما هو أشد تطرفاً من ذلك، إذ اعتبرت تمارين اليوغا والقوانين الفيزيائية من الإلحاد! وجاء في الخطبة أن «الملاحدة جعلوا العقل في منزلة الخالق المتصرف في الكون، وأعطوه صفة القداسة، واعتقدوا أنه بالتمرين يمتلك طاقة يمكن بها التصرف في قضاء الله وقدره، وسموا ذلك دورات الطاقة الكونية أو قانون الجذب أو تمارين اليوغا أو القوانين الفيزيائية وغيرها من المسميات التي لا تخدع أهل الايمان إلا من ضيّع دينه وجهل عقيدته»! ما سبق يثير كثيراً من الاستغراب وعلامات الاستفهام، فبينما تعتبر وزارة الأوقاف القوانين الفيزيائية من دعوات الكفار، تقدم وزارتا التربية والتعليم العالي، في المقابل، حصصاً تدرس الفيزياء، بل إن جامعة الكويت لديها تخصص كامل هو علوم الفيزياء، تدرس فيه القوانين والنظريات، التي تُقدَّم أيضاً في متاحف الكويت! فماذا ستكون ردة فعل الطلبة وهم يدرسون العلوم الفيزيائية ويحضرون إلى مساجد الدولة ويسمعون رأياً شرعياً بأن ما يدرسونه إلحاد! كما أن اعتبار تمارين اليوغا من دعوات الملحدين أمر من شأنه إثارة المتطرفين في المجتمع ضد المعاهد المرخصة من جانب وزارة التجارة، ويضرب في سلامة شرعية ملاك تلك المعاهد، ومن يقدم الدورات فيها. وفيما يتعلق بحرية المرأة، فقد ذكرت الخطبة أن الدعوة إلى تلك الحرية هي في حقيقة الأمر انسلاخ للمرأة من الأعراف والعفة والحياء إلى عادات الكفار والانحلال والتبرج والسفور. ما جاء في الخطبة أثار ردود فعل في وسائل التواصل الاجتماعي، وحاول وكيل وزارة الأوقاف نفي التعرض للمرأة، غير أن الخطبة موجودة على موقع إدارة المساجد الإلكتروني، وفيها اتهام صريح وربط مباشر بين حرية المرأة وعادات الكفار والتبرج والسفور، بما لا يتوافق مع نفي عمادي. وفي السياق، أعرب النائب أحمد الفضل عن استيائه من الخطبة، لافتاً إلى أن ما جاء فيها من تلميح إلى وصف الكويتيين بأنهم ملاحدة "كلام ساقط". وقال الفضل، في تصريح أمس، إن هذه الخطب "ترجعنا عشرات السنين إلى الوراء، وعلى الوزير التحقيق ومعرفة من المسؤول الذي أرسلها"، معتبراً أن عزل الناس وتقييد التفكير هو أول إرهاب فكري. وأضاف أن "ديننا هو دين العلماء بالمناقشة والطرح الفكري".
مشاركة :