عواصم - وكالات - فيما انضم حلف شمال الأطلسي إلى عشرات الحكومات حول العالم التي طردت ديبلوماسيين روساً رداً على هجوم بغاز الأعصاب على عميل مزدوج روسي سابق على الاراضي البريطانية، أكدت موسكو أنها سترد على هذه الخطوات التي اعتبرت أنها ناجمة عن «ضغوط هائلة» تمارسها واشنطن. ومنذ أول من أمس، أمرت 25 دولة، كانت آخرها ايرلندا وبلجيكا وأستراليا، بطرد نحو 120 ديبلوماسياً (إضافة إلى 23 طردتهم لندن سابقاً) يُعتقد أن بعضهم جواسيس يعملون تحت غطاء ديبلوماسي، في خطوة تجاوزت بشكل كبير إجراءات مشابهة اتخذت حتى في أسوأ النزاعات المرتبطة بالتجسس أيام الحرب الباردة. جاء ذلك على خلفية اتهام لندن لموسكو بتسميم العميل البريطاني السابق في الاستخبارات العسكرية الروسية سيرغي سكريبال وابنته في مدينة سالزبوري البريطانية.وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، تعليقاً على قرارات الطرد، «عندما نطلب من ديبلوماسي أو اثنين مغادرة بلد ما ونحن نهمس له بالاعتذار فنحن ندرك تماماً أنه نتيجة ضغوط هائلة وابتزاز هائل يشكلان للأسف السلاح الرئيسي لواشنطن على الساحة الدولية».وأضاف «كونوا على ثقة بأننا سنرد! لا أحد يريد تحمل مثل هذه الوقاحة، ونحن بكل تأكيد لا نريد».واعتبر أن الابتزاز هو اللغة الوحيدة لأميركا على الساحة الدولية «سواء كان هذا الوضع متعلقاً بقضية سكريبال، أم بالنسبة للمشكلة الفلسطينية عندما يقول الأميركيون مباشرة للفلسطينيين: إننا لن نمنحكم المال حتى توافقوا على تلك الفكرة التي لم نضعها بعد».من جهتها، قالت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، إنه لا توجد أي دولة قدمت دليلاً يدين موسكو في التورط بتسميم سكريبال، مضيفة «لا يوجد سوى تلاعب بالوعي العام بواسطة رشقات مزعومة من المعلومات ونوع من الجمباز اللفظي».وفي نيويورك، استغرب ممثل روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبنزيا، «وقاحة واشنطن» بإعلان نيتها التعاون مع روسيا، في نفس اليوم الذي قامت فيه بطرد 60 من ديبلوماسييها، في إشارة إلى الإجراءات التي أعلنتها الولايات المتحدة أول من أمس.واعتبر أن الولايات المتحدة تتعسف في استخدام حقوقها كدولة تستضيف مقر الأمم المتحدة، بعد أن قامت بإبعاد 12 ديبلوماسياً روسياً يعملون في الأمم المتحدة.وفي إطار التضامن مع بريطانيا، أعلن الامين العام لحلف شمال الاطلسي ينس ستولتنبرغ، أمس، طرد سبعة ديبلوماسيين روس ورفض اعتماد ثلاثة آخرين.وقال ستولتنبرغ، خلال مؤتمر صحافي في مقر الحلف في بروكسيل، إن الحد الأقصى لحجم البعثة الروسية الى حلف الاطلسي سيخفض أيضاً بنسبة الثلث من 30 الى 20، مضيفاً «هذا الامر سيوجه رسالة واضحة الى روسيا بأن هناك عواقب لسلوكها غير المقبول والخطير».واعتبر أن روسيا «قللت من شأن وحدة الحلفاء ضمن حلف الاطلسي»، مؤكداً أن عمليات الطرد الجماعية لديبلوماسيين ستترك أثراً على عمليات روسيا.وأوضح أن «الأثر العملي سيكون ان قدرة روسيا على القيام بأعمال استخبارات في دول حلف شمال الاطلسي والدول التي طردوا منها، ستتراجع».وكانت أستراليا أعلنت، صباح أمس، عن طرد ديبلوماسييْن روسييْن اثنين، لتنضم إلى كل من كندا وأوكرانيا ومعظم دول الاتحاد الأوروبي التي اتخذت قرارات مشابهة.وفي حين أكدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أن حكومتها ستتخذ مزيداً من الاجراءات العقابية ضد روسيا على المدى الطويل، كتب وزير الخارجية بوريس جونسون في صحيفة «ذي تايمز»، الصادرة أمس، «لم يقدم هذا العدد من الدول أبداً في الماضي على طرد ديبلوماسيين روس» في خطوة اعتبرها بمثابة «ضربة ستحتاج الاستخبارات الروسية لسنوات عدة قبل التعافي منها».وأضاف «أعتقد أن أحداث الأمس قد تصبح نقطة تحول»، مضيفاً أن «التحالف الغربي اتخذ تحركا حاسما ووحد شركاء بريطانيا صفوفهم في وجه طموحات الكرملين المتهورة». من جهته، كتب المحلل الروسي في مجال السياسة الخارجية فيودور لوكيانوف في صحيفة «فيدوموستي» أن «قرارات الطرد هذه مدمرة تحديدا للعلاقات الأميركية-الروسية»، مضيفاً ان «العلاقات بين روسيا والغرب تدخل مرحلة حرب باردة كاملة».
مشاركة :