أثر الأمثال في تكوين العقل

  • 3/28/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

عبد اللطيف الزبيدي هل تكشف الأخطاء التراثية المنفردة، طريقة تفكير وسلوكاً ذهنياً يجرّدان العقل من الاستعداد للمنهجية على مدى القرون؟ يبدو السؤال مصاباً بغرور التعقيد الفكري. للتوضيح: عندما يقبل الناس الخطأ البسيط، ولا يقطعون في أمره، وتبحث الأدمغة المتخصصة في الميدان عن مبرراته فتقيم له دعائم تشد بنيانه، فإنما يفتحون الأبواب لكل الأخطاء، فتغدو لها مهابة يبحثون عن حكمة من ورائها. كيف استطاع المثل «مكره أخاك لا بطل»، دخول التاريخ والثبات أكثر من ألف سنة؟ شغل العرب، عامّة ونخباً. تطور طموحه من كتب التراث إلى الرقمي على الشبكة. لم يقل أهل اللغة: لماذا نبحث عن ترهات إعرابية، إذا كنا سنصرخ في وجه من يقيس عليه: ويحك لقد لحنت؟ العلة كامنة في مهابة التراث. لم يقولوا إن اللحن قديم، بدليل أن أهل الحواضر كانوا يرسلون صبيانهم إلى البادية التي كانت مدرسة سلامة اللغة، فلماذا نتوهم العصمة في نطق صاحب المثل؟ مهابة لا محل لها من إعراب العقل، تغوّلت وصارت طريقة تفكير وسلوكاً ذهنياً مفادهما: ما لا يصح في القياس والمنطق، هو برهان على عجز العقل عن إدراك «الحكمة» التي وراء أكمته. الخطأ الظاهر إذاً هو صواب نجهل أسراره، فعلينا التنقيب عنها. هل لنا أن نتخيل الكارثة إذا نحن نقلنا هذا الافتراء على العقل إلى السياسة؟ لماذا أوصل النظام العربي العرب إلى أوضاعهم المتردية؟ الجواب عند أبي تمام: «لماذا تقول ما لا يُفهم؟ ولماذا لا تفهم ما يُقال؟ «أنظمة طبائع الاستبداد تحتمي بقوتين لا يستهان بهما: تأويلات للتعاليم تنتقي منها ما يناسب، من اللين والمرونة إلى أقصى الافتراء على الدين تطرفاً وقسوة. الأخرى هي إعلام المستبدّين. أشد التسميات سخرية جهاز جوبلز في الرايخ الثالث: «وزارة تربية الشعب والدعاية». أشهر شخصيات العصر الحديث كذباً، لم يكذب في كاريكاتور توصيف وزارته. عكس مقولته هو الذي يصح في النهاية: «صدّق نفسك، صدّق نفسك إلى أن يتبين للناس الكذب». ذلك المثل معيار دقيق للتحقيق في حوادث الماضي والحاضر المسكوت عنها، في غياب العقل وأحكامه على الواقع. عقلية الطرفة: «الأرض هي العوجاء». الخطأ يصبح منهجية فكرية. عند السؤال: لماذا لم تتحقق التنمية العربية؟ يكون الجواب: لقد أثبت الخبراء أن الأسباب موضوعية تجعل التخلف أمراً منطقياً سليماً له مبرراته، بالتالي هو معقول ولم يكن في الإمكان أبدع ممّا كان. لزوم ما يلزم: النتيجة الإبداعية: عبقرية الأمّة أن يصنع علماؤها من الأخطاء نظريّات علميّة. abuzzabaed@gmail.com

مشاركة :