سر القوة الناعمة

  • 3/28/2018
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

​ضاق بهم الحال ذرعاً، وضاقت بهم الأرض بما رحبت، ذلك الاتجاه الذي اتخذته السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية نحو غل يد الدول الراعية للإرهاب وكف يدها عن العبث بأمن المنطقة. فالمملكة وهي لم تحرك جيوشها بعد، ولم تبدأ في استخدام قوتها الصلبة حتى الآن، إلا أن العذاب الذي مس دول الإرهاب كان أكبر بكثير من المتوقع، والضرر الذي لحق بهم كان أشد وطأة على صدورهم أكثر من أي وقت مضى، فأصبحوا يعيشون حالة من الحنق والكدر، مع فقدان الوعي والتركيز؛ لذلك وقعوا في مرمى الهدف من حيث لا يشعرون. سياسة المملكة في أحد شقيها، شق متغير يدور في فلك المتغيرات والمصالح والمنافع ومراعاة الحال والواقع، تدور معها وجوداً وعدماً، فلم تنأى هذه السياسة عن مراعاة هذه الأمور، كذلك لها حلفاءها وأصدقاءها تربطها بهم علاقات واسعة ذات عمق استراتيجي، وذات العمق تمثله علاقة المملكة بالنسبة لهم، حتى وإن تباينت الرؤى والاتجاهات؛ فالوقت والمصالح كفيلة بإعادة الأمور إلى سابق عهدها. رأينا نحن المواطنين حجم المصالح التي تحققت على يد سمو ولي العهد في زياراته لعدد من الدول الصديقة والحليفة بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين، وكيف أن الزيارة غطت على كثير من الأحداث العالمية واحتلت المرتبة الأولى في سلم الأخبار، وشغلت الرأي الدولي العام، وكيف أنها أحدثت كثيراً من التغيرات، وألقت بتأثيراتها على بعض المواقع الأمنية والسياسية للدول المستضيفة؛ حتى تعيد بناء سياساتها الخارجية بما يستقيم مع رؤى المملكة للعالم اليوم. في حديث الأمير محمد بن سلمان “أيده الله بنصره” لوسائل الإعلام الغربية جلى للعالم بشكل لا لبس فيه حقيقة الحياة الاجتماعية للشعب السعودي، وكيف أنه تعرض كغيره من شعوب الأرض لعدد من المتغيرات والعوامل والظروف في وقت من الأوقات بغيت توتير علاقة المملكة بغيرها وعزلها عن المجتمع الدولي، وتشويه صورة الإسلام في الذهنية الغربية. إلا أن عودته لسيرته الأولى كانت يسيره وباتت حقيقة واقعية، وهي السيرة التي رسمها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن “رحمه الله” لأبناء شعبه في أول النشأة عندما أقام دعائم الدولة السعودية الثالثة على أساس الإسلام الوسط المعتدل وفق الوحي المنزل، ونبذ عنها أسباب التطرف والغلو والانحلال، وسار على هذا النهج أبناءه من بعده، حتى علا شأن هذه البلاد وارتقى إلى مصاف الدول المتقدمة والمؤثرة في موازين القوى الدولية. القوة الناعمة للمملكة هي السر الذي أصاب دول الإرهاب بالذهول والدهشة، إذ لم يتصوروا حجم هذه القوة وامكاناتها وحنكة صانعها، ولم يحسبوا لأبعادها أي حساب، بل إنها قوة عابرة للحدود، فقرابة الملياري مسلم يتوقون لبذل الأنفس في سبيل الدفاع عنها، إلا أن المملكة بحكمتها وعقلها وواقعيتها لم تستغل هذه الظروف وهذه العاطفة في تحريض أحد على أحد كما فعلت دول الإرهاب “إيران وحلفائها” عند استغلوا البعد الطائفي والمذهبي في تحريك الشارع العام البحريني عام 2011؛ لقلب نظام الحكم، وتعطيل دستور الدولة، فالمملكة أكبر من أن تتدخل في شؤون أحد، بل هي صمام الأمان لاستقرار الدول وشعوبها. دكتوراة في الشريعة والقانون DrAalsh17ihri

مشاركة :