تمر الذكرى الثالثة لبدء «عاصفة الحزم» والتي شاركت فيها مملكة البحرين كأول دولة في المنطقة تعلن الانضمام إلى التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة دعما للشرعية في اليمن الشقيق ضد المليشيات الحوثية وحلفائها. وجاء قرار البحرين عام 2015 بالمشاركة في عملية «عاصفة الحزم» ليؤكد التوجيهات السامية والحكمة السديدة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى القائد الأعلى لقوة دفاع البحرين بتقديم يد العون والمساندة للأشقاء وبمشاركتهم في الذود عن سيادتهم وحماية حدودهم في وجه الإرهاب الذي يضمر الشر ولا يريد الخير لأبناء هذه الأمة جميعا. وكانت البحرين من أوائل الدول التي أعلنت انضمامها إلى التحالف العربي في اليمن، وذلك فور تشكيله في الـ 26 من مارس 2015 بقيادة السعودية الشقيقة، ولم تتوان المملكة في المشاركة في هذه العملية انطلاقا من اعتزازها بعروبتها ومؤازرة أشقائها، والتزاما منها بمبادئ وبنود اتفاقيتي الدفاع الخليجي والعربي المشترك، فضلا عن إيمانها المطلق بضرورة نشر ربوع الأمن والاستقرار في دول المنطقة ككل، ودعم الشرعية في جمهورية اليمن الشقيق، والتصدي لمليشيات المتمردين الحوثيين وأعوانهم في الداخل والخارج على السواء. مملكة البحرين أخذت على عاتقها منذ بداية انطلاق عملية «عاصفة الحزم»، التي تلتها عملية «إعادة الأمل» في اليمن الشقيق، القيام بالعديد من الأدوار على الصعد العسكرية والإنسانية والسياسية، وهي الأدوار التي حظيت بتقدير كبير، وشهد لها القاصي والداني بالنظر إلى المشاركات المحورية لسرب سلاح الجو الملكي المكون من 12 طائرة، ودور السفينة الحربية «صبحا» في عملية إعادة الأمل وتوصيل العتاد وحماية القوات، فضلا عن مشاركات العناصر المتميزة من كافة أسلحة قوة الدفاع. وكان لهذه المشاركات الكبيرة التي قدمتها المملكة أكبر الفضل في تحقيق قوات التحالف العربي العديد من المنجزات رغم محاولات المتمردين الحوثيين ومن عاونهم النيل منها، وأول هذه الإنجازات المحققة التي أسهمت البحرين في جزء مهم منها: إعادة شرعية الرئيس اليمني، واستعادة الدولة اليمنية من براثن مليشيات الحوثي المدعومة من إيران، وتشكيل حكومة يمنية تدير الأوضاع في الأراضي المحررة، وتدير دفة القتال ضد المليشيات الانقلابية. واقع الأمر، أن البحرين وبالمشاركة مع قوات التحالف العربي وبقيادة الشقيقة السعودية نجحت في تحرير غالبية أراضي اليمن الشقيق التي كانت رهينة للإرهاب الحوثي الإيراني، ومكن هذا النجاح قوات الشرعية هناك بدعم من قوات التحالف العربي من استعادة السيطرة على 85% من الأراضي اليمنية، وإلحاق هزائم كبيرة بالحوثيين، وكانت استعادة وتأمين مضيق باب المندب الاستراتيجي من أبرز المكاسب بعد تهديد الحوثيين باستهداف ممر التجارة العالمي. كما لا يمكن هنا إغفال الدور البحريني في التضييق على المتطرفين والإرهابيين الذين وجدوا متنفسا في الفوضى التي تسبب فيها المتمردون الحوثيون داخل أراضي اليمن الشقيق بهدف تثبيت تواجدهم ومرتكزاتهم، غير أن المشاركة البحرينية في العمليات التي قامت بها قوات التحالف العربي أثبتت بما لا يدع مجالا لأي شك أهمية التجربة البحرينية لضرب عناصر الإرهاب والتطرف ووأد محاولات انتشارهم ومد نفوذهم في مهدها. ومن المهم هنا الإشارة إلى دور سلاح الجو الملكي البحريني في القضاء على تنظيم «القاعدة» الإرهابي، الذي كان يهدف إلى اتخاذ اليمن بؤرة لاستقطاب الإرهابيين، حيث شاركت الطائرات البحرينية الملكية في عمليات الإسناد الجوي «الفيصل» و«السيف الحاسم» التي أطلقتها قوات التحالف العربي لهزيمة عناصر «القاعدة» في محافظتي حضرموت والشبوة وغيرهما، ونجحت في التطهير النهائي لجيوبهم وأوكارهم المنتشرة على الأراضي اليمنية. وكان لهذا الدور البحريني أهمية كبرى في تثبيت دعائم الاستقرار داخل الأراضي المحررة باليمن الشقيق، وأسهم بدوره في المساعدة في بناء نواة حديثة لجيش يمني جديد، وتمكين قوات الشرعية من البدء وفق أسس جديدة، لقد استطاعت عملية «عاصفة الحزم» بمشاركة بحرينية متميزة إنهاء المشروع الإيراني في اليمن، والقضاء على خططه التي رمت إلى مد أذرعه للسيطرة على دول المنطقة ككل، بل ويمكن القول إن التحالف العربي انطلاقا من قناعته بخطر التمدد الإيراني، الذي ظهر جلية في البحرين، نجح في وأد طموحات الهيمنة لدى نظام الولي الفقيه الذي سعى لاختطاف العديد من الدول، ومنها اليمن الشقيق، وعمل على العبث بمقدرات هذا الأخير ومستقبل شعبه وتحويله إلى شوكة في الخاصرة الخليجية والعربية. ومع مرور 3 سنوات على بدء انطلاق عملية «عاصفة الحزم»، تبدو التطورات الأخيرة التي شهدتها الشقيقة الكبرى المملكة السعودية بعد محاولة قصفها صاروخيا، وردود الأفعال الإقليمية والدولية المنددة بتلك الهجمات، التي ثبت تورط أطراف خارجية فيها، وكأنها إشارة إلهية تؤكد صحة ما أقدمت عليه المملكة، ونجاح مشاركاتها مع دول التحالف العربي في حماية أسس الأمن القومي العربي والتصدي لأي محاولات للمساس به والتدخل في شؤون دوله. ولقد كان تأكيد جلالة الملك المفدى دائما أن قوة الدفاع ستستمر في أداء واجبها السامي مع الأشقاء، وذلك انطلاقا من إيمانها الراسخ بأهمية الدور الكبير الذي تقوم به البحرين في الأحداث الفارقة، وهو ما أثبته استشهاد 9 من أبناء المملكة أثناء قيامهم بتأدية الواجب ضمن القوات المشاركة مع قوات التحالف العربي للدفاع عن الشرعية في اليمن في عمليتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل.
مشاركة :