عرضت أوزبكستان، أمس، استضافة محادثات سلام بين حكومة أفغانستان وحركة طالبان، في خطوة قد تجعل من طشقند عنصرا فاعلا في تسوية الصراع المستمر منذ عقود في أفغانستان المجاورة. وتسعى أوزبكستان، الجمهورية السوفياتية السابقة، لتعزيز مكانتها الدولية في إطار سياسة انفتاح ينتهجها الرئيس شوكت ميرضيائيف لجذب الاستثمارات الأجنبية بعد عقود من العزلة والركود الاقتصادي. وقال ميرضيائيف خلال مؤتمر في طشقند حضره الرئيس الأفغاني أشرف غني: «نحن مستعدون لتهيئة كل الظروف المطلوبة، في أي مرحلة من مراحل عملية السلام، لتنظيم محادثات مباشرة على أراضي أوزبكستان بين حكومة أفغانستان وحركة طالبان». وحضرت مؤتمر طشقند كذلك فيديريكا موغيريني مسؤولة السياسات الخارجية بالاتحاد الأوروبي وعدد من وزراء الخارجية منهم وزراء خارجية روسيا والصين وتركيا، لكن لم يحضر ممثلون عن حركة طالبان. وتولى ميرضيائيف الرئاسة في أوزبكستان عام 2016 بعد وفاة الرئيس إسلام كريموف الذي حكم البلاد منذ العهد السوفياتي. وتوترت علاقات أوزبكستان مع الغرب في عهد كريموف الذي كثيرا ما تعرض لانتقادات بسبب سجل حقوق الإنسان في بلاده. وأطلق ميرضيائيف حملة لجذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز التجارة. وألقي الرئيس الأفغاني أشرف غني ورئيس أوزبكستان شوكت ميرضيائيف ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني كلمات أمس بعد لقاءات في جلسات مغلقة، وكذلك وزراء خارجية كازاخستان وباكستان وروسيا وتركيا. ويمثل الولايات المتحدة نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية توماس شينون. وصدر إعلان مشترك عن المؤتمر الذي قال عنه نائب وزير خارجية أوزبكستان فلاديمير نوروف لوكالة الصحافة الفرنسية قبل المحادثات إنه «لا ينبغي توقع حدوث معجزة» وإن الهدف منه هو بناء الثقة في المنطقة. وأضاف أنه «تجدر الإشارة إلى أن حركة طالبان مهتمة بما ينتج عن هذا المؤتمر، وينبغي أن يلمسوا الاستعداد عند كل الأطراف لخوض محادثات سلام». ويكرس المؤتمر عودة أوزبكستان المحاذية لأفغانستان للعب دور إقليمي بعد سنوات من العزلة على الساحة الدولية في ظل حكم الرئيس السابق إسلام كريموف الذي توفي في 2016 بعد 30 سنة على رأس الجمهورية السوفياتية السابقة. ويسعى الرئيس شوكت ميرضيائيف إلى تحسين علاقات هذه الدولة الواقعة في آسيا الوسطى مع جيرانها. وأعلنت فيديريكا موغيريني أيضا استعداد الاتحاد الأوروبي لتقديم مزيد من الدعم للمجتمع المدني الأفغاني والمساعدة في تطوير العدالة. وأضافت: «كما يمكننا العمل مع الناس الذين سينزعون السلاح ودعم عائلاتهم في إيجاد مكان لهم في الحياة المدنية». وكان الرئيس الأفغاني أشرف غني دعا في مراسم افتتاح المؤتمر الدولي الثاني «عملية كابل» نهاية فبراير (شباط) الماضي للحوار السلمي مع حركة طالبان، مقترحا بدء مفاوضات بين الحكومة وطالبان، دون أي شروط مسبقة. كما أكد استعداده لاعتبار طالبان قوة سياسية شرعية وفتح مكتب رسمي لها في كابل. من جهتها عبرت الأمم المتحدة عن دعمها جهود أوزبكستان الهادفة إلى إنشاء «منطقة مستقرة وآمنة» وتقديم ساحة في أراضيها لإجراء مفاوضات مباشرة بين الحكومة الأفغانية وطالبان. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في المؤتمر: «إنني أرحب بتمسككم بمواجهة التهديدات مثل التداول غير الشرعي للمخدرات والإرهاب، ودعمكم المفاوضات المباشرة في إطار عملية السلام بقيادة أفغانستان. وإن الأمم المتحدة جاهزة لدعم جهودكم الهادفة لإنشاء المنطقة الآمنة والمزدهرة». من جهته دعا وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو كل الجماعات في أفغانستان للاعتراف بالحكومة الرسمية والانضمام إلى العملية السياسية الشرعية في البلاد. وقال: «تضم الحكومة الوطنية في أفغانستان ممثلي جميع فئات المجتمع الأفغاني. لذلك فلهذه الحكومة القدرة النادرة، كما يجب عليها تحريك عملية المصالحة. وندعو كل الجماعات في أفغانستان إلى أن تعترف بالحكومة الأفغانية وتدين العنف وأن تصبح جزءا من العملية السياسية الشرعية».
مشاركة :