أكد الشيخ الدكتور سلطان القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة ضرورة تحصين المجتمعات العربية من الأفكار الدخيلة والهدامة التي تؤثر سلبا على التنشئة الاجتماعية لأبنائنا وبناتنا، وتقودهم إلى العبث الذي تجلبه التكنولوجيا الحديثة كجوانب سلبية لها.جاء ذلك في كلمة حاكم الشارقة اليوم /الأربعاء/ أمام الجلسة الافتتاحية للمنتدى الدولي للاتصال الحكومي في دورته السابعة، والذي ينظمه المركز الدولي للاتصال الحكومي التابع للمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة على مدى يومين في مركز (إكسبو) الشارقة تحت شعار (الألفية الرقمية.. إلى أين؟)، وذلك بحضور الدكتورة أمينة غريب رئيسة موريشيوس، والشيخ سلطان بن أحمد القاسمي رئيس مجلس الشارقة للإعلام.وشدد حاكم الشارقة على أهمية العمل للمستقبل والاستفادة من تجارب الشعوب التي عانت من الهزائم، لكنها أصبحت اليوم في مصاف الدول العالمية المتطورة عبر التغلب على شعور الإحباط بالهزيمة، والاشتغال بالعلم والمعرفة والوعي المجتمعي.وأشار إلى أن إرادة الشعوب هي العامل الحاسم في تطور المجتمعات وتقدمها بعيدا عن الركون للهزائم، مستدلا بتجارب عدد من الدول الكبرى التي عانت من ويلات الهزيمة مثل ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية، وقد أصبحت اليوم من الدول الصناعية الكبرى ومثال لتطلعات الشعوب ونظرتهم الإيجابية للمستقبل.وأضاف "يجب أخذ العبرة والحكمة من هزيمة اليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية، لنعرف ما هي الخطوات التي اتبعوها للتطور والتقدم، وبذلك نكون قد وضعنا يدنا على المجتمع الذي سنسلمه سلاحا خطيرا وهو التقنية الحديثة، وهو السلاح الذي دخل علينا قبل بضع سنوات، وأصبح أخطر شيء في يد العبث، والظلاميين الذين يأخذون أبنائنا من كل مكان ويحركونهم مثل الدمى ليدمروا أنفسهم وغيرهم".وتابع "لا بد قبل أن نبدأ في طريق الثورة التقنية أن نبدأ بمجتمعنا، وأن نحصنه ضد كل هذه المعطيات.. وليس معنى ذلك أن نراقبه فقط أو نغلق عليه الأبواب والوسائل، وإنما نحصنه على درجة من المعرفة والوعي وإيمان إنساني يمنعه من العبث واستعمال هذه التكنولوجيا في تدمير الشعوب".ووجه حاكم الشارقة رسالة إلى الآباء والأمهات، قائلا "مسؤوليتنا أن نراقب أبنائنا وبناتنا الذين أدمنوا هذه الأجهزة الحديثة والتقنية وانفصلوا عن مجتمعهم، وأخذتهم الأجهزة بعيدا عن واقعهم".. كما دعا الباحثين من رواد المعرفة والثقافة والتقنية الحديثة من المشاركين في المنتدى إلى البحث في كيفية منع العبث من الوصول إلى أبنائنا وبناتنا حتى ينتقلوا إلى العقلانية من الفوضى، فضلا عن إمكانية توجيه الأطفال إلى استعمال هذه الأجهزة للنفع والفائدة فقط.ومن ناحيتها، قالت رئيسة موريشيوس وضيف شرف المنتدى، في كلمتها، "إن مسؤوليات الحكومات فيما يتعلق بالتواصل مع شعوبها تتضمن ثلاث مراحل، إذ يجب أن تكون أولا سباقة في تقديم معلومات تتميز بالشمولية والمصداقية، وأن توفر بنية تحتية أو أدوات اتصال قادرة على إصدار رسائل دقيقة في الوقت المناسب عند التعرض لأية أزمات أو كوارث، وثالثا أن توفر الحماية لشعبها في وجه أي قوى معادية قد تحاول الوصول إلى البيانات وتستغل قنوات الاتصال لأغراض غير مشروعة".وأضافت "إذا لم نشكل مصدرا موثوقا للمعلومات بالنسبة لشعبنا، فإن فجوة المصداقية سيملؤها آخرون من داخل بلداننا وخارجها بشكل فوري ووفق أجندة معينة أحيانا.. ولذا، فإننا لا نملك خيارا سوى الإسراع إلى توفير بنية تحتية وطنية قوية وشاملة للاتصالات لضمان تقديم رسائل اتصالية تلبي احتياجات الجمهور، وفي نفس الوقت تتضمن وسائل الحماية اللازمة لضمان عدم اختراق المعلومات أو البيانات".وطالبت بضرورة أن تكون الرسائل واللغة المستخدمة في الاتصال الحكومي شفافة ومدروسة وقوية وموثوقة ومفهومة ومدارة من قبل أشخاص مختصين، وأن ترسل في وقتها الصحيح والمناسب.. لافتة إلي أن تلك الرسائل قد لا تكون فعالة إلا إذا بنيت على رسائل متكررة وموثوقة.ودعت رئيسة موريشيوس، الحكومات الحريصة على حماية شعوبها وتعزيز رفاهيتهم إلى التفكير في الكيفية التي ستستخدم بها قنوات الاتصال بالمستقبل.وبدوره، أكد الشيخ القاسمي، في كلمته، ضرورة أن تدرك الحكومات تسارع التطورات التقنية التي تهدد تلاشي وسائل التواصل التقليدية وتتطلب إعداد التجهيزات للاستعداد للمراحل المستقبلية التي يصعب التنبؤ بتطوراتها ومدى قفزاتها.وأشار إلى أن وسائل الثورة الرقمية تتطور بشكل هائل وسريع ربما يفوق حتى سرعة الصوت، ومنها ما يتلاشى في الوقت الذي تبقى به وسائل أخرى.. مستعرضًا المراحل المقبلة وفقا لما تشهده التقنية من مفاجآت وتطورات، مؤكدا ضرورة إعداد الخطط والآليات والبرامج التي تساهم في تسهيل سبل الحوار مع أجيال المستقبل ومخاطبتهم وفق لغتهم الرقمية للحفاظ على التواصل المستمر بين الحكومة وجمهورها.وأشار إلى أبرز أبحاث تقنية المستقبل التي تتناول التواصل بالتخاطر بإرسال محتوى من "دماغ" إلى آخر دون تدخل الآلة وربما بأدوات جديدة لم يتصورها العقل البشري حاليا. لافتا إلى تقنية الواقع المعزز للحصول على المعلومات التي يحتاجها الشخص دون الحاجة إلى الاتصال بجهاز الحاسوب أو الهاتف الذكي، وإلى توقعات تمكن العقول بعد التواصل بسحابة مرتبطة بآلاف أجهزة الكمبيوتر من تضخيم الذكاء الأصلي ليصبح تفكيرا اصطناعيا، كما أطلقت عليه أبحاث المرحلة الماضية بـ"التفكير الهجين".وقام حاكم الشارقة بجولة تفقدية داخل أروقة المنتدى، حيث أطلع على الفعاليات المصاحبة له.. وتابع جانبا من بعض الورش التدريبية والجلسات التفاعلية، وتفقد أجنحة عدد من الجهات المشاركة، واستمع إلى شرح مفصل عن منصات وأجنحة الجهات المشاركة.
مشاركة :