عبرت واشنطن عن ارتياحها، أول من أمس، لإعادة التفاوض حول اتفاق التبادل الحر مع كوريا الجنوبية، معتبرة أنها «لحظة تاريخية» في السياسة التجارية للولايات المتحدة.وقال مسؤولون كبار في البيت الأبيض إن «الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية توصلتا إلى اتفاق مبدئي» حول اتفاقية جديدة بعد «مفاوضات مكثفة»، مؤكدين بذلك نبأ أعلنه وزير التجارة الكوري الجنوبي كيم هيون شونغ.وأضافوا: «عندما سيتم إنجازه، سيكون أول اتفاقية يتم إعادة التفاوض حولها بنجاح». وكانت سيول ذكرت الاثنين الماضي إن وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاقية سيتم «قريباً».وسيُسهِم الاتفاق الجديد في مضاعفة أعداد السيارات التي يستطيع كل مصنع أميركي تصديرها سنويا لكوريا الجنوبية، إلى 50 ألف سيارة، وسيقلل من القيود البيروقراطية على المنتجات الأميركية، ويمدد الرسوم الأميركية البالغة 25 في المائة على سيارات «البيك آب» حتى 2041، وفقاً لما ذكرته وكالة «أسوشييتد برس».واستطاعت كوريا الجنوبية أن تكون من البلدان التي وافقت إدارة ترمب على إعفائها من الرسوم الحمائية التي فرضتها على واردات الصلب، لكن في مقابل ذلك وافقت سيول على تحديد صادراتها من هذا المنتج بحصة سنوية تبلغ 2.68 مليون طن، أي 70 في المائة من متوسط صادراتها السنوية في الأعوام الثلاثة الأخيرة.ويعتمد الاقتصاد الكوري الجنوبي بشدة على التجارة الخارجية والولايات المتحدة هي ثاني شريك تجاري لسيول.لكن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يندد منذ انتخابه بالاتفاق معتبرا أنه سيئ ويضر بالوظائف، وأنه غير متوازن ولصالح كوريا الجنوبية.وبلغ العجز التجاري الأميركي مع كوريا الجنوبية 10.3 مليارات دولار في 2017. وقد بلغت قيمة البضائع وحدها 22.6 مليار دولار، بينما سجلت الخدمات فائضاً قدره 12.3 مليار لمصلحة الولايات المتحدة.وفي إطار المحادثات، يتفاوض الطرفان أيضاً على اتفاق حول العملات «يحظر أي تخفيض تنافسي ويفرض شفافية» في هذا المجال «لتبلغ الدول بما يفعله الآخرون في مجال السياسة النقدية».وأكد المسؤولون الأميركيون أن الاتفاق سيعود بالفائدة على الشركات والعمال الأميركيين. وأضافوا: «إنه اتفاق جيد للبلدين»، معتبرين أنه «مبتكر»، ويشكل نموذجاً يحتذى به للمفاوضات حول اتفاقيات أخرى.من جهته، أكد وزير التجارة الكوري الجنوبي أن سيول دافعت عن «الخط الأحمر» الذي حددته في مجال منتجاتها الزراعية للاحتفاظ ببعض الاستثناءات المطبقة أصلاً.وعلى الرغم من أن كوريا الجنوبية والولايات المتحدة حليفان يواجهان معاً تهديدات كوريا الشمالية المزودة بالسلاح النووي، فإن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يهدد بالتخلي عن اتفاق تبادل حر موقَّع بينهما عام 2012. وقررت إدارة ترمب في يوليو (تموز) معاودة التفاوض حول هذه الاتفاقية المعروفة باسم «كوروس». كما فرضت واشنطن الأسبوع الماضي رسوماً جمركية على واردات الصلب من عدة بلدان بما فيها الصين، ما أحيا المخاوف من قيام حرب تجارية.وشركات السيارات الأميركية الثلاث الكبرى: «جنرال موتورز» و«كرايسلر» و«فورد»، صدرت ما لا يقل عن عشرة آلاف سيارة إلى كوريا الجنوبية عام 2017. وتمكنت سيول من الدفاع عن «خطها الأحمر» فيما يتعلق بالمنتجات الزراعية والحفاظ على بعض الإعفاءات المطبَّقة حالياً.وعلى صعيد متصل بمعركة رسوم الصلب، أكد وزير الاقتصاد الألماني بيتر أنه لن يتم تقديم أي تنازلات للولايات المتحدة مقابل الإعفاء المؤقت للاتحاد الأوروبي من الرسوم الجمركية الأميركية.وقال ألتماير الاثنين لإذاعة «برلين - براندنبورغ» الألمانية إنه لم يقدم أي عروض ملموسة، مؤكداً أنه لا يمكنه القيام بذلك مطلقاً. وتابع قائلاً: «لا تتفاوض دولة بمفردها، وإنما الاتحاد الأوروبي معاً. وكانت مهمتي في واشنطن أيضاً الاهتمام بألا ينقسم الاتحاد الأوروبي بعيداً عن بعضه البعض. لذا لم أقدم عروضاً ولم أقبل عروضاً».يُذكَر أن الاتحاد الأوروبي حصل الأسبوع الماضي على استثناءات من الرسوم الجمركية الأميركية على واردات الصلب والألمنيوم التي دخلت حيز التنفيذ، يوم الجمعة الماضي. ولكن الإعفاء يسري حتى شهر مايو (أيار) المقبل فقط. ولا يزال يتم السعي من أجل التوصل لحلّ دائم.وأضاف ألتماير أنه سيتم الاتفاق مع الولايات المتحدة على أنه لا يمكن تحرير التجارة العالمية إلا إذا كانت عادلة، وقال إن «أوروبا مستعدة للتحدث مع الولايات المتحدة بشأن هذه القضايا. ولكننا لا نرغب في فعل ذلك تحت ضغط وقت». وحذر الوزير الألماني في تصريحات لصحيفة «باساور نويه تسايتونغ» الألمانية من أنه «تتم المخاطرة بملايين الوظائف على مستوى العالم، وآلاف منها في ألمانيا أيضاً» في إطار حرب تجارية، مؤكداً أنه سيتم فعل كل شيء «من أجل الحيلولة دون حدوث تصعيد والوصول إلى حل ودي».
مشاركة :