أبوظبي: رشا جمال اختتمت في أبوظبي، أمس الأربعاء، فعاليات مؤتمر «الدروس المستفادة من مكافحة العبوات الناسفة المبتكرة»، الذي عقد تحت رعاية وزارة الدفاع، وبالتعاون مع الهيئة الأمريكية لمكافحة العبوات الناسفة المبتكرة، واستمر على مدى يومين، بمشاركة خبراء ومتخصصين من 25 دولة ومنظمة من مختلف أنحاء العالم. وعرضت الدول المشاركة خلاصات تجاربها وتعاملها مع العبوات الناسفة المبتكرة من خلال عرض الدروس المستفادة والتي كانت بمجموعها تشكل تكاملاً مفيداً أظهر أفضل الإجراءات التي استخدمتها الدول المشاركة لمكافحة العبوات الناسفة المبتكرة.واستعرضت الجلسة الختامية للمؤتمر، تجربة الإمارات في مكافحة العبوات الناسفة في اليمن، حيث تم استعراض أساليب القوات المسلحة في كشف طرق الإرهابيين والحوثيين في زرع العبوات الناسفة، وطرق اكتشافها، فيما أكدت المعلومات الواردة في الجلسة الدعم الخارجي الإيراني للحوثيين، والذي كشفته أنواع العبوات الناسفة والتكنولوجيا المستخدمة فيها مما يؤكد وجود دعم خارجي للمليشيات. وقال المقدم الركن يحيى البلوشي، رئيس قسم البحث والتطوير في شعبة التسليح بالقوات البرية، «إن العبوات الناسفة المبتكرة تعتبر من أخطر التهديدات التي تواجه الدول في العصر الحديث، لما تسببه من خسائر كبيرة في الأرواح، والتأثير الاقتصادي، والمعنوي في المجتمع المدني».واستعرض البلوشي أنواع العبوات الناسفة التي تعمل بتقنيات مختلفة سواء بالضغط، أو التفجير عن بعد، أو بالليزر، وكيفية التصدي لها، وقال: «كان لفرق مكافحة المتفجرات دور كبير في التخلص من العدد الأكبر من العبوات، وعقدت فرق مكافحة المتفجرات العديد من الدورات لتدريب المهندسين اليمنيين على كيفية التعامل مع العبوات الناسفة، والتخلص منها، وقدمت لهم الأدوات، والمعدات اللازمة للتعامل معها، وإبطال مفعولها، كما ساهمت الفرق في رفع وعي المدنيين، بأهمية الإبلاغ عن أي جسم يشتبه به». من جهته أكد اللواء الركن سنيد بن ظاهر المزيني قائد سلاح المهندسين في القوات المسلحة السعودية، في المحاضرة التي ألقاها حول مكافحة العبوات في اليمن أن سلاح الهندسة السعودي تمكن من إبطال مفعول 596 عبوة ناسفة في العام الجاري بالقرب من المناطق الحدودية، إضافة إلى إبطال مفعول 1034 عبوة ناسفة في العام الماضي، و503 في عام 2016.وقال المزيني: «هناك دول، وشبكات تهريب تنشط لتحقيق أهدافها غير المشروعة، حيث برزت خطورة العبوات المبتكرة نظراً لسهولة استخدامها، وتصنيعها، وآثارها المتمثلة في إلحاق الضرر بالمدنيين، بهدف نشر الفوضى، والعنف في اليمن».وأضاف: التحالف العربي لدعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية يعمل على تدريب قوات الجيش الوطني، والمقاومة اليمنية، بهدف التقليل من الحوادث الناجمة عنها، ورصد ومتابعة مواقع تصنيعها. ولفت المزيني إلى أن أبرز طرق مكافحة خطر العبوات في اليمن يكمن في التخلص من العبوة الناسفة بالأساليب المبتكرة، ومهاجمة الشبكة التي تعمل على تصنيع العبوة، وتهيئة القوة المناسبة بالعدة والعتاد العسكري لمواجهة الانتحاريين، بالطرق المختلفة.وقدم الرائد فرانك لوبيز نائب قائد خلية العبوات الناسفة داخل مقر الجيش الفرنسي محاضرة حول «الدروس المستفادة من مكافحة العبوات الناسفة المبتكرة في إفريقيا»، حيث استعرض تجربة مكافحة العبوات الناسفة في مالي، وقال: «أهم الدروس المستفادة من التجربة كانت أهمية الانتباه، والحذر الدائم خاصة مع استخدام التنظيمات الإرهابية المسلحة للعبوات المحمولة بالآليات، والتي تصبغ بألوان مشابهة للبيئة، بهدف التمويه، وعدم التعرف عليها من قبل القوات النظامية». وأضاف: وفقاً للإحصاءات منذ عام 2013 وحتى الربع الأول من العام الجاري، فإن المناسبات الاجتماعية أو الدينية لا تؤثر في استخدام الجماعات الإرهابية للأحزمة الناسفة أو الهجمات الانتحارية، وبالتالي من المهم توحيد الجهود، وتكثيف عمليات التفتيش، والمتابعة.وأشار إلى وقوع 35% من الهجمات الإرهابية في شمال مالي، فيما نُفّذ 24% منها بجوار المناطق الحدودية، لافتاً إلى أن الألغام الأرضية تعتبر الأكثر استخداماً بهدف استهداف المركبات العسكرية والمدنيين.وأوضح لوبيز أن الجماعات المتطرفة تستخدم نترات الأمونيوم، الناجمة عن مخلفات الذخائر، والوقود لإنتاج العبوات، فيما يتم التصدي لها بمعدات التشويش، والفرق المتخصصة بذلك.وقدم الكولونيل رشيد حميد كياني، مدرس أول في مدرسة مكافحة المتفجرات والعبوات الناسفة في باكستان ورقة عمل حول الدروس المستفادة من مكافحة العبوات الناسفة المبتكرة على الحدود الأفغانية، وأكد أنه بالرغم أن باكستان تعد من الدول الأكثر تضرراً من العبوات الناسفة، فإنه تم التصدي بنجاح لها، عبر شن الضربات الاستباقية، وزيادة التدريب.وقال: انخفض عدد ضحايا العبوات الناسفة خلال السنوات الأخيرة، فبينما بلغ العدد عام 2011 قرابة 2098 ضحية، انخفض عام 2012 ليصل إلى 1091، واستمر الانخفاض وصولاً إلى عام 2017، الذي تم خلاله الكشف عن 79 عبوة ناسفة قبل حدوثها.وأشار كياني إلى أن الجيش الباكستاني اتخذ سلسلة من الإجراءات منذ عام 2013، منها إنشاء مدرسة متخصصة بالمتفجرات، قامت بتدريب 5 آلاف شخص، عبر 198 مساقاً تدريبياً، كما تم رصد 64 مصنع متفجرات، والعثور على 211 حزاماً ناسفاً، بالإضافة إلى كشف 545 نفقاً للمتفجرات. وتطرق زاك سكوت خبير في مكافحة العبوات الناسفة بوزارة الدفاع في المملكة المتحدة، إلى مكافحة العبوات الناسفة وضرورة التدريب الأساسي لعناصر فرق الهندسة في مختلف جيوش العالم، وتعريفهم المستمر بأحدث الوسائل المستخدمة من قبل الإرهابيين، وذلك عبر منهجية التعلم المستمر، والاستفادة من التجارب في الندوات، والمؤتمرات.وقال سكوت: «تتطلب المواجهة إعادة تنظيم الوحدات القتالية بصورة سريعة، ومعرفة المهام المحددة، كما يجب توجيه الإجراءات الاستباقية التي من شأنها تقليل حوادث العبوات».بدوره استعرض ديفيد غونزاليس، من المنظمة الأمريكية المشتركة لمكافحة العبوات الناسفة المبتكرة أبرز التقنيات والمعدات والأجهزة الحديثة المستخدمة من قبل الجيش الأمريكي، قائلاً: «العبوات الناسفة شهدت تطوراً ملحوظاً في الأساليب، والوسائل، وهو ما يتطلب تفعيل الأبحاث والدراسات التي تتواكب مع مستجدات الصراعات حول العالم». وانتهي المؤتمر إلى عدد من الخلاصات أهمها ضرورة تحول المؤتمر إلى مؤتمر دولي سنوي، بهدف تواصل تبادل الخبرات والمعلومات حول العبوات الناسفة وسبل مواجهتها، للحد من خطورتها على المدنيين والأبرياء.وحسب التوصيات، فإن أهم نتائج المؤتمر هو النجاح في تبادل المعلومات بين الدول لكشف أساليب الجماعات المتطرفة في استخدام العبوات الناسفة، حيث عرضت كل دولة ما لديها من معلومات حول الأمر، وهو ما أضاف لكل دولة معلومة جديدة عن الأساليب والوسائل المستخدمة من قبل الإرهابيين والجماعات المتطرفة في استخدام العبوات الناسفة.وعلى صعيد التعاون والتنسيق، خلص المؤتمر إلى أن الدول المشاركة أبدت الحرص الكبير على استمرار التعاون والتنسيق لمواجهة هذا التهديد وما يستجد من تطوير لتصنيع واستخدام العبوات الناسفة من قبل الإرهابيين. وفيما يتعلق بدور العقائد، أفادت التوصيات، أن المناقشات أظهرت أهمية إيلاء العقائد في جيوشها الأهمية والأولوية لكيفية التعامل ومواجهة التهديد المتجدد والمتغير ووضع الآليات والأساليب المنهجية والمستمرة لذلك. وتطرقت التوصيات إلى أهمية الأجهزة والمعدات، حيث ذكرت أن الدول المشاركة، أظهرت ما لديها من أجهزة ومعدات لمواجهة ومكافحة العبوات الناسفة المبتكرة، وكان لعرض هذه الأجهزة والمعدات الفائدة الكبيرة للاطلاع على إحدى الوسائل في هذا المجال.
مشاركة :