جمعيات وجماعات وانتماءات وولاءات متعددة... والغاية!!

  • 3/29/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

سُلم المصالح الشخصي أقصر طريق للركوب على ظهور الآخرين بالتجاوز المألوف وغير المألوف لصالح مصالح متعددة منها الفئوي والشخصي، مصاعد من أجل تحقيق المآرب الخاصة على حساب هوية وطن، ومن المؤسف أنها وسائل باتت مظاهر أهدافها إيجاد هوية (أنا موجود هنا) وللأسف أكثر من نصف الجمعيات لا قيمة لها ولا أثر، سواء بالعمل أو بالنهوض التنموي أو بالكفاءة والفعل، مجرد اسماء قد أسست جمعيات افتقدت المصداقية، تراها مشعة في صور (الفشار) من دون أن تجد أي أثر لهويتها أو نورًا لحيويتها، فالبريق فيها باهت والصورة منها قاتمة، كل ما عليك هو أن تؤسس جمعية كي تخلق اسما يتحرك لأيام ثم يموت، والمؤسف مرة أخرى أن بعض الشخصيات يبحثون هنا وهناك يفتشون عن اسم الشهرة من خلال استغلال اسم الجمعية التي ليس لها وجود، فلا مقر اجتماعي يمكنك أن تقصده لتطلع على نشاطها، ولا نشاط أصلاً لها أو وجود لموقع إلكتروني يشرح شيئا عنها، والحال هو خيال واسم يتم استثماره لصالح ما قلنا بادئ ذي بدء المصلحة الشخصية. شخصيات تتحرك باسم الجمعيات والمنتديات والمجالس تبحث عن ضحية تسترزق منها لقمة، وهذا هيّن، الأسوأ أن تكون الضحية محط استغلال تلك الشخصية التي تدعي أنها قريبة من مصادر القرار وتحدد من يحترق كرته ممن يبقى على شرف العزة والمقال، ويتشرف دومًا بالتباهي قاصدًا أفضل الأحوال، وهنا يقع المحظور من بيع الوهم والخيال، فلا شرف تناله الضحية ولا جواب يرجى منه ولا منال. صفقات نجحت وشخصيات ارتقت وارتفعت وهي لا تستحق ما وصلت إليه، وبالتجربة والبرهان بعض من باعوا الوطن وقت المحك تقلّدوا مناصب وهم أنفسهم من فضّلوا السكوت وقسم منهم من حارب باسم الجمعيات التي انتموا إليها، ومنهم من خطط وجاهد لنيل مناه ومبتغاه، والآخر منهم أيضًا من توقف ليرى من هي الفئة الغالبة، وقد خابت تلك الظنون، ولما انتهت خطوات الشيطان وابتعدت مقاصد العدوان، تزلفت تلك الشخصيات القربى وعادت حِملانا وديعة تقتات للمعيشة والوظيفة ونست عبثها وغلوها وجهلها، تبحث هنا عن دار وهناك عن مدار. في الأعوام الماضية وما قبل 1985 وما بعد 1995 وما بين تلك الفترتين الجمعيات المؤسسة بهوية (ليبرالية - اشتراكية - إسلامية) خطوط متطرفة بتقسيم واحد، أما ما بعد 1999 فالجمعيات بنفس الخطوط ببُعدها الأول مضافًا لها بعد التطرف والتشدد، عمق في عمق أنتجت لنا خلال 10 سنوات طائفية ومذهبية وأفكارا مخالفة للعرف الاجتماعي البحريني، وقد تسببت تلك الجماعات والانتماءات في خلق أجواء المشاحنة والمخاصمة والفرق والافتراق على نحو ممنهج، لم يكن معهودًا في السابق، وإن كانت الجماعات السابقة والجمعيات بتلك الأبعاد إلا أنها بخط معلوم واضح، وكانت الدولة وقتها تتعامل مع كل جماعة بنمط ونهج في تجاوزات تلك الانتماءات بحد العقل والحكمة، ولكن المختلف اليوم أن الجماعات والجمعيات منقسمة داخليًا مع تكوينات متعددة، والدولة إن تعاملت مع أفراد بنمط فهي تخسر أفرادا أخرى داخليًا بسبب الانقسامات المستمرة، فليس خطأ الدولة إنما صخب العولمة وتعدد الانقسامات المستمر بشكل سريع، ولذلك قررت الدولة أن تحدد أنظمة دستورية لمواجهة التعدد بوحدة الهدف الذي ينص على هوية وطنية شاملة، إذ إن انتماءات الأفراد وتعدد مساراتهم ومبانيهم شأن خاص لكن على ألا تخرج عن أطار الوطنية وروح الوحدة الوطنية. ومخالفة الروح والمنهج عن تلك الأُطر تُعد مخالفة صريحة للقانون يمكن معاقبة الأفراد عليها، ولكن السؤال هل يمكن أن يستمر التعامل مع الجمعيات والجماعات والانتماءات بنفس تلك النمطية باستخدام نص القانون؟ التعدد والاختلاف من المظاهر المحببة والممدوحة بل وفي كثير الأحيان مطلوبة وفيها حكمة وقد تكون من المواهب الممنوحة شأنًا لإصلاح العباد ورفعتهم وصلاح حياتهم، إلا أن المسألة ليست متعلقة بشأن التعدد والاختلاف بل هي شأن خاص بتلك الأساليب الملتوية التي يستخدمها بعض أفراد العمل إن شاءت بتسميته السياسي أو الحقوقي أو الاجتماعي وحتى الخيري والتطوعي، أفراد في المجتمع يستغلون هذه المسميات للركوب على ظهور الآخرين ضاربين كل أسس المبادئ والقيم السامية والرفعة، منتفعين لتحقيق مآربهم المحدودة، غافلين أو متغافلين عن حاجة المجتمع إلى سيادة المثل الرفيعة والأخلاق المنيعة لتحقيق السلم والسلام، فالخيار الذي يختارونه ويدخلون فيه طواعية باسم العمل والتطوع ينكشف بعدها خبث وانعدام أمانة وقلة مصداقية، وصعود على أكتاف العاملين والمحبين والفاعلين، والنتيجة أخفاق وخسارة على المستويين في الإنتاج والشراكة التي هي أساس رقي المجتمع. اختلف العمل كليًّا بعد عام 2011، تفككت الكثير من الجمعيات والجماعات والحزبيات، وخلال 5 سنوات لم يعد وجود نهائي تقريبًا لأي تشكيل سواء الحزبي أو الفئوي ولكن خلالها في حدود 3 سنوات نشبت ظاهرة جديدة، قد لا أربط وجودها بالتحديد في تلك السنوات لكن استفحلت منذ عام 2012 حتى يومنا هذا، إذ تفككت جمعيات وبالمقابل نشأت جمعيات أخرى قد تكون باسم التعايش والحوار والوطنية وغيرها من المسميات ولكن ظاهرة التسلق فيها أصبحت العلامة البارزة التي لا تفارق حدود وجودها، وهنا بدأ المخفي بالانكشاف من ضرب الشخصيات بعضها البعض، والعمل بالخفاء للحصول أو الوصول للمناصب، والتسابق الدنيء قائم يحاور تلك الشخصيات منها البارزة ومنها غير البارزة، المعروفون وغير المعروفين، والسؤال أهكذا تُبنى الأوطان؟ قلتها من قبل، الوطنية ليست شماعة الرخاء يستقلها المستقل وقت الرخوة، وحين الشدة ترى المتشدق اليوم ومن يتصدر كل مجلس أو من يتحدى الناس بقربه من المسؤولين، فأين أنتم لما خرجت كل الأصوات ضاربة تريد قلب النظام؟ وأين كنتم حين خرست كل الألسن إلا ألسن من لم تخفه أمواج البحر الهائج في ظلم الليالي وعتمة الأيام؟ وهو ليس من باب التذكير بل من باب استحضار وجلب الأنظار؛ ما كان لواحد منهم أن يظهر، ولم تكن لكلمة أن تصدر من فهم جاهل متغافل أو من يدعي الوجاهة والوطنية، فكلهم في عداد الجبناء، واليوم يروجون لمشاريع السلم والتعايش يبتغون الزلفى التي لو عاد الزمان بعدها لعادوا، ولو دُعوا لما لبوا النداء، وهذه حقيقة لا تخفى على العقلاء ولا يخالف فيها الرأي لدى النبلاء. ليست تلك الحقيقة وحدها الواضحة بل والأكثر في تشكيلات وتكوينات شاركنا فيها فترة طويلة وبعدها حين أتى وقت قطف الثمار لا أقل من باب التكريم؛ يتم اختيار الأدنى وإقصاء الأغنى بالعلم والمعرفة، ويتم استهدافنا واستهداف شخصياتنا فقط لأننا من العطاء إلى العطاء، لأنني فقط أحببت أن أخدم وطني وقيادتي والشعب الذي لاقى نفسه بين دوامة الجماعات والجمعيات. أعلم أنها كارثة ولكن أجد السكوت عن ذكرها كارثة أكبر، لماذا يعمل عدد من الوجهاء والشخصيات التي تعتبر نفسها رفيعة لإقصاء وجودنا ونسيان جهودنا والعمل على تصغيرنا بكل المحاولات، ألا أستحق أن أرفع ظلامتي بأني ظلمت في موجة لا ناقة لي فيها ولا جمل، ظلموني أكثر من ظلم الناس لي بالمهانة والمسبة فقط لأني قلت كلمة الحق التي هي حق. نحن إما نسير في نهج صحيح وصائب نحو ما اسميته «تصحيح المسار» وإما أننا سنعود لكوارث هي أشد وأقسى من كارثة 2011. فالقوم لن يقفوا والتخطيط لن ينتهي، ولذلك من محبتي للوطن أشدد على مسألة مهمة وهي الحفظ والصون من باب العمل الوطني للصالح العام، فإن من وجه لنا الضربات وأبعدنا وأقصانا لهو العدو الحقيقي للوطن والوطنية، ومن باع ضميره من الوصول فقد يبيع كل شيء من أجل السلامة ومثله أمثال. يؤسفني أنني أقولها بصراحة لكن التهميش الذي نشعر به، هو سبب خيبة من مثلي وغيري من الشخصيات التي جاهدت ليس للمنصب بل دفاعًا عن الشعب والنظام، وحفظ الوطن وتوفير ساحة السلام، وإن من يدعي السلام والتعايش ويتخذ من نهج جلالة الملك المفدى نهجًا له لا يفعل هكذا، صناعتكم الوشاية ورغبتكم الغواية، أفراد منعدمي الضمير، خروجكم للفتن والتحريف، ولم تكونوا ولن تكونوا وإن وصلتم يومًا أمناء على هوية البحرين أو شعبها أو ممثليها، وإن مثلنا الشعب فإننا من الشعب بالكلمة الفاضلة نبتدئ وبالمحبة نختم، مسيرتنا العطاء وقوتنا حب الوطن وعزتنا حب القائد ملك البلاد المفدى والد الجميع جلالة الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة أيده الله وسدد خطاه ومجد الوطن صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رعاه الله والأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، هم قادتنا وسادتنا وهم من نرتهن لأمرهم وعند طلبهم. أعود خاتمًا هذه المقالة بعد السنوات التي تكالب فيها الأقاصي والأعادي على الوطن وبسبب النهم الجشع والعلل التي حلت بكثير من الشخصيات العاملة في المجالات السياسية والاجتماعية والخيرية والوطنية، اليوم نحن في مفترق طرق إما أن نسير ونحقق الأمن المنشود بوعينا وحبنا للوطن والقادة بتماسكنا بوحدة وطن ودين وإما أن نخسر المزيد من الشخصيات المتبقية العاملة لأننا لن نعلم لهم قيمة إلا بعد غيابهم، وهذا يكلفنا الكثير لأن الوطن بحاجة إلى كل رجاله، وبحاجة إلى كل نسائه من المخلصين الواعين القادرين على قول الحق والكلمة الصادقة، وأن خياراتنا للتنمية والعمل الجماعي باتت محدودة من دون روح العمل الجماعي والوفرة أصل في كل شيء، فلا خوفك على كرسيك وموقعك سينجيك ولا خشيتك على مكانتك ستعفيك، كلنا في مركب واحد ينجو بالمحبة والتعايش والتآلف ويغرق بانعدام الوفاء والإخلاص.

مشاركة :