مصير إدلب رهن إستراتيجية أنقرة.. وشهية بوتين

  • 3/29/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أعلنت روسيا، امس، ان العمليات العسكرية في الغوطة الشرقية لدمشق قد شارفت على الانتهاء، وقالت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية، إن (ما اسمتها)«عملية مكافحة الإرهاب» في الغوطة الشرقية انتهت تقريبا. وأضافت أن مدينة دوما، وهي المدينة الرئيسية في الغوطة الشرقية التي يعيش فيها نحو مئتي ألف مدني، لا تزال تحت سيطرة مقاتلين من المعارضة. وكان جيش الإسلام قد جدد تمسكه بالبقاء بمدينة دوما ورفضه تهجير سكانها، مؤكدا أن المفاوضات مع روسيا ما زالت مستمرة كما الهدنة أيضا وبموعد زمني مفتوح. وتعيش دوما أياماً حاسمة أو «هدوء ما قبل العاصفة» بانتظار التوصل لاتفاق مع روسيا يفضي ببقاء جيش الإسلام فيها وعدم تهجير سكانها، أما في حال تعثر الاتفاق فلا خيار سوى التصعيد، بحسب ما أكد جيش الإسلام، فيما لا يزال النظام يدفع بتعزيزاته العسكرية، مطوقاً المدينة، استعدادا لعملية ضخمة. وقال قائد عسكري من قوات النظام إن المحادثات توقفت، مشيراً إلى أن أغلبية المسلحين شروطهم كبيرة وجوبهت بالرفض من الجانب الروسي والسوري. في الجهة المقابلة، قالت اللجنة المدنية للتفاوض في دوما إنها حققت تقدما مع الجانب الروسي في عدد من النقاط المتعلقة بالمبادرة التي طرحتها، والتي تقضي تثبيت وقف إطلاق النار في دوما خلال فترة المفاوضات، وتحسينَ أوضاع المقيمين في مخيمات الإيواء التي أقامها النظام للخارجين من الغوطة الشرقية. وفي هذا السياق اعلن مصدر عسكري سوري خروج اكثر من 135 الف مدني من مدن وبلدات الغوطة، حيث تم نقلهم الى ادلب شمالي غرب سوريا، التي اصبحت تغص بالنازحين من مختلف مناطق سوريا، وتؤوي عشرات الآلاف من المقاتلين الذين تم اجلاؤهم على مراحل من مناطق مختلفة بموجب اتفاقات مع النظام بإشراف روسي مباشر. وتستقطب إدلب اهتمام روسيا وتركيا، ويتوقف مصيرها، بحسب محللين، على قدرة أنقرة على توسيع سيطرتها في شمال غرب سوريا عبر تقليص نفوذ هيئة تحرير الشام (النصرة)، اللاعب الأقوى ميدانيا وتسيطر حاليا على نحو 60 في المئة من المحافظة، بينما تنتشر فصائل أخرى إسلامية منافسة لها في مناطق أخرى. وخسر النظام السوري محافظة إدلب منذ صيف عام 2015، إثر سيطرة تحالف فصائل متطرفة عليها، لكنه سرعان ما تفكك إثر جولات اقتتال داخلي تطورت الى صراع على تقاسم النفوذ، وتمكنت قوات النظام مؤخراً من استعادة السيطرة على مطار أبو الظهور العسكري الاستراتيجي وعشرات القرى والبلدات في ريف ادلب الجنوبي الغربي. تسابق القوى ويقول الباحث في المعهد الأميركي للأمن نيك هاريس إن ادلب «موضع سباق بين روسيا وتركيا، وسيعتمد مصير المحافظة على تصميم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على تحدّي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوريا، اذ ان أكثر خصوم الأسد شراسة اصبحوا يتجمعون في إدلب، وقد يغري الأمر روسيا كثيراً لإعطاء النظام الضوء الأخضر لشن هجوم في المحافظة». وانضمت إدلب وأجزاء من محافظات أخرى مجاورة لها في سبتمبر الماضي الى مناطق خفض التوتر، بموجب محادثات أستانا التي ترعاها روسيا وايران وتركيا، وتطبيقاً للاتفاق، انتشرت قوات تركية في ثلاث نقاط مراقبة داخل الحدود الإدارية للمحافظة، وهذا الانتشار من شأنه ان منع النظام من التوغل في الداخل الإدلبي، بحسب الباحث في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر. ويجمع المحللون على أن تركيا المتخمة باللاجئين السوريين وتريد تأمين منطقة عازلة قرب أراضيها لاعادتهم، غير مستعدة لاستقبال موجات جديدة من النازحين قد يرتبها أي هجوم محتمل على ادلب. ويرى هيلر، أن إدلب لم تعد بين أهداف بشار الاسد حتى اشعار آخر، وان مصيرها يتوقف على ما يدور خلف الكواليس من اتفاقات روسية تركية. ويؤكد محللون ان هذه المحادثات هي التي باتت ترسم الخارطة الجديدة لسوريا، ويلمح كثيرون الى ان تدخل تركيا في عفرين ومنبج وتل رفعت يدخل ضمن إطار هذه التفاهمات، ويندرج في اطار هدف آخر للمنطقة العازلة التي تطلبها انقرة. اقتتال داخلي الا ان تركيا التي تدعم فصائل اسلامية موجودة في إدلب لا تتمتع بالنفوذ نفسه على جبهة النصرة التي تسيطر على مفاصل المنطقة الأكثر حيوية وتمسك بالشريط الحدودي ومعبر باب الهوى، بالاضافة الى مدينة إدلب، مركز المحافظة، وبالتالي، فإن حسم مصير إدلب قد يمر بقتال داخلي جديد. ولهذا الغرض سلطت تركيا ما يسمى حكومة الانقاذ الوطني التي شكلتها المعارضة لفرض سيطرتها على المجالس المحلية والمنشآت المدنية وللتحكم بمنافذ المنطقة ومداخيلها. وقبل أسابيع، انضوت حركة أحرار الشام المدعومة من انقرة، مع حركة نور الدين الزنكي، تحت مسمى «جبهة تحرير سوريا» في مهمة لمحاربة جبهة النصرة وطردها، في مهمة تبدو صعبة من دون مشاركة تركية مباشرة، اذ ان «النصرة» تبقى القوة الأكثر نفوذاً لناحية دهائها، أكثر من قوتها القتالية، حيث تحتفظ بسلطة منظمة اجتماعياً تجعلها بالفعل الأولى بين قوى متساوية. وامس تواصلت الاشتباكات بوتيرة عنيفة بين حركة نور الدين الزنكي والنصرة في الريف الغربي لمدينة حلب، ووصف النشطاء هذا الاقتتال بأنه «حرب إلغاء وصراع على النفوذ». وفي الأثناء، ووسط الخلافات الكبيرة بين فصائل المعارضة، شهدت مناطق في الريف الجنوبي لإدلب عمليات قصف مدفعي للنظام السوري طالت مناطق فيها كالهبيط في الريف الجنوبي، ومنطقة خان شيخون. ميزانية لتلبية المهجرين وعدا عن الاقتتال والمسار الامني، قال المنسق المقيم للامم المتحدة ومنسق الشؤون الانسانية في سوريا علي الزعتري ان تغطية الاحتياجات الانسانية للمهجرين في الداخل لاسيما في الشمال بحاجة الى دعم مادي بقيمة 150 مليون دولار، فيما حجم التمويل الدولي المقدم لا يزال دون المطلوب، اذ لا يتوافر سوى 6 في المئة من الأموال اللازمة لتلبية الاحتياجات الانسانية في سوريا.

مشاركة :