منع الزوجة من زيارة أهلها يخالف الإسلام

  • 3/30/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

من مقاصد الزواج في الإسلام إشاعة روح الألفة بين الأسر ودعم أواصر المودة والرحمة بين العائلات.. لكن بعض الأزواج يستهويهم قهر زوجاتهم وإذلال أسرهن بأن يحرم الواحد منهم زوجته من زيارة أهلها نتيجة خلاف أو شجار، مما يعرض النساء اللواتي شاءت الأقدار وضعهن في هذا الموقف لقهر نفسي لا يحتمله أحد.يحدث هذا رغم أن الإسلام أوصى الزوج خيراً بأهل زوجته وطالبه بالإحسان إليهم مثل الإحسان إليها، واعتبر ذلك من حسن العشرة، حيث لن تستقيم علاقة بين رجل وزجته وهو يفرض عليها ألا تتواصل مع أهلها، وألا تصل أرحامها.. بل بلغت القسوة ببعض الأزواج أن فرضوا على زوجاتهم قطيعة مع الآباء والأمهات المرضى، وما أكثر الجرائم التي وقعت بين الأزواج والزوجات بسبب هذه القسوة المفرطة في التعامل مع أهل الزوجة.في البداية تؤكد العالمة والداعية د. آمنة نصير، أستاذة الثقافة الإسلامية بالأزهر وعضو مجلس النواب في مصر، أن البيوت لن تستقر إلا بالمودة والرحمة ومشاعر الألفة التي تجمع كل أفراد الأسر.. وهذه الحقيقة يجب أن يعرفها كل الأزواج والزوجات فلا يحاول زوج قطع صلة الرحم بينه وبين أهل زوجته، ولو غضب منهم أو اختلف مع أحدهم وحتى لو حدثت قطيعة بينه وبينهم، فيجب أن تظل علاقة زوجته بأهلها بعيدة عن كل ذلك، فلا يقهرها ويسيء إليها بحرمانها من التواصل مع أهلها وبرهم خاصة والديها لأن المسلم- رجلاً كان أو امرأة- مأمور شرعاً ببر والديه وصلة أرحامه، وعندما يأمر الحق سبحانه وتعالى فيجب أن نقول: «سمعنا وأطعنا» ومن يقطع رحمه آثم وعذابه عند الله شديد. عواقب «العقوق الأسري» وتضيف: من أسباب السعادة والاستقرار بين الزوجين إحسان كل منهما إلى أهل الآخر، فالزوجة التي تريد أن تعيش في سعادة واستقرار مع زوجها عليها أن تبر أهله وتحسن إليهم وتتواصل معهم.. والزوج كذلك عليه أن يعلم أن مفتاح سعادته مع زوجته بره وإحسانه إلى أهلها.أما «العقوق الأسري» المتبادل بين الزوجين فهو يقضي على مناخ الود والرحمة بينهما ويفتح الباب على مصراعيه للشجار والنزاع وكم خربت بيوت بسبب هذا العقوق.. والزوج العاقل هو الذي يجنب نفسه وزوجته هذا التوتر والنزاع ومشاعر الكراهية، فإما العيش في وفاق وأمان وسلام أو فض الشراكة من دون إساءات.وترى العالمة الأزهرية أن علاقة المودة التي تجمع بين الزوجين تنعكس على علاقة كل منهما بأسرة الآخر، فالزوجة المحبة لزوجها الذي يعاشرها بالمعروف ويتقي الله فيها تكون في الغالب محبة لأسرته متسامحة معها، متجاوزة عما يحدث من بعض أفرادها من سلوكيات غير مريحة لها، والعكس يحدث هنا لو كان الزوج مسيئاً لزوجته حيث تؤثر علاقته السيئة بها في علاقتها بأسرته. وترى د. آمنة نصير أن الزوج الذكي هو الذي يتقرب إلى زوجته ويعمق علاقته بها من خلال الإحسان إلى أهلها، والزوجة التي تريد المزيد من عطف زوجها وحنانه تعامل أهله باحترام وتحسن إليهم.من هنا تحث د. آمنة الزوجين على الحرص على كل سلوك يعمق مشاعر الحب ويضاعف من المودة والألفة بينهما، وتجنب ما يؤدي إلى البغضاء والكراهية، فالعلاقة بين الزوجين علاقة سكن ومودة ورحمة كما أخبرنا الله سبحانه في القرآن الكريم.. «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة»، حيث قال بعض العلماء إن كلمة «بينكم» هنا تشمل أسرتي الزوجين وليس الزوجين فقط. احترام متبادل الداعية الإسلامي، د. مبروك عطية، الأستاذ بجامعة الأزهر يرفض عنف الأزواج مع أهل زوجاتهم، ويؤكد أن المعاملة السيئة لأهل الزوجة من الطبيعي أن تنعكس على العلاقة بين الزوجين.. ويقول: الإسلام يحث على بر أهل الزوجة والإحسان إليهم، ويعتبر ذلك من مظاهر وعلامات بر الرجل بزوجته.ويضيف: الزوج الذي يتعامل مع أهل زوجته بكبرياء أو تستهويه الإساءة إليهم هو زوج مسيء لزوجته ومسيء لنفسه، لأن هذا السلوك فضلاً عن أنه يجلب له النكد مع زوجته ليل نهار، فهو يجلب للزوجة القهر ويشعرها بأن زوجها يتعمد الإساءة إليها.أما الرجل الكريم المحترم فهو الذي يود أهل زوجته ويحسن إليهم ويحتفظ معهم بعلاقات يسودها الاحترام المتبادل ويقول: من أول أهداف الزواج وعلاقة المصاهرة بين الأسر خلق مناخ من المودة والمحبة والرحمة، ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا بقيام كل واحد من الزوجين ببر أهل الآخر، فيجب على الزوج أن يبر أهله وأهل زوجته ويحسن معاملتهم، كما يجب على الزوجة أن تبر أهلها وأهل زوجها وتحسن معاملتهم، وكما يرضي الزوج ويسره أن تعامل زوجته أهله معاملة حسنة كريمة، كذلك يرضي الزوجة ويسرها أن يعامل زوجها أهلها معاملة حسنة كريمة. فتش عن التربية ويعبر د. عطية عن حزنه وألمه لما يراه ويسمع عنه من «عقوق أسري» متبادل بين الزوجين، ويؤكد أن هذا العقوق يقتل المودة والرحمة ويفسد العلاقة بين الزوجين مهما كانت مشاعر الحب التي تجمع بينهما.ويرى د. عطية أن التربية هنا عليها دور كبير، فالشاب الذي نشأ داخل أسرة تربت على القيم والأخلاق الفاضلة، سيعامل زوجته وأهلها باحترام.. أما السلوك القاسي من جانب الزوج تجاه أسرة زوجته وخاصة الأب والأم، فهو يثير علامات الاستفهام حول شخصيته وتربيته ومدى علاقته بدينه، فكل من يعرف تعاليم الإسلام ويهتدي بهديه لا يمكن أن يتصرف بهذه القسوة مع أهل الزوجة حتى ولو كانوا جاحدين لحقوق ابنتهم.ومن هنا ينصح د. عطية كل زوج يشعر بغضاضة تجاه أهل زوجته بأن يتحلى بالتسامح والعفو والصبر إحساناً إلى زوجته ليس أكثر، لأن المرأة تؤلمها قسوة زوجها مع أسرتها ولو كان صاحب حق. ويقول: على كل زوج قاسي القلب في التعامل مع أهل زوجته أن يعلم أن عقد الزواج لا يعطيه حق قهر زوجته ومنعها من واجب ديني واجتماعي وإنساني مثل بر الوالدين، فالإسلام أمر كل مسلم ومسلمة ببر الوالدين والإحسان إليهما حتى ولو كانا على غير الملة.ويؤكد الداعية الأزهري أن الرجل العاقل يساعد زوجته على بر والديها وأهلها عموماً، لأن قطيعة الرحم من كبائر الإثم، وأقبح المنكرات، ولذلك يحذر منها القرآن الكريم أشد التحذير ويجعل عاقبتها اللعنة وسوء المصير، والله سبحانه وتعالى يقول: «والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار»، ويقول رسول الله عليه الصلاة والسلام: «الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله». حقوق لا يجوز إهدارها د. طه أبو كريشة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، يطالب كل زوج يشعر بغضاضة من أهل زوجته بأن لا يعاقب الزوجة بسلوك أهلها.. ويقول: يجب على الزوج أن يتعامل مع أهل زوجته بحكمة وعقل، وألا يقسو على زوجته بمنعها من مودتهم وبر والديها، لأنها مطالبة شرعاً بذلك والقطيعة مع الأهل معصية تجلب غضب الخالق ولا طاعة لمخلوق فيما يغضب الله عز وجل.ويؤكد د. أبو كريشة أن الإسلام نظم العلاقة بين الزوج وزوجته ورسم لكل منهما حقوقاً لا يجوز التفريط فيها، ومن بين حقوق الزوجة تمكينها من بر أهلها ومودتهم، فالعلاقة الزوجية يجب أن تجلب المودة والرحمة وليس النزاع والشقاق، ومن هنا يدين الإسلام سلوك كل زوج يمنع زوجته من مودة أهلها وبر والديها.ويعتب د. أبو كريشة على كل زوج يمنع زوجته من بر والديها، ويقول: هذا السلوك لا يتفق أبداً مع الخلق الكريم الذي يجب أن يتحلى به الرجل في تعامله مع زوجته ومع أهلها لأن المرأة مطالبة ببر والديها وصلة رحمها مثل الرجل تماماً ومن واجب الزوج أن يعينها على هذه الطاعة. خطوات ذكية وهنا ينصح العالم الأزهري كل زوجة تعاني سوء علاقة زوجها بأسرتها أن تبذل كل جهد وطاقة لتقريب وجهات النظر بين المتخاصمين، وأن تحاول دائماً تحسين صورة زوجها في عيون أسرتها، وتحسين صورة أسرتها في عيون زوجها، ولا ينبغي أن تعاند الزوجة هنا وتخرب حياتها الزوجية بعنادها وإصرارها على عصيان الزوج والذهاب إلى أسرتها من دون إذنه وموافقته، خاصة إذا كان هذا الزوج يؤدي واجباته الزوجية تجاه زوجته كما أمر الإسلام، فكما أن الزوجة مطالبة بصلة رحمها فهي مطالبة أيضاً بطاعة زوجها.كما ينصح عضو هيئة كبار العلماء كل زوج عنيد وقاس في التعامل مع أهل زوجته بمراجعة نفسه، والعودة إلى السلوك الرحيم مع أهل الزوجة، ويقول: الزوج الملتزم بشرع الله يقابل طاعة زوجته له وإحسانها إليه بالإحسان إليها ولكن إذا ما عاند الزوج وأصر على قراره الخاطئ فعلى الزوجة أن تخرج لزيارة والديها كل أسبوع بإذنه أو من دون إذنه، وللمحارم كل سنة بإذنه أو من دون إذنه، ويقصد بهم من لا يجوز لها الزواج منهم، وذلك إذا ما كان هذا الخروج معقولاً ومن دون أن تكون فيه إثارة للفتن.. أما إذا كان هذا الخروج زائداً على المتعارف عليه أو كانت هناك فتن فلا يصح الخروج إلا بإذن الزوج في كل الأحوال بشرط عدم العناد والابتعاد عن المشاحنات. وقد قال الفقهاء بعدم جواز منع الزوج زوجته من الخروج إلى والديها في كل أسبوع إن لم يقدرا على الحضور إليها، فإذا حضرا إليها فيجب على الزوج عدم منعهما من الدخول عليها كل أسبوع.وبعض الفقهاء يقيد خروجها بألا يقدرا على إتيانها فإن قدرا فلا تذهب وينبغي أن يأذن لها في زيارتهما حيناً بعد حين ولا يمنعها من ذلك، فإن منعها وامتثلت لأمره فالحرمة تكون عليه.والخلاصة: أن حرمان الزوجة من زيارة أسرتها تعسف وقسوة يدخلان الزوج في دائرة الإثم، حيث قال العلماء إن الزوج الذي يفعل ذلك آثم شرعاً، لأنه يمارس قسوة غير مبررة مع زوجته وأهلها.

مشاركة :