الهجوم الصاروخي الفاشل الذي شنته ميليشيات الحوثي الإيرانية على جازان ونجران وخميس مشيط والرياض ليلة الأحد الماضي كشف مجدداً أهداف إيران الحقيقية من الانقلاب الذي دبرته في اليمن قبل ثلاث سنوات وأن نظام «الملالي» أراد تحويل اليمن إلى قاعدة للعدوان والتوسع وزعزعة استقرار المملكة والمنطقة في إطار مخطط الهيمنة الإيراني الذي تنسج إيران خيوطه مع عملائها في المنطقة من لبنان إلى سوريا والعراق وحتى الخليج العربي. هذا الهجوم الصاروخي الفاشل إيراني مائة بالمائة تقنية وتخطيطاً وتنفيذاً، فميليشيات الحوثي العميلة لا تملك القدرات التقنية والفنية لتنفيذ هجوم صاروخي حتى وإن كان بصواريخ بالية مثل تكنولوجيا الصواريخ البالستية الإيرانية التي تعتمد على صواريخ سكود القديمة التي حصلت عليها إيران من كوريا الشمالية وروسيا، والسؤال المهم لماذا اختار الإيرانيون هذا التوقيت لإطلاق صواريخهم الخردة على المدن السعودية؟ إن الإجابة عن هذا السؤال نجدها في الهزائم المتتالية والانتكاسات الكبيرة التي تتعرض لها الميليشيات الحوثية في جبهات القتال على أيدي جنود الجيش اليمني الوطني وقوات التحالف، فكل التقارير الواردة من جبهات القتال تقول إن الحوثيين يتعرضون لخسائر جسيمة وانشقاقات في صفوفهم وصلت حد الاشتباكات المسلحة، وأن الميليشيات العميلة خسرت بعض أهم قادتها في المعارك الأخيرة. وقد انعكست هذه الهزائم والخسائر على معنويات المسلحين الحوثيين، ما اضطر الإيرانيين لفعل شيء ما لرفع معنويات عملائهم المنهارة. وإضافة للوضع العسكري فإن الإيرانيين يستشعرون تزايد الضغط الدولي عليهم وعلى حلفائهم، وهم يراقبون بقلق الإجماع الدولي الذي بدأ يتبلور بوضوح ليس لمعالجة الوضع في اليمن فحسب، بل لمواجهة المخطط الإيراني في المنطقة بالكامل ووضع حد نهائي للتهديد الإيراني لأمن واستقرار المنطقة. إن هذا الهجوم الصاروخي الأخير على أهداف مدنية في المملكة ربما يكون القشة التي ستقصم ظهر البعير، فالهجوم يجيء مع بداية تحرك مبعوث أممي جديد وهو يعتبر رسالة سلبية جداً للمجتمع الدولي مفادها أن الحوثيين مصممون على إجهاض كل الجهود المبذولة لإيجاد حل للأزمة في اليمن، وأن معاناة الشعب اليمني الشقيق هي آخر اهتمامات الطغمة الانقلابية. وإذا كان المبعوث الدولي السابق إسماعيل ولد الشيخ قد أدان الحوثيين رسمياً في آخر تقاريره لمجلس الأمن الدولي واعتبرهم الطرف الذي يعرقل الحل، فإن الهجوم الصاروخي مع بداية مهمة المبعوث الدولي الجديد مارتن غريفيث يؤكد ما ذهب إليه ولد الشيخ؛ وهو ما ظلت المملكة تؤكده في كل المحافل بأن الحل السياسي متاح على أساس المرجعيات المتفق عليها وعلى رأسها قرار مجلس الأمن الدولي 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني اليمني، لكن الحوثيين وأسيادهم في طهران يرفضون أي حل يعيد لليمن حكومته الشرعية ومؤسساته الدستورية؛ لأن ذلك يعني ببساطة انهيار مخطط النظام الإيراني الرامي لزرع نظام عميل في خاصرة شبه الجزيرة العربية والسيطرة على ممرات الملاحة الدولية الإستراتيجية ومسخ هوية الشعب اليمني ليصبح كتائب في «حزب الله» جديد يقود العدوان على المملكة وأشقائها في الخليج. لقد فشل الهجوم الصاروخي تقنياً وسياسياً، فرجال دفاعنا الجوي البواسل وصواريخ «باتريوت» المتطورة دمرت صواريخ إيران وأحبطت الهجوم وإن كنا نحزن للمقيم المصري البريء الذي استشهد بلا ذنب. أما الفشل السياسي فقد تجسد في هذه الإدانة الدولية الشاملة للعدوان على المملكة وتنديد المجتمع الدولي بهذه الجريمة، وما زالت بيانات وتصريحات الإدانة والتضامن مع المملكة تتوالى. وكل المؤشرات تقول: إن هذا الهجوم الإيراني - الحوثي الغادر سيكون له ما بعده، فخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أعلن أن المملكة ستتصدى بحزم لأي محاولات عدائية تستهدف أمنها وبيان قوات التحالف الذي سرد تفاصيل الهجوم مدعماً بالحقائق والصور التي تؤكد مصدر الصواريخ ونوعيتها، أشار بوضوح إلى أن المملكة تحتفظ بحق الرد على إيران في الوقت والشكل المناسبين، وأن هذا الحق تكفله القوانين الدولية، وهذه لغة لافتة وحازمة تؤكد أن صبر القيادة السعودية قد نفد ومطالبة المملكة لمجلس الأمن الدولي لاتخاذ إجراءات عملية لمواجهة العدوان الإيراني تضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته. وإذا أخذنا في الاعتبار أن هذا العدوان الغاشم قد جاء في وقت يقوم فيه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بزيارة مهمة للولايات المتحدة ويجري اتصالات ومباحثات على درجة من الأهمية مع المسؤولين الأمريكيين ومع الأمين العام للأمم المتحدة تركز على خطورة السياسات الإيرانية على الأمن والسلم الدوليين فإنه يمكن القول إن الهجوم الصاروخي ال 104 على المملكة لن يمر مرور الكرام، وأنه سيضيف لبنة كبيرة لبناء التحالف الدولي الذي يتبلور اليوم لمواجهة إيران، بمشاركة كل القوى المحبة للأمن والسلام ومحاربة الإرهاب الذي يعد النظام الإيراني من أكبر رعاته ومموليه. وللأسف إن كان ثم صوت نشاز عن هذا الإجماع الدولي فهو صوت الإعلام القطري فتح قنواته الفضائية للحوثيين والإيرانيين في محاولة فاشلة لتبرئة ساحة إيران والترويج لدعاية الحوثيين وطمس الحقائق السافرة التي تفضح رأس الأفعى قبل ذيلها.
مشاركة :