المساواة في الميراث من اصعب الاصلاحات التي تواجه "لجنة الحريات الفردية والمساواة" التي احدثها الرئيس التونسي لتفعيل نصوص المساواة التي نص عليها الدستور. وتقول رئيسة اللجنة بشرى بالحاج حميدة ان "هناك رغبة سياسية حقيقية، ولمبادرة رئيس الجمهورية حظوظ وافرة للمصادقة عليها في البرلمان". وينص قانون الميراث في تونس والمستلهم من الشريعة الاسلامية على ان للرجل نصيبين وللمرأة نصيب واحد من ميراث الابوين وهذا معمول به في اغلب الدول الاسلامية ولكن قلما يطرح للنقاش. ونهاية اذار/مارس وقع المئات من المثقفين في المغرب، عريضة لوضع حد لهذه التفرقة، ولكن لا يزال الرأي العام منقسما. وفي تونس تكشف عمليات سبر الاراء النادرة ان اغلبية الاشخاص ضد مبدأ المساواة. وبالرغم من ذلك، فان عددا من العائلات يطبق المساواة عن طريق ما يمنحه الابوين وهما على قيد الحياة للابناء. وتظاهر اكثر من 1500 شخص بداية اذار/مارس للتعبير عن رفضهم للجدل الدائر حول المساواة وهو ما يبين ان النقاش العام لا يزال مطروحا. آن الاوان توضح بالحاج حميدة "لا نستطيع الانتظار"، وتتابع "دور السياسيين ان يرتقوا بالوعي العام (...) وقد آن الاوان" لذلك. ووفقا لمراقبين، لا يزال هناك أمل قبل الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 2019 نظرا لسلطة الباجي قائد السبسي القوية. ويدرك الجميع ان الموضوع حساس، فقد ارجأت "لجنة الحريات الفردية والمساواة" التي تأسست الصيف الماضي، نشر مقترحاتها الى حزيران/يونيو تجنبا للتأثير على الانتخابات البلدية المرتقبة في ايار/مايو القادم. وتفسر بالحاج حميدة، النائبة عن حزب نداء تونس، الارادة في ارساء مبدأ المساواة برغبة الرئيس السبسي في "ترك أثر مهم للتاريخ" والسير على نهج الحبيب بورقيبة، أول رئيس لتونس المستقلة والذي اورث التونسيين مجلة الاحوال الشخصية. وتمنح المجلة التي اعتمدت منذ 1956 للتونسيين حقوقا غير مسبوقة في العالم العربي. ولم تشأ اللجنة الكشف عن مقترحاتها ولكن هناك قانون سابق لها لم يناقش، يقترح ان يتم ارساء مبدأ المساواة بين الورثة بموافقة افراد العائلة. وتؤكد استاذة الحقوق والناشطة في سبيل حقوق المرأة سناء بن عاشور ان "هناك عناصر مؤاتية سياسيا لاجراء اصلاح"، وتستدرك "لكن الامر ليس بهذه السهولة، لانه سيمس من التراث المتناقل منذ الاف السنين". وتوضح بن عاشور "هناك عمل تربوي كبير (...) يجب ان نشرك فيه كل المسلمين الملتزمين بالدين". واضافة لمسائل الميراث، فان "لجنة الحريات الفردية والمساواة" ستقترح مطالبة بتغيير قانون دور الاب كمعيل للاسرة والموكل اليوم للرجل وكذلك مسألة منح لقب الابناء والجنسية للأم. كما ستعكف اللجنة على نحو 2500 من النصوص التي اعتبرتها غير دستورية على غرار اللجوء للفحص الشرجي الخاص بالمثليين وكذلك النصوص المتعلقة بعقوبة السجن بتهم "خدش الحياء".
مشاركة :