غزة (الاراضي الفلسطينية) (أ ف ب) - تحولت المناطق الحدودية بين اسرائيل وقطاع غزة حيث اقيمت خيام للاجئين الى ساحة كر وفر بين الاف المتظاهرين والقوات الاسرائيلية في مواجهة هي الاولى من نوعها دون عسكرة لكنها اوقعت ثمانية قتلى ومئات الجرحى. قبل ظهر الجمعة تدفق عشرات الاف الفلسطينيين الى الخيام التي تبعد اقل من مئتي متر عن الحدود شرق مدينة غزة، لكن سرعان ما اندفع مئات منهم وصاروا عدة الاف بعد الظهر فوق السواتر الرملية التي تبعد عشرات الامتار عن السياج الحدودي حيث تتمركز دبابات ومصفحات اسرائيلية. واطلق جنود، بينهم قناصة في ابراج مراقبة محاطة بكتل اسمنتية وداخل عرباتهم بالكاد يمكن رؤيتهم، قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي بكثافة. وكلما سقط قتيل او جريح فلسطيني تراجع العشرات الذين اقتربوا من السياج ويتقدم مسعفون لحمله الى سيارة اسعاف تتوقف بعيدا ومنها الى مستشفى ميداني. لكن سرعان ما يعاود الشبان الكرة للتمركز فوق سواتر الرمل بينما الجيش يواصل اطلاق النار مستخدما طائرة صغيرة من دون طيار تحلق على ارتفاع منخفض وتطلق قنابل الغاز تجاه المتظاهرين. وفي حين حولت كثافة الغاز الاجواء الى ضباب ابيض في غالب الاحيان كانت فرق امنية من وزارة الداخلية التابعة لحماس تمنع الشبان من اجتياز الحدود. وكان صالح (17 عاما) يواصل الرشق بالحجارة تجاه الجنود الاسرائيليين، ولا يستطيع الكلام بسبب استنشاقه للغاز. وقد اضرم اثنان من اصدقائه النار في اطارات سيارات بعد وصولهم من مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة للمشاركة في المسيرة. في غضون ذلك، يشاهد الالاف بينهم عائلات من نساء واطفال ورجال وعجائز في الخيام التي اقيمت على طول الحدود رقصات الدبكة ويستمعون الى الاغاني الوطنية التي تلهب حماسهم وتقدمها فرق فلكلورية. ويقول الحاج احمد صابر (80 عاما) التي هجرت عائلته قرية قضاء المجدل قبل سبعين عاما "اشعر ان خيام العودة تشبه الخيام البيضاء التي اقيمت لنا بعدما هجرونا، لاجئون يتنقلون بين الخيام والحدود". ويتابع الرجل وهو يمسك في يده مفتاحا يقول انه مفتاح منزله في المجدل "اشعر ان العودة الى الدار باتت قريبة". اما اميرة العبسي (22 عاما) التي تتحدر عائلتها من قرية الفالوجة، فقالت ان "المسيرة خطوة حقيقية للعودة لقرانا وبلداتنا التاريخية، بعد الاحباط واليأس الذي اصابنا. اليوم لدينا امل باننا عائدون". وبجانب اعلام فلسطين وضعت لافتات على الخيام كتب عليها "عائدون" و"نعم لعودة اللاجئين، فلسطين لنا" و"انا راجع" وغابت رايات الفصائل التي كانت دائما تطغى خلال فعاليات مماثلة. من جهته، يقول عمر الحسيني ( 56عاما) المدرس في مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (اونروا) وتتحدر عائلته من يافا ويقيم شرق مخيم البريج وسط القطاع "اشعر بالسعادة لان قضية اللاجئين تم احياؤها بعدما قتلها الانقسام الفلسطيني والعرب". كان مئات المتطوعين منشغلين بتوزيع وجبات الطعام والمياه المعدنية على المشاركين. بدورها، تؤكد آمال جندية، من سكان حي الشجاعية شرق غزة التي اقامت عائلتها خيمة مساء الخميس على بعد نحو مئتي متر من الحدود، "لقد جهزت الطعام واحضرته معي من الصباح الباكر، نحن صامدون هنا حتى العودة لبلادنا". وكان فتية يبيعون القهوة والشاي وساندوتشات الفلافل والكبدة. اقامت الهيئة الوطنية العليا التي تشرف على فعاليات "مسيرة العودة الكبرى" ملاعب قرب الخيام. وشارك اسماعيل هنية رئيس حركة حماس الذي القى كلمة حماسية في مخيم شرق غزة مع فتية كانوا يلعبون كرة القدم. وحتى المساء واصل الفلسطينيون التدفق الى المخيمات الخمسة. ولم تمنع المواجهات واطلاق النار عبد المجيد (20 عاما) من بيع السكريات. وتم تنظيم الاحتجاجات التي تستمر ستة اسابيع لتنتهي بحلول ذكرى النكبة في 14 ايار/مايو المقبل، بمناسبة "يوم الارض" احياء لذكرى ستة فلسطينيين قتلوا برصاص القوات الاسرائيلية في 30 آذار/مارس 1976 خلال مواجهات ضد مصادرة اراضيهم. وقال خليل الحية القيادي في حماس لفرانس برس "رسالتنا هي الاصرار على العودة". وحرص قادة الفصائل وحماس وابرزهم هنية ويحيى السنوار رئيس حماس في قطاع غزة الذي لم يظهر منذ عدة اشهر، على تفقد الخيام. يشار الى انها المرة الاولى التي يصل فيها هؤلاء القادة الى مناطق قريبة من الحدود مع اسرائيل. عادل الزعنون © 2018 AFP
مشاركة :