دبي: علاء الدين محمود احتضنت مؤسسة سلطان العويس الثقافية في دبي أول أمس أمسيتين: شعرية، أبدع فيها الشاعر اللبناني شوقي بزيع، وغنائية، شدت فيها الفنانة المغربية نجاة رجوي، وذلك على هامش احتفالات المؤسسة بجوائز الدورة الخامسة عشرة، 2016 2017، وسط حضور كبير تقدمه عبد الحميد أحمد، الأمين العام للمؤسسة.شهدت الأمسية الأولى في قاعة المحاضرات، قراءات شعرية للشاعر اللبناني شوقي بزيع الحائز جائزة المؤسسة في الشعر، قدمت الأمسية الشاعرة الإماراتية الهنوف محمد، والتي أضاءت على سيرة الشاعر وأهم أعماله، فيما ألقى بزيع عددا من القصائد الشعرية الجديدة والقديمة ومنها: «الشاعر»، و«حديقة الأخطاء»، و«حنين»، و«قميص التجربة»، و«قميص الشهوة»، و«في ذلك الركن القصي من الكتابة»، و«نظرات يائسة في المحطة»، و«صوتها ضمة برق في نيسان»، و«لصان»، و«البيوت»، و«مسنون» و«ستعيش طويلا بعد هذا الحب»، وأخيرا «إلى أين تأخذني أيها الشعر»، وهي الق صائد التي تفاعل معها الحضور الكبير كثيراً.في أشعار بزيع نلمح حبا وحنينا ومشاعر إنسانية شفيفة، وكذلك سيرة للمكان، حيث تعبر القصيدة فضاءات مختلفة، ليكون جامعها الكبير هو الحب، واللغة الرومانسية الشفيفة، والتي تأتي عبرها القصيدة وكأنها دفقة شعورية وليدة اللحظة، فالشاعر يتميز بدقة وقوة الوصف والتشبيهات، وتحويل الوقائع إلى مشهدية تزخر بالصورة، فهو يحول اللغة إلى مشاهد ترسخ في الوجدان، وفي قصيدته «الشاعر»، نلمح تلك الصور التي يحتشد بها النص الشعري، فالقصيدة تأتي وكأنها لوحة تشكيلية، تمتلئ بعوالم يشكلها الشاعر عبر المزج المبدع بين المعنى والشكل، وبين الواقع والمتخيل، فالتشبيهات تحمل ذلك النزوع نحو التصوير، والالتقاط الفريد للمشاهد الواقعية والمتخيلة. يقول بزيع في«الشاعر»: دائماً يكتب ما يجهله/ دائما يتبع سهماً غير مرئي/ ونهراً لا يرى أوله/ ينهر الأشباح كالماعز عن أقبية الروح/ وكالساحر يلقي أينما حل/ عصا الشك/ ليمحو بعضه بعضاً/ مقيما أبداً في شبهة البيت/ ولا بيت له.وفي قصيدة«إلى أين تأخذني أيها الشعر»، وهي من ديوان يحمل الاسم نفسه، يمارس بزيع لعبة التوظيف الخلاق للغة عبر حشد الدلالات والأسئلة الحارقة، أسئلة الجدوى من الوجود، وكيف سار به القصيد من الطفولة إلى الآن، بكل تفاصيل الحيرة والبحث عن المعنى، ليلجأ إلى السؤال كعتبة نصية أولى تتدفق بعدها القصيدة، ويحملنا النص الشعري إلى تفاصيل محمولات فلسفية تعبر عن القلق واللاطمأنينة، ويعبر النص عن تلك المحمولات بقوة اللغة واستخداماتها الحداثية المدهشة عند بزيع، حيث تكشف عن فتوحات بديعة في التعبير، لتجربة لا تنفك من القديم بقدر ما هي تعبر به إلى عوالم الاكتشافات الجديدة والتوظيفات المتفردة، لنشهد عالما جماليا يجمع بين الكلمات الرائقة والموسيقى الخلابة، فهو يخفف حمولة اللغة بحسن توظيفها، يقول بزيع في قصيدته:إلى أين تأخذني أيها الشعر/ يا جنّتي وجحيمي/ وتوأم روحي الحزينْ/ ويا مرضاً في الشرايين/ نازعني، وأنا بعدُ طفلاً،/ على غلّتي من هشاشة ضوء النهار/ وصيْدِ خيالي الثمينْ/ وقاسمني رغبة في العثور على شبهٍ بين دمعةِ أمي/ وبينَ خيوط الشتاء التي انحدرتْ/ من كوابيس حُمّايَ/ نحو زجاج النوافذِ،/ قاسمني زوغان الحروف التي تتشكّل موزونةً/ وبلا أيِّ معنى/ على وقع صوت سريري/ وما سوف تكنزُهُ للخريف.ومن ديوان «قمصان يوسف» ألقى بزيع قصيدتي«قميص التجربة»، و«قميص الشهوة»، وهي العوالم المتخيلة التي اقتحمها بزيع ليحفر عميقا في التاريخ ليختبر به الحاضر، وهي التجارب التي تصيب القارئ حقا بالدهشة على تلك القدرة اللغوية، وتلك العلاقة المبدعة الخلاقة بين الشاعر والمفردة، فالتجربة تحمل بعدا ملحميا بديعا يطل على الإنسانية بوجوه من الماضي، وبخبرات تكشف عن أن الإنسان يظل دائما يرتكب ذات الأخطاء. نجاة رجوي تستعيد ذاكرة الطرب في الأمسية الغنائية شدت الفنانة المغربية الشابة نجاة رجوي، بعدد من الأغنيات المعروفة التي استعادت بها زمن السمع الجميل، فقد حلقت بالحضور في عوالم الغناء مع«هذه ليلتي»، و«العيون السود»، و«ليالي الأنس»و«أكذب عليك»،«الأماكن»، وغيرها من الأغنيات التي حفظتها ذاكرة الطرب الأصيل، ورددها العرب في كل مكان. وتعد نجاة رجوي أحد الأصوات العاشقة للطرب الجميل، فقد كان أول ظهور لها على الشاشة الصغيرة في برنامج للمسابقات الغنائية بالمغرب سنة 2006، حيث حصلت على جائزة أحسن صوت، وفي الوقت نفسه لاقت استحساناً وتجاوباً كبيرين من الجمهور المغاربي، لقوة صوتها وسلاسة أدائها.
مشاركة :