مصافي التكرير المحلية الجديدة ستواجه منافسة عالمية صعبة

  • 11/19/2014
  • 00:00
  • 22
  • 0
  • 0
news-picture

توقع تقرير اقتصادي، ارتفاع الطاقة التكريرية للسعودية بنحو 1.2 مليون برميل يوميا بحلول عام 2020، وتشمل هذه الطاقة الإنتاجية مصفاة ساتورب التي بدأت بالفعل عملياتها التشغيلية، ومصفاة ياسرف التي يتوقع أن تبدأ التشغيل في الربع الأخير من العام الجاري. وذكر التقرير الذي أعدته دائرة الاقتصاد والبحوث في "جدوى للاستثمار" أن الاستثمار الضخم في قطاع التكرير من قِبل المملكة، يتزامن مع نمو ضخم في المصافي الحديثة في دول كالهند والصين، وهو ما يعني أن المصافي السعودية الجديدة التي تستهدف الأسواق الخارجية، ستنافس في سوق عالمية صعبة. وشهدت صناعة التكرير العالمية تغيرات كثيرة خلال العقد الأخير، أهمها، تحول نمو الطلب من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى الدول خارج هذه المنظومة، فضلا عن زيادة استخدام المصافي الحديثة عالية التقنية، كوسيلة لتقليل الاعتماد على الواردات، إلى جانب أن الهند والصين شهدتا نموا كبيرا في طاقة التكرير أسهم في إيجاد فائض على مستوى العالم، تسبب بدوره في خفض هوامش أرباح التكرير ومعدلات الاستخدام، وكذلك اضطرت المصافي القديمة التي لا تقوى على المنافسة للتوقف عن العمل، منها أوروبا الغربية التي كانت من أكثر المناطق تضررا، وأخيرا تحول الولايات المتحدة بفضل الزيت الصخري من أكبر مستورد للبنزين في العالم إلى أحد أكبر مصدري الديزل، بل أسهمت كذلك في زيادة توفير المنتجات المكررة عالية الجودة في السوق العالمية. وبغض النظر عن الفائض الواضح في طاقات التكرير على مستوى العالم، هناك مجموعة كبيرة من مشاريع التكرير ستضيف طاقة تكريرية عالية الجودة تصل إلى سبعة ملايين برميل يوميا بين العام الجاري وعام 2020، وتشمل هذه الطاقة مصافي جديدة من السعودية، ينتظر أن تجعل المملكة مصدِّرا للمشتقات المتوسطة (بما فيها الديزل) بنهاية العقد الحالي، ومعها روسيا والصين والولايات المتحدة والهند. وأشار التقرير إلى أن الاستثمار في قطاع التكرير يمثل منذ فترة طويلة هدفا أساسيا لحكومة المملكة، حيث كانت، ولا تزال، ترى فيه وسيلة مضمونة لتحقيق نمو اقتصادي متنوع وتوفير فرص العمل للمواطنين، حيث بلغت الطاقة التكريرية للمملكة في نهاية عام 2013 نحو 2.5 مليون برميل في اليوم، وهي أكبر طاقة إنتاجية في منطقة الخليج، وتليها الكويت بطاقة تقدّر بنحو 0.94 مليون برميل، وبما أن معظم الطاقة الإنتاجية السعودية قد بنيت قبل 1990م، فإن تلك المصافي تعتبر قديمة وأقل تطورا ولذلك فهي تنتج نسبة كبيرة من المشتقات الثقيلة منخفضة القيمة (كزيت الوقود)، مقارنة بما تنتجه المصافي في المناطق الأخرى. وبلغ متوسط استهلاك المملكة من المنتجات المكررة عام 2002 نحو 1.2 مليون برميل في اليوم، لكن بحلول عام 2013 تضاعف هذا الاستهلاك ليبلغ متوسطه 2.2 مليون برميل، ويعود هذا النمو في الاستهلاك إلى عدة عوامل أهمها الزيادة المطردة في عدد السكان والنمو الاقتصادي وتحسن مستويات المعيشة، فيما أدت هذه العوامل مجتمعة إلى رفع استهلاك المنتجات المكررة من خلال زيادة استهلاك الكهرباء وزيادة استخدام الوقود في الصناعة وزيادة معدلات امتلاك السيارات، إلى جانب عامل آخر مهم يسهم في زيادة الاستهلاك، وهو نظام الدعم الحكومي لوقود النقل وتوليد الكهرباء. وذكرت "جدوى" أن أسعار وقود النقل في المملكة تعتبر واحدة من أقل الأسعار في العالم (يباع الديزل بنحو 6.7 سنت للتر والبنزين بـ 16 سنتا للتر)، علاوة على ذلك، تباع المنتجات المكررة بأسعار مخفضة إلى الشركة السعودية للكهرباء التي تستخدم يوميا نحو 200 ألف برميل من الديزل، و40 ألفا من زيت الوقود لتوليد الكهرباء. ونتيجة للزيادة الكبيرة في الطلب مقارنة بالنسبة المرتفعة التي تشكلها المشتقات الثقيلة في منتجات المصافي السعودية، فقد أصبح هناك عجز في إنتاج المشتقات الخفيفة والمتوسطة، وعلى وجه الخصوص، أدى الارتفاع في استهلاك الديزل والبنزين إلى زيادة مطردة في مستويات الواردات من هذين المنتجين خلال السنوات القليلة الماضية. التوسعات ستقود إلى فائض في المشتقات المتوسطة (الديزل) ويرى التقرير المصافي الثلاث الجديدة عالية التقنية التي يبلغ إجمالي إنتاجها 1.2 مليون برميل في اليوم، ستؤدي إلى تغيير ميزان المنتجات المكررة في المملكة بحلول عام 2020، لكن درجة هذا التغيير ستعتمد على نمو الطلب المحلي على تلك المنتجات، وبما أن اقتصاد المملكة سيدخل مرحلة توسعية بين الفترة الحالية وعام 2020، وفي طريقه إلى التحول إلى اقتصاد أكثر تنوعا وتطورا، فنتوقع أن ينمو الطلب على المنتجات المكررة بمعدل أسرع حتى من وتيرة النمو خلال العقد الماضي. نتيجة لذلك، ستبقى السعودية بنهاية عام 2020 مستوردا صافيا للمشتقات الخفيفة، وعلى الرغم من أن المصافي الثلاثة ستضيف ما مجموعه 260 ألف برميل في اليوم من المشتقات الخفيفة بين عامي 2014 و2020، إلا أن الطلب سينمو خلال نفس تلك الفترة بإجمالي 330 ألف برميل في اليوم، وفي ظل عدم وجود إصلاح وشيك في نظام الدعم الحكومي لأسعار وقود النقل، فمن غير المستغرب أن يصبح البنزين المحرك الأساسي لنمو الاستهلاك في المشتقات الخفيفة، وعلى الرغم من احتمالية تحقيق بعض الفائض في المشتقات الخفيفة خلال تلك الفترة المذكورة، لكن في النهاية سيتفوق الطلب على العرض بحلول عام 2020، وسيقتصر تأثير الإضافات الجديدة للطاقة التكريرية في تقليل مستوى الواردات فقط، ولن تحقق الاكتفاء الذاتي. وسيؤدي بطء وتيرة نمو الطلب على المشتقات المتوسطة، مقارنة بالمشتقات الخفيفة، إضافة إلى زيادة نسبة الطاقة الإنتاجية التكريرية المخصصة لإنتاج هذه الفئة إلى تحقيق فائض في المشتقات المتوسطة يصل إلى 470 ألف برميل يوميا بحلول عام 2020، وسيشكل الديزل عالي الجودة الذي يستوفي معايير يورو 5 نحو 90 في المائة من هذا الفائض. يُنتظر أن تصبح السعودية مصدِّرا صافيا للمشتقات المتوسطة بحلول عام 2020، إلا أن عدم وجود بديل عملي في المدى المتوسط لتوليد الكهرباء، بسبب محدودية احتياطيات الغاز الطبيعي والبنيات التحتية المصاحبة، سيعزز استمرار استخدام الديزل في تلبية الطلب المحلي على الكهرباء، وبالتالي تقليل الكميات المحتمل تصديرها، وفي ظل المستويات المرتفعة من التقنية التي تتمتع بها المصافي الثلاثة جميعها، فإن النمو في إنتاج المشتقات الثقيلة سيكون عند حده الأدنى. لكن، كما هو الحال بالنسبة للديزل، فإن الاستخدام المستمر لزيت الوقود في قطاع الطاقة، سيؤدي إلى جعل المملكة تستورد كميات صغيرة من المشتقات الثقيلة بحلول عام 2020، ما يؤدي إلى انقلاب في وضعها كدولة مصدِّرة لهذه الفئة حتى عام 2014. المنافسة على أسواق جديدة ويرى التقرير أن المصافي السعودية ستواجه منافسة حادة مع عدد من المنافسين العالميين، الذين سيسعون جميعهم لضمان الحصول على سوق لمنتجاتهم من الديزل. وتاريخياً، كانت السعودية تصدّر جميع أنواع المنتجات، بما فيها الديزل، إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، إلا أن القدرة على الاستمرار في ذلك حتى حلول عام 2020 ستكون محدودة، وستؤدي زيادة الطاقات التكريرية ذات التقنية العالية، التي تقودها الصين، إلى جعل المنطقة متخمة بالديزل، أما أمريكا الشمالية، وهي شريك تجاري تقليدي آخر في مجال الطاقة، فلن تكون في حاجة إلى واردات الديزل، كما أن التوسعات وتطوير التقنيات في قطاع التكرير حول الشرق الأوسط ستحد من فرصة تسويق المصافي السعودية منتجاتها محليا، وتبقى أوروبا الغربية وأمريكا الجنوبية وإفريقيا هي فقط المناطق التي يُتوقع أن يكون لديها عجز في منتجات الديزل حتى عام 2020، حيث إن المعايير المتشددة والمواصفات الخاصة التي تطبقها أوروبا على استخدامه يُنتظر أن تجعلها سوقاً مناسبة لمنتجات الديزل منخفض الكبريت المتوقع إنتاجها من المصافي السعودية. ولن تكون المصافي السعودية هي المنافس الوحيد في سوق أوروبا الغربية، حيث إن جميع مراكز التكرير الرئيسية التي يغلب عليها إنتاج الديزل هي أيضاً لها خطط للتصدير إلى هناك، ونتيجة لقرب المصافي الروسية من الأسواق الأوربية فإن حصة كبيرة من صادراتها من الديزل منخفض الكبريت سترسل إلى هناك. إضافة إلى ذلك، فإن صادرات المصافي الأمريكية، التي ستظل تستفيد من وفرة إمدادات الخام نتيجة للزيت الصخري، التي بلغ إجمالي صادراتها من الديزل 1 مليون برميل في اليوم، سينتهي المطاف بمعظمها في غربي أوروبا. ويؤكد التقرير أن المصافي السعودية لها ميزة تنافسية في مجال واحد هو توافر الخام اللقيم، ويجب تكييف المصافي الجديدة بحيث تستطيع معالجة الخام الثقيل لتنتج منه مشتقات متوسطة وخفيفة، وينتظر أن يأتي إمداد تلك الخامات من آخر الحقول الكبيرة في السعودية، ألا وهو حقل منيفة، وبما أن الحقل ستبلغ طاقته الإنتاجية القصوى البالغة 0.9 مليون برميل يومياً بنهاية عام 2014، فيمكنه توفير الخام للمصافي الثلاثة في الجبيل وينبع وجيزان. وأشار إلى أن التغييرات التي تجري حالياً في سوق التكرير العالمية، حيث يُنتظر أن تدخل السوق طاقات إنتاجية كبيرة وذات تقنيات عالية، تحتم على المصافي السعودية أن تتطلع، في المدى البعيد، إلى ما وراء الأسواق التقليدية كأوروبا وآسيا والمحيط الهادئ وأن تكيف نفسها لإيجاد أسواق جديدة لمنتجاتها المكررة، وأنسب هذه المناطق حالياً هي إفريقيا وبدرجة أقل، نتيجة لبعد المسافة.

مشاركة :