(ضفدع الفيلق) أم (ضفدع الأسد)؟ زمن المراجعات في الثورة السورية

  • 4/1/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

ليس الجواب المباشر للسؤال أعلاه مهماً كما يعتقد البعض، وإنما دلالات القصة، وأهمها التأكيد على ضرورة الاستفادة من دروس الثورة، لضمان استمرارها، قبل كل شيء. وبعكس ما يعتقد البعض، ويُطالبون، تَفرضُ عملية المراجعات نفسَها في هذه المرحلة، الأصعب، من عمر الثورة السورية، أكثر منها في أي وقتٍ آخر. وسيكون منعُ هذا الطرح ومحاصرته خطيراً في هذه المرحلة بالذات، لأن كل حدثٍ فيها يصرخ بضرورة المسارعة لمراجعاتٍ في غاية العمق والجدية والشمول، بل والدعوة إلى ثورةٍ في فكر الثورة، على كل صعيد. كل شيءٍ في سوريا الثورة يحتاج اليوم إلى مراجعات. كل المواقف والأفكار والممارسات والمشاريع وأساليب التخطيط والإدارة والعمل والقيادة تحتاج إلى مراجعة. فرغم قصص العطاء والتضحية الكثيرة، والمذهلة بشكلٍ يبعث على الأمل. ورغم الكمون الهائل الموجود لدى شرائح الشعب السوري مما لايعلم حقيقته إلا المتابع القريب. ومع كل اليقين، المبني على استقراء سنن الاجتماع البشري وقوانينه، بحتمية انتصار الثورة، بمعناها الأكبر. مع كل ماسبق، لايمكن التهرب من حقيقة وصول أهل الثورة إلى حالٍ من الفوضى العارمة على كل المستويات، بحيث افتقدت المبادرة إلى درجة كبيرة، وأصبح مسارُها العام سلسلةً من ردود الأفعال السياسية والعسكرية والإعلامية والإغاثية. ثمة شبهاتٌ أساسية لابد من تحرير القول فيها حين تُعرض هذه القضية. فالمراجعات بمعناها العلمي المطلوب ليست مسؤولية جماهير المواطنين من أهل الثورة الذين بذلوا، ولايزالون، ما يستطيعون لدعمها واستمرارها، كلٌ في مجاله وحسب قدرته. والفوضى التي نتحدث عنها ليست مسؤوليتهم على الإطلاق. بل الأمرُ على العكس من ذلك تماماً، فإذا كان ثمة إنجازات تَقدُم للثورة، وهي موجودةٌ وكثيرة، فإنها ناتجةٌ قبل كل شيء عن العبقرية الجَمعية للسوريين من جميع الشرائح. فهذه العبقرية هي التي أطلقت الثورة ابتداءً، وهي التي فجرت مواقف وإبداعات جعلتها ظاهرةً فريدة من ظواهر التاريخ والحياة بشكلٍ عام. ثم إن ما يُسمى عُرفاً بـ (النُخب) السياسية والعسكرية التحقت بعد ذلك بمسيرة الثورة، وصار لها بِحُكم طبائع الأمور في زمننا التأثيرُ الأكبر في مسار الثورة ومصيرها. من هنا تحديداً، نتحدث عن مسؤولية هذه (النخب) التي تصدت لـ (إدارة الثورة) بلسان الحال وبلسان المقال، وعن ضرورة مسارعتها بعملية المراجعات، لاستعادة روح المبادرة وروح الإبداع وروح التنظيم التي ميزت بدايات الثورة، وكانت الشاهد على العبقرية الجمعية التي نتحدث عنها. أما الشبهة الثانية فتتمثل في أن المراجعات تَشغل الناس عن المهمة الأساسية المتمثلة في مقاومة النظام. ورغم إمكانية حدوث هذا، إذا كانت النياتُ سيئةً، أوطريقة التفكير في المراجعات وتنفيذها تقليديةً وفوضوية. إلا أن الحقيقة هي عكسُ ذلك تماماً، إذا أردنا التفكير بطريقةٍ علمية. فضلاً عن أن ممارسات وتجارب الأمم والدول عبر التاريخ تُثبت تلك الحقيقة عملياً. فالنظام يعتاشُ عملياً، وبشكلٍ تدريجي متصاعد، على أخطاء الأطراف السياسية والعسكرية المتكررة. وهو يعتاش عليها ربما بنفس الدرجة، أو أكثر، من جهوده الذاتية، ومن العون الذي يأتيه من الخارج، على هَوله. يَصدُقُ في هذا ماكان ينقله الشيخ محمد الغزالي رحمه الله من الأمثال والحِكَم العربية حين كان يُكرر: «إن البُغاثَ بأرضِنا يِستنسر» و «استأسدَ الحمَلُ لما استنوق الجملُ». وفي مثالنا الراهن، ليست القضية فيما إذا كان المدعو بسام ضفدع عميلاً للنظام اندس في صفوف الثورة، أو بقي في دوائرها بشكلٍ أو بآخر. ليس مهماً حتى، على المستوى الاستراتيجي، تَحرُّكُهُ الذي ساهم في اختراق جزءٍ واسع في الغوطة الشرقية. وإنما في دراسة مجمل الملابسات التي أحاطت بالقضية، من كيفية وصوله لموقعه إلى ما جرى بين الفصائل بسبب خيانته، مروراً بخطورة استعمال الصفة الشرعية في صناعة القرار السياسي والأمني والعسكري للثورة، وحتمية مراجعة هذا (المؤهِّل) بشكلٍ جذري. يجب أن تلفت نظرَ العقلاء كثيراً، في هذا المجال، دلالةُ الخطاب فيما وَردَ على أحد المواقع المؤيدة للنظام عن الخائن المذكور: «هذا الرجل علامة فارقة في التصدي للحرب على سورية.. ويجب أن يعلم الجميع أنه كان فدائياً من طراز نادر، يعيد للمرء ثقته برجل الدين.. بطل، لا يقل عن رجال الله في الميدان، أعار روحه لله، وتحمل وخاطر.. وأنجز المهمة».

مشاركة :